المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 3654


حور العين
12-25-2016, 04:30 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ اختر دواءك بنفسك ]

هذه نصيحة أهداها إليك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فأمسكها
بكلتي يديك وعضَّ عليها بناجزيك ، فقد كان ابن مسعود قليل الصوم ،
وكان يقول ‏:‏

" إذا صمت ضعفت عن الصلاة ؛ وأنا أختار الصلاة على الصوم " ‏‏ ،

‏وكان بعضهم إذا صام ضعف عن قراءة القرآن ، فكان يكثر الفطر
حتى يقدر على التلاوة ، وكل إنسان أعلم بحاله وما يُصلحه.

كل منا مريض في جانب من الجوانب ، وكلنا يحتاج إلى الدواء ، لكن نوع
الدواء الشافي يختلف من مريض إلى آخر ، لأن النفوس تتباين وتختلف
اختلافا شاسعا ، وبالتالي فليس كل دواء يُحدِث نفس الأثر في جميع
النفوس ، قد تشكو قسوة قلبك وتفقد حلاوة القرب منه ، فلا يكون هناك
دواء أفضل لحالتك من ركعتين في جوف الليل تغتسل فيهما بالدموع ،
وربما كان أفضل دواء في حق غيرك أن يخرج من ماله صدقة لله ،
وثالث يُشفى بعبرة في خلوة ، ورابع بمسح رأس يتيم ، وخامس بإطعام
مسكين ، وسادس بمجالسة صالح ، وسابع بدعاء خاشع أمام مقبرة
أو تشييع ميت وحمل نعش ، وثامن بصيام تطوع وإلا قسا قلبه وساءت
حاله ، وكلٌ أدرى بدوائه وأعلم بحاله ، ولابد لك أن تُجرِّب سائر الأدوية
لتعرف أيها أنسب لك ، ومداوٍ لحالتك.

قال ابن القيِّم شارحا :
" ومراضيه متعددة متنوعة بحسب الأزمان والأماكن والأشخاص
والأحوال ، وكلها طرق مرضاته ، فهذه التي جعلها الله لرحمته وحكمته
كثيرة متنوعة جدا لاختلاف استعدادات العباد وقوابلهم ، ولو جعلها نوعا
واحدا مع اختلاف الأذهان والعقول وقوة الاستعدادات وضعفها لم يسلكها
إلا واحد بعد واحد ، ولكن لما اختلفت الاستعدادات تنوعت الطرق ؛ ليسلك
كل امرىء إلى ربه طريقا يقتضيها استعداده وقوته وقبوله " .

ومن ذلك ما فعله جعفر بن سليمان حين عرف أنسب دواء
له وجرَّبه فوجده أجدى ما يكون فانطلق يحكي :

" كنتُ إذا وجدت من قلبي قسوة نظرت إلى وجه محمد بن واسع نظرة ،
وكنت إذا رأيت وجه محمد بن واسع حسبت أن وجهه وجه ثكلى " .

أخي .. إذا أحسست بنفسك تسبح منك نحو ساحل الفتور ، ولمست قلبك
فأحسست بقساوته ، وطلبت عينك فوجدتها جافة من قلة الدمع ، وبحثت
عن روحك فوجدتها سارحة مع غير الله ؛ فهرول مسرِعا إلى أسرع
ما يشفيك وأعظم ما يُحدِث أثره فيك ، لتغرف منه وتشرب
فترتوي وتهتدي بإذن باريك.


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك

على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين