المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث اليوم 3772


حور العين
04-20-2017, 09:50 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

حديث اليوم

( باب: الْحَوَالَةِ وَهَلْ يَرْجِعُ فِي الْحَوَالَةِ )


حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ

رضي الله تعالى عنهم أجمعين

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ )



الشروح‏:‏



قوله‏:‏ ‏(‏عن الأعرج عن أبي هريرة‏)

‏ قد رواه همام عن أبي هريرة، ورواه ابن عمر وجابر مع أبي هريرة‏.‏



قوله‏:‏ ‏(‏مطل الغني ظلم‏)

‏ في رواية ابن عيينة عن أبي الزناد عند النسائي وابن ماجة ‏"‏ المطل ظلم

الغني ‏"‏ والمعنى أنه من الظلم، وأطلق ذلك للمبالغة في التنفير

عن المطل، وقد رواه الجوزقي من طريق همام عن أبي هريرة بلفظ ‏"‏

إن من الظلم مطل الغني ‏"‏ وهو يفسر الذي قبله، وأصل المطل المد،

قال ابن فارس‏:‏ مطلت الحديدة أمطلها مطلا إذا مددتها لتطول‏.‏



وقال الأزهري‏:‏ المطل المدافعة، والمراد هنا تأخير ما استحق

أداؤه بغير عذر‏.‏



والغني مختلف في تفريعه ولكن المراد به هنا من قدر على الأداء فأخره

ولو كان فقيرا كما سيأتي البحث فيه‏.‏



وهل يتصف بالمطل من ليس القدر الذي استحق عليه حاضرا عنده لكنه

قادر على تحصيله بالتكسب مثلا‏؟‏ أطلق أكثر الشافعية عدم الوجوب،

وصرح بعضهم بالوجوب مطلقا، وفصل آخرون بين أن يكون أصل الدين

وجب بسبب يعصى به فيجب وإلا فلا، وقوله ‏"‏مطل الغني ‏"‏ هو من

إضافة المصدر للفاعل عند الجمهور، والمعنى أنه يحرم على الغني القادر

أن يمطل بالدين بعد استحقاقه بخلاف العاجز، وقيل هو من إضافة المصدر

للمفعول، والمعنى أنه يجب وفاء الدين ولو كان مستحقه غنيا ولا يكون

غناه سببا لتأخير حقه عنه، وإذا كان كذلك في حق الغني فهو في حق

الفقير أولى، ولا يخفى بعد هذا التأويل‏.‏



قوله‏:‏ ‏(‏فإذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع‏)‏

المشهور في الرواية واللغة كما قال النووي إسكان المثناة في ‏"‏ أتبع ‏"‏

وفي ‏"‏ فليتبع ‏"‏ وهو على البناء للمجهول مثل إذا أعلم فليعلم، تقول

تبعت الرجل بحقي أتبعه تباعة بالفتح إذا طلبته‏.‏



وقال القرطبي‏:‏ أما أتبع فبضم الهمزة وسكون التاء مبنيا لما لم يسم فاعله

عند الجميع، وأما فليتبع فالأكثر على التخفيف، وقيده بعضهم بالتشديد،

والأول أجود‏.‏

انتهى‏.‏



وما ادعاه من الاتفاق على أتبع يرده قول الخطابي‏:‏ إن أكثر المحدثين

يقولونه بتشديد التاء والصواب التخفيف، ومعنى قوله ‏"‏ أتبع فليتبع ‏"‏

أي أحيل فليحتل، وقد رواه بهذا اللفظ أحمد عن وكيع عن سفيان الثوري

عن أبي الزناد‏.‏



وأخرج البيهقي مثله من طريق يعلى بن منصور عن أبي الزناد عن أبيه

وأشار إلى تفرد يعلى بذلك، ولم يتفرد به كما تراه، ورواه ابن ماجة من

حديث ابن عمر بلفظ ‏"‏ فإذا أحلت على ملئ فاتبعه ‏"‏ وهذا بتشديد التاء

بلا خلاف، ‏"‏ والملئ ‏"‏ بالهمز مأخوذ من الملاء يقال ملؤ الرجل بضم

اللام أي صار مليا‏.‏



وقال الكرماني‏:‏ الملي كالغني لفظا ومعنى، فاقتضى أنه بغير همز،

وليس كذلك فقد قال الخطابي أنه في الأصل بالهمز ومن رواه بتركها فقد

سهله، والأمر في قوله فليتبع للاستحباب عند الجمهور، ووهم من نقل

فيه الإجماع، وقيل هو أمر إباحة وإرشاد وهو شاذ، وحمله أكثر الحنابلة

وأبو ثور وابن جرير وأهل الظاهر على ظاهره، وعبارة الخرقي ‏"‏

ومن أحيل بحقه على ملئ فواجب عليه أن يحتال‏"‏‏.‏



‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:

ادعى الرافعي أن الأشهر في الروايات ‏"‏ وإذا أتبع ‏"‏ وأنهما جملتان

لا تعلق لإحداهما بالأخرى، وزعم بعض المتأخرين أنه لم يرد إلا بالواو،

وغفل عما في صحيح البخاري هنا فإنه بالفاء في جميع الروايات، وهو

كالتوطئة والعلة لقبول الحوالة، أي إذا كان المطل ظلما فليقبل من يحتال

بدينه عليه، فإن المؤمن من شأنه أن يحترز عن الظلم فلا يمطل‏.‏



نعم رواه مسلم بالواو وكذا البخاري في الباب الذي بعده لكن قال ‏"‏

ومن أتبع ‏"‏ ومناسبة الجملة للتي قبلها أنه لما دل على أن مطل الغني ظلم

عقبه بأنه ينبغي قبول الحوالة على الملئ لما في قبولها من دفع الظلم

الحاصل بالمطل، فإنه قد تكون مطالبة المحال عليه سهلة على المحتال

دون المحيل ففي قبول الحوالة إعانة على كفه عن الظلم، وفي الحديث

الزجر عن المطل، واختلف هل يعد فعله عمدا كبيرة أم لا‏؟‏ فالجمهور

على أن فاعله يفسق، لكن هل يثبت فسقه بمطله مرة واحدة أم لا‏؟‏

قال النووي مقتضى، مذهبنا اشتراط التكرار، ورده السبكي في ‏"‏ شرح

المنهاج ‏"‏ بأن مقتضى مذهبنا عدمه، واستدل بأن منع الحق بعد طلبه

وابتغاء العذر عن أدائه كالغصب والغصب كبيرة، وتسميته ظلما يشعر

بكونه كبيرة، والكبيرة لا يشترط فيها التكرر‏.‏



نعم لا يحكم عليه بذلك إلا بعد أن يظهر عدم عذره انتهى‏.‏



واختلفوا هل يفسق بالتأخير مع القدرة قبل الطلب أم لا‏؟‏ فالذي يشعر به

حديث الباب التوقف على الطلب لأن المطل يشعر به، ويدخل في المطل

كل من لزمه حق كالزوج لزوجته والسيد لعبده والحاكم لرعيته وبالعكس،

واستدل به على أن العاجز عن الأداء لا يدخل في الظلم، وهو بطريق

المفهوم لأن تعليق الحكم بصفة من صفات الذات يدل على نفي الحكم

عن الذات عند انتفاء تلك الصفة، ومن لم يقل بالمفهوم أجاب بأن العاجز

لا يسمى ماطلا، وعلى أن الغني الذي ماله غائب عنه لا يدخل في الظلم،

وهل هو مخصوص من عموم الغني أو ليس هو في الحكم بغني‏؟‏ الأظهر

الثاني لأنه في تلك الحالة يجوز إعطاؤه من سهم الفقراء من الزكاة،

فلو كان في الحكم غنيا لم يجز ذلك‏.‏



واستنبط منه أن المعسر لا يحبس ولا يطالب حتى يوسر، قال الشافعي‏:‏

لو جازت مؤاخذته لكان ظالما، والفرض أنه ليس بظالم لعجزه‏.‏



وقال بعض العلماء‏:‏ له أن يحبسه‏.‏



وقال آخرون‏:‏ له أن يلازمه‏.‏



واستدل به على أن الحوالة إذا صحت ثم تعذر القبض بحدوث حادث

كموت أو فلس لم يكن للمحتال الرجوع على المحيل، لأنه لو كان له

الرجوع لم يكن لاشتراط الغني فائدة، فلما شرطت علم أنه انتقل انتقالا

لا رجوع له كما لو عوضه عن دينه بعوض ثم تلف العوض في يد

صاحب الدين فليس له رجوع‏.‏



وقال الحنفية يرجع عند التعذر، وشبهوه بالضمان، واستدل به على

ملازمة المماطل وإلزامه بدفع الدين والتوصل إليه بكل طريق وأخذه منه

قهرا، واستدل به على اعتبار رضى المحيل والمحتال دون المحال عليه

لكونه لم يذكر في الحديث، وبه قال الجمهور‏.‏


وعن الحنفية يشترط أيضا، وبه قال الإصطخري من الشافعية، وفيه

الإرشاد إلى ترك الأسباب القاطعة لاجتماع القلوب لأنه زجر

عن المماطلة وهي تؤدي إلى ذلك‏.‏

اللهم صلى و سلم و بارك علي عبدك و رسولك

سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .