حور العين
03-19-2017, 06:00 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
[ الحال والمآل في قصة موسى -عليه السلام- ]
يقول ابن الجوزي- رحمه الله تعالي- :
(من عاين بعين بصيرته تناهي الأمور في بداياتها ، نال خيرها، ونجا
من شرها ، ومن لم ير العواقب غلب عليه الحسُّ فعاد عليه بالألم ما طلب
منه السلامة وبالنصب ما رجا منه الراحة ).
يتلخص كلام ابن الجوزي - رحمه الله- في كلمتين الحال والمآل .الحال:
هي الحَالَةِ الحَاله التي يعيشها الإنسان والمآل: هو ما ينتهي إليه حاله
.فربما كانت الحالة مُرَه فانقلبت على غير ما يريد والعكس
ولا تنظر نقص البدايات ولكن أنظر إلى كمال النهايات ،
وضربنا مثلاً بذلك بقصة يوسف- عليه السلام- .
نَضْرِبُ مَثَلا بِقِصَّةٍ مُوْسَىْ- عَلَيْهِ الْسَّلَامُ-:وأنتم تعلمون كما في مطلع
سورة القصص أن الله- تبارك وتعالي- أمر أم موسى أن تلقي موسى
في اليم كل هذا لينجو من فرعون، تمام القصة تعرفونها .
لكن الذي أرجو أن أقف عليه وهو ملتقط كلام بالحال والمآل قوله تعالى:
{ فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا
إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ *
وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ
لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }
(القصص:9،8) .
الشاهد من الآية: الكلام فيه تقديم وتأخير، :
{ فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُم}
لَهُمْ قرة عين أم يكون لهم
{ عَدُوًّا وَحَزَنًا }
ليكون لهم قرة عين, لأنهم لو علموا أنه سيكون لهم عدوًا
وحزنًا ما التقطوه .
فيكون الكلام فيه تقديم وتأخير
{ وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ
لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }
أنه يكون لهم عَدُوًّا وَحَزَنًا ، لما التقطوه أرادوا أن يكون قرة عين
لكن الله- عز وجل- أراد أن يكون عَدُوًّا وَحَزَنًا لما تنظر إلى الحال ،
حال موسى وأم موسى ، ألقته في اليم وأصبح فؤادها فارغًا .
بعض أهل التفسير: قال في تفسير قوله تعالى:(فارغًا) أصبح فؤادها خاليًا
هادئًا (وهذا الكلام خطأ) ،لأن سياق الآيات ينكره , (إنما فارغًا): أي:
طار فؤادها ولبها ، كما قال تعالي:
{ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ }
(إبراهيم:43) ،
الإنسان إذا وقف يوم القيامة طار لبه وطار فؤاده لا يكون عنده قلب
من شدة الهول والرعب ، فهي أم ألقت بولدها في اليم،كما يقول العلماء
كان من المفترض فإذا خفت عليه
فضعيه في حرزٍ أمين ، أو في حرزٍ مكين
وليس إذا خفت عليه أن ترميه في البحر ، لا .
ومع ذلك فعلت لأنها أُمرت بهذا ، لأن الله – عز وجل- قال:
{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى }
(القصص:7) ،
فهذا فيه أمر، الوحي هنا بمعنى الأمر ، أمرت أن تلقيه ،
وغُلِبت على أن تلقيه، فألقته في اليم ، فأخذه فرعون عدوه ؟
فعندنا أمران : 1-ترميه في البحر 2-، ويلتقطه فرعون عدوه ، الذي
من أجل أن ينجوا منه ألقته في البحر ,فيكون فؤادها فارغًا ، أي طار
قلبها وطار لبها ، ولذلك قال الله- عز وجل-:
{ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي به }
(القصص:10)
من شدة خوفها ورعبها والهول التي تشعر به كادت أن تقول:
هذا ابني وأنا رميته لكي أهربه من فرعون ، من كثرة الرعب ، لماذا؟ .
الانتظار أم الموت، لما يكون ولد تائه وبحثوا عنه في المستشفيات
وأقسام الشرطة وبحثوا عنه في الأرض فلم يجدوه ، فيقولون لو مات
ودفناه وعرفنا مثواه لاسترحنا ، لكن لا نعرف أين هو ،
وأين ذهب ؟ هل هو حي أم ميت ؟ يأكل يشرب ،
معذب أم غير معذب ، فهذا هو العذاب الأليم .
لولا أن الله- عز وجل- ربط على قلبها لأفشت هذا الذي فعلته ,
(فهذه الحال حال أم موسى وحال موسى)- عليه السلام- ،
(وانظر إلى مآل موسى)- عليه السلام-
{ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ }
(القصص:7) ،
مآله في النهاية كان مآلاً حميدًا .
وَلَاحَظَ الْفِرَقَ مَا بَيْنَ مَا امْتَنَّ بِهِ الْلَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- عَلَىَ يُوَسُفَ-
عَلَيْهِ الْسَّلَامُ- وَمَا امْتَنّ بِهِ عَلَىَ مُوْسَىْ- عَلَيْهِ الْسَّلَامُ-
قال في حق يوسف- عليه السلام-
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }
(يوسف:22) .
وقال في حق موسى:
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ واستوي آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا
وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }
(القصص:14) ،
الذي زاد على موسى عليه السلام (واستوي )، لماذا ؟
لأن يوسف- عليه السلام- لم يرسل إلى جبار عنيد ولم يناظر أحدًا.
المناظرة التي أقامها يوسف- عليه السلام- كانت في السجن ،
{ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }
(يوسف:39)
أقام دعوة التوحيد ودعا إلى الله -عز وجل- في السجن وهذا كان في حال
حاجة الناس إليه إنما موسى- عليه السلام- أرسل إلى أعتى جبار عرفته
الأرض ، لم يدعي أحد الإلوهية وجحد الصانع إلا فرعون ، هو الوحيد
الذي قال: وما رب العالمين ، لم يقولها أحدًا غيره .
الكفار كانوا يعتقدون ربوبية الله- عز وجل- ، أنما الذي يجحد ربوبية الله
لم تحدث إلا في فرعون أو من تمذهب بمذهبه من الدهرية,جرى بين
موسى- عليه السلام -وبين فرعون جولات في المناظرة ، ولأجل هذا
لا ترى نبيًا جرى على لسانه ذكر الخوف أكثر من موسى- عليه السلام- ،
في كل خطوة يقول أنا خائف:
{ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى }
(طه:67)
{ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ }
(القصص:21)
حياته كلها خوف حتى لما وقف في موقف المناظرة
ورأى الهالة الكبيرة ،.
وفي بعض الآثار الإسرائيلية أن موسى- عليه السلام- لما وقف في موقف
المناظرة مع فرعون فرأى ما هاله من شكل فرعون والوزراء والناس
كلها يقفون لكي يشاهدوا على هذه المناظرة فخاف
{ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأعْلَى }
(طه:68،67).
في هذا الأثر الإسرائيلي قال الله- عز وجل- لموسى- عليه السلام-
وهارون: ( لا تنظرا إلى لباسه فإن قلبه بيدي )والمسألة كلها مربوطة
بقوة القلب ، أي إنسان شجاع هذا لشجاعة قلبه ،
جبان لخفة قلبه ، والجوارح إنما هي تبع ، العضلات وغير ذلك كلها ليس
لها أي قيمة إذا كان القلب ضعيفًاـ القوة في الحقيقة هي قوة القلب ،
وليست قوة الجوارح أو غير ذلك .
إِذَا قَوِيَّ الْقَلْبِ أَعْطَىَ لِلْجَوَارِحِ قوة ، إِذَا ضَعُفَ الْقَلْبِ أَخَذَ قُوَّةً الْجَوَارِحِ :
وموسى -عليه السلام -ناظر فرعون المناظرة الشهيرة التي هي في مطلع
سورة الشعراء ، وكان موفقًا مسددًا بتسديد الله-
عز وجل- إياه في إقامة الحجة على فرعون ، لذلك ربنا- عز وجل- قال:
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ واستوي }.
استوي في أن يقف في مواجهة فرعون فعندنا الحال والمآل
في قصة موسى وفرعون .
اللهم ياحي ياقيوم نسألك أن تصلح شأننا كله عاجله
وآجله ظاهره وخفيه اللهم آمين.
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
درس اليوم
[ الحال والمآل في قصة موسى -عليه السلام- ]
يقول ابن الجوزي- رحمه الله تعالي- :
(من عاين بعين بصيرته تناهي الأمور في بداياتها ، نال خيرها، ونجا
من شرها ، ومن لم ير العواقب غلب عليه الحسُّ فعاد عليه بالألم ما طلب
منه السلامة وبالنصب ما رجا منه الراحة ).
يتلخص كلام ابن الجوزي - رحمه الله- في كلمتين الحال والمآل .الحال:
هي الحَالَةِ الحَاله التي يعيشها الإنسان والمآل: هو ما ينتهي إليه حاله
.فربما كانت الحالة مُرَه فانقلبت على غير ما يريد والعكس
ولا تنظر نقص البدايات ولكن أنظر إلى كمال النهايات ،
وضربنا مثلاً بذلك بقصة يوسف- عليه السلام- .
نَضْرِبُ مَثَلا بِقِصَّةٍ مُوْسَىْ- عَلَيْهِ الْسَّلَامُ-:وأنتم تعلمون كما في مطلع
سورة القصص أن الله- تبارك وتعالي- أمر أم موسى أن تلقي موسى
في اليم كل هذا لينجو من فرعون، تمام القصة تعرفونها .
لكن الذي أرجو أن أقف عليه وهو ملتقط كلام بالحال والمآل قوله تعالى:
{ فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا
إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ *
وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ
لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }
(القصص:9،8) .
الشاهد من الآية: الكلام فيه تقديم وتأخير، :
{ فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُم}
لَهُمْ قرة عين أم يكون لهم
{ عَدُوًّا وَحَزَنًا }
ليكون لهم قرة عين, لأنهم لو علموا أنه سيكون لهم عدوًا
وحزنًا ما التقطوه .
فيكون الكلام فيه تقديم وتأخير
{ وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ
لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }
أنه يكون لهم عَدُوًّا وَحَزَنًا ، لما التقطوه أرادوا أن يكون قرة عين
لكن الله- عز وجل- أراد أن يكون عَدُوًّا وَحَزَنًا لما تنظر إلى الحال ،
حال موسى وأم موسى ، ألقته في اليم وأصبح فؤادها فارغًا .
بعض أهل التفسير: قال في تفسير قوله تعالى:(فارغًا) أصبح فؤادها خاليًا
هادئًا (وهذا الكلام خطأ) ،لأن سياق الآيات ينكره , (إنما فارغًا): أي:
طار فؤادها ولبها ، كما قال تعالي:
{ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ }
(إبراهيم:43) ،
الإنسان إذا وقف يوم القيامة طار لبه وطار فؤاده لا يكون عنده قلب
من شدة الهول والرعب ، فهي أم ألقت بولدها في اليم،كما يقول العلماء
كان من المفترض فإذا خفت عليه
فضعيه في حرزٍ أمين ، أو في حرزٍ مكين
وليس إذا خفت عليه أن ترميه في البحر ، لا .
ومع ذلك فعلت لأنها أُمرت بهذا ، لأن الله – عز وجل- قال:
{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى }
(القصص:7) ،
فهذا فيه أمر، الوحي هنا بمعنى الأمر ، أمرت أن تلقيه ،
وغُلِبت على أن تلقيه، فألقته في اليم ، فأخذه فرعون عدوه ؟
فعندنا أمران : 1-ترميه في البحر 2-، ويلتقطه فرعون عدوه ، الذي
من أجل أن ينجوا منه ألقته في البحر ,فيكون فؤادها فارغًا ، أي طار
قلبها وطار لبها ، ولذلك قال الله- عز وجل-:
{ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي به }
(القصص:10)
من شدة خوفها ورعبها والهول التي تشعر به كادت أن تقول:
هذا ابني وأنا رميته لكي أهربه من فرعون ، من كثرة الرعب ، لماذا؟ .
الانتظار أم الموت، لما يكون ولد تائه وبحثوا عنه في المستشفيات
وأقسام الشرطة وبحثوا عنه في الأرض فلم يجدوه ، فيقولون لو مات
ودفناه وعرفنا مثواه لاسترحنا ، لكن لا نعرف أين هو ،
وأين ذهب ؟ هل هو حي أم ميت ؟ يأكل يشرب ،
معذب أم غير معذب ، فهذا هو العذاب الأليم .
لولا أن الله- عز وجل- ربط على قلبها لأفشت هذا الذي فعلته ,
(فهذه الحال حال أم موسى وحال موسى)- عليه السلام- ،
(وانظر إلى مآل موسى)- عليه السلام-
{ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ }
(القصص:7) ،
مآله في النهاية كان مآلاً حميدًا .
وَلَاحَظَ الْفِرَقَ مَا بَيْنَ مَا امْتَنَّ بِهِ الْلَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- عَلَىَ يُوَسُفَ-
عَلَيْهِ الْسَّلَامُ- وَمَا امْتَنّ بِهِ عَلَىَ مُوْسَىْ- عَلَيْهِ الْسَّلَامُ-
قال في حق يوسف- عليه السلام-
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }
(يوسف:22) .
وقال في حق موسى:
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ واستوي آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا
وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }
(القصص:14) ،
الذي زاد على موسى عليه السلام (واستوي )، لماذا ؟
لأن يوسف- عليه السلام- لم يرسل إلى جبار عنيد ولم يناظر أحدًا.
المناظرة التي أقامها يوسف- عليه السلام- كانت في السجن ،
{ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }
(يوسف:39)
أقام دعوة التوحيد ودعا إلى الله -عز وجل- في السجن وهذا كان في حال
حاجة الناس إليه إنما موسى- عليه السلام- أرسل إلى أعتى جبار عرفته
الأرض ، لم يدعي أحد الإلوهية وجحد الصانع إلا فرعون ، هو الوحيد
الذي قال: وما رب العالمين ، لم يقولها أحدًا غيره .
الكفار كانوا يعتقدون ربوبية الله- عز وجل- ، أنما الذي يجحد ربوبية الله
لم تحدث إلا في فرعون أو من تمذهب بمذهبه من الدهرية,جرى بين
موسى- عليه السلام -وبين فرعون جولات في المناظرة ، ولأجل هذا
لا ترى نبيًا جرى على لسانه ذكر الخوف أكثر من موسى- عليه السلام- ،
في كل خطوة يقول أنا خائف:
{ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى }
(طه:67)
{ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ }
(القصص:21)
حياته كلها خوف حتى لما وقف في موقف المناظرة
ورأى الهالة الكبيرة ،.
وفي بعض الآثار الإسرائيلية أن موسى- عليه السلام- لما وقف في موقف
المناظرة مع فرعون فرأى ما هاله من شكل فرعون والوزراء والناس
كلها يقفون لكي يشاهدوا على هذه المناظرة فخاف
{ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأعْلَى }
(طه:68،67).
في هذا الأثر الإسرائيلي قال الله- عز وجل- لموسى- عليه السلام-
وهارون: ( لا تنظرا إلى لباسه فإن قلبه بيدي )والمسألة كلها مربوطة
بقوة القلب ، أي إنسان شجاع هذا لشجاعة قلبه ،
جبان لخفة قلبه ، والجوارح إنما هي تبع ، العضلات وغير ذلك كلها ليس
لها أي قيمة إذا كان القلب ضعيفًاـ القوة في الحقيقة هي قوة القلب ،
وليست قوة الجوارح أو غير ذلك .
إِذَا قَوِيَّ الْقَلْبِ أَعْطَىَ لِلْجَوَارِحِ قوة ، إِذَا ضَعُفَ الْقَلْبِ أَخَذَ قُوَّةً الْجَوَارِحِ :
وموسى -عليه السلام -ناظر فرعون المناظرة الشهيرة التي هي في مطلع
سورة الشعراء ، وكان موفقًا مسددًا بتسديد الله-
عز وجل- إياه في إقامة الحجة على فرعون ، لذلك ربنا- عز وجل- قال:
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ واستوي }.
استوي في أن يقف في مواجهة فرعون فعندنا الحال والمآل
في قصة موسى وفرعون .
اللهم ياحي ياقيوم نسألك أن تصلح شأننا كله عاجله
وآجله ظاهره وخفيه اللهم آمين.
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين