المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخلاقيات الشوارع


vip_vip
07-05-2011, 10:45 AM
أخلاقيات الشوارع


بقلم داليا رشوان

الشارع جزء لا يتجزأ من مجتمعنا،
مثله مثل بيوتنا ومقر عملنا وبيوت من يستضيفوننا من أقارب أو أصدقاء
وربما نقضي به وقتا طويلا من حياتنا.
تربطنا بهذه الأماكن جميعا سلوكيات واحدة والإختلاف الوحيد
هو أن هذه السلوكيات تتضمن معاملة الغرباء.


في الآونة الأخيرة (http://www.ataaalkhayer.com/) أصبحت أشعر أن الناس تخرج من بيوتها
إلى الشارع بنفسية تفترض بها أن جميع من بالشارع
أعداء ويتربصون بهم وعلى هذا الأساس يحتكون بهم
ويحدث ذلك أحيانا دون أي مبرر منطقي.


بعد الثورة المصرية قل هذا السلوك إلى حد ما ولكن مع عودة الحياة
إلى طبيعتها ظهر أن هذا الإنخفاض لم يكن بالمستوى
المرجو ولا تزال النفوس بحاجة إلى تغيير.


سلوكيات الشارع (http://www.ataaalkhayer.com/) هي سلوكيات تفضح معدن الإنسان الحقيقي
لأنه لا ينافق أحد بل يتعامل مع من لا يعرفهم ولا يعرفونه
ولن يراهم مرة أخرى بالإضافة إلى أنه غالبا لا يجمعه بهم إلا ثوانٍ قليلة.
الدافع الوحيد للإحسان مع الناس في الشارع إما لأن هذا سلوكك الطبيعي
أو لأنك تعامل الله الذي يراقبك في كل وقت ولا تعامل الناس
الذين لن تأخذ منهم شيئا سواء أحسنت معهم أو أسأت.


هناك مواقف كثيرة تحدث في الشارع تدل على تفكير عدواني
أو أناني أو سطحي أو تفكير دنيوي مادي بحت مبني على المصلحة الشخصية.


من هذه المواقف، على سبيل المثال، أثناء قيادتك للسيارة
قد لا ترى سيارة أخرى أو شخص سائر في الطريق فتقف في الوقت المناسب،
ولكنك إن نجوت من التصادم فلن تنجو من وصلة السباب
التي يفترض بها من أمامك أنك كنت تتعمد أن تخيفه مثلا،
ولا يفكر ولو للحظة أنه ليس معافى من أن يخطأ نفس الخطأ
في الدقيقة التي تليها وقد يسلط الله عليه من هو أكثر بذاءة منه.


هناك آخرين يقفون أينما يشائون بسياراتهم غير عابئين بالطريق
وأنهم تسببوا في تعطيله،
إنما هي إحتياجاتهم فقط التي يضعونها
في بؤرة إهتمامهم أما الآخرين فعليهم الإنتظار،
ولكن الحياة ليست هكذا فكما تفعل يُفعل بك،
سواء عطلت الطريق بأي شكل أو أخذت مكانين أثناء ركنك
لسيارتك حتى تترك لنفسك براحا وتعذب الآخرين أو حين تركن سيارتك
وراء سيارة وتستخدم المكابح دون مراعاة لمعاناة صاحب السيارة
الذي حبسته وقررت أنا لا يخرج من مكانه إلا بعد حضورك،
كل ذلك إن فعلته في الآخرين سوف يُرَد لك ولكنه للآخرين إبتلاء
وقال الله تعالى
{ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً }
أما ما سيحدث لك فهو رد لمظالمهم لذا سيكون أشد عليك.


فِكر آخر تجده فيمن لا يملك سيارة حيث يسير في وسط الشارع
بكل بطء وكأن مالك السيارة عدوه ويجب أن يدفع ضريبة
أنه يملك سيارة وغيره لا يملك بأن ينتظر مرور السائر
على قدميه وهو يأخذ راحته الكامله في إشغال الطريق.
هذا السائر لم يفكر أن الطريق ليس فقط للسيارات الملاكي
وأن وسائل المواصلات التي يركبها تسير هي الأخرى في نفس الشارع
فهو لا يعطل الأعداء من أصحاب الملاكي فقط ولكن يعطل إخوته
الذي يركبون المواصلات العامة ويؤخرهم عن مصالحهم.


موقف آخر يقوم به السائر في الطريق وهو أن يمر من أمام السيارات
بطل جرأة دون أن ينتظر مرور السيارات وهدوء الطريق
وأحيانا يفعل ذلك وليس هناك في الشارع إلا سيارة واحدة
فلا يتركها ويصر على المرور من أمامهم. والمفهوم
هنا نعلمه جميعا فدائما ما يقولون
"السواق مش حيودي نفسه في داهية ده
أنا ممكن أسجنه لو داسني بالعربية"،
وهنا لا يفترض أن السائق قد لا يراه أو قد لا يستطيع
أن يوقف السيارة في الوقت المناسب، (http://www.ataaalkhayer.com/)ويفترض أيضا
أنه سيخرج سليم معافى من الحادثة وأنه لن يموت أو على الأقل
يصاب بعاهة مستديمة لن ينفعه فيها ولا حتى إعدام السائق.


وكما نرى، فإن الشارع ليس مكانا تستباح فيه السلوكيات السيئة
لمجرد أنك لن ترى هؤلاء الغرباء مرة أخرى ولكنها منظومة كاملة
وجزء من حياتك يؤثر فيها لأن الذي يحاسبك ويعطي الحقوق
ليس من حولك ولكن الله سبحانه وتعالى الذي يراقبك في كل وقت
ويكتب إما لك أو عليك كل جزء من الثانية من حياتك سواء
أسررت بالقول والفعل أو جهرت بهما وسواء كان من أمامك
من الناس من هو قادر عليك أو غير قادر.


الشارع ليس إستعراض قوى، وما نفعله أثناء سيرنا فيه
يرد إلينا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر،
وهذا الشارع في النهاية ملك لنا جميعا نتشاركه
وعلينا أن نحافظ عليه وعلى جمال علاقتنا ببعضنا فيه
حتى لو لم يعرف بعضنا الآخر.
فقد تخرج من بيتك محملا بأعباء الحياة وإشارة من قائد إحدى السيارات
بالشكر أو السلام أو الإعتذار تجدها في لحظة تبدد شعورك بمرارة أعبائك.


إن التعامل مع الناس في الشارع بأخلاقيات راقية أو الرد
على المسئ بشكل حضاري يمتص غضب من أمامك ويجبره
على الرد بما يتناسب مع ما قدمته له من إحترام
وهذا ما يحدث غالبا وإذا كان هناك إستثناءات
فقد قال الله تعالى أنه سبحانه
{ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين }
أي أنك في جميع الأحوال الفائز.
http://www6.0zz0.com/2011/03/09/18/472116518.gif (http://www.ataaalkhayer.com/)