المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القواعد الثلاثه


vip_vip
05-03-2010, 05:38 PM
القواعدالثلاث


إن الناظر إلى أحوال المسلمين في كل مكان يجد أنها لا تخلو من تقتيل


وتذبيح كما في العراق وافغانستان، وسلب للهوية كما في فلسطين


وكشمير والفلبين، وسلب للحرية كما في الكثير من الدول


التي تدعى الإسلام، بالإضافة للاضطهاد المعنوي الذي يعاني منه


كل إنسان مسلم متمسك بدينه حق التمسك، من لمز وغمز واستهزاء


واستخفاف به في مواقع العمل المختلفة، كما لا ننسى قنوات الإفساد


والتضليل التي هرع خلفها شباب المسلمين مع الأسف الشديد، بالإضافة


إلى الجهود التنصيرية التي يعيشها إخواننا في أفريقيا وأماكن أخرى


من العالم الإسلامي. كل هذه الأشياء مع سقوط الدولة الإسلامية


في الأندلس والخلافة العثمانية والمسلمين ينالون ويذوقون ويلات


الحروب بشتى أنواعها حتى اليوم من جميع أعدائهم. وهذه العوامل


قد تؤدي إلى تسرب اليأس أو القنوط أحياناً بل قد يتوقف بعض الدعاة


عن العمل وينطوون على أنفسهم زاعمين بأنه لم يعد هناك أمل ولابد


ان ننشغل باصلاح انفسنا فقط ولكن اليأس ليس من طباع المسلم،


وليس من سجايا نفسه الأبية الحرة.


لذا فعلى المسلم أن يتمسك بثلاثة قواعد نورانية وأن يعرفها


حق المعرفة حتى لا ييأس ولا يقنط…

القاعدة الأول :- وهي الإيمان بسنة التدافع بين الحق والباطل.
فأينما وجد حق وباطل على الكرة الأرضية فلا بد أن يتصارعا وأن يعلو أحدهما على الآخر تارة والعكس تارة أخرى.، فالتدافع سنة من سنن الله التي لن تجد لها تحويلا ولن تجد لها تبديلاً. فمنذ خلق الله آدم وهذه السنة جارية سارية كما هو واضح من سرد القصص القرآني. فكل نبي يبعث، يقابل بالتكذيب والاضطهاد والاستهزاء ومن ثم ينصره الله. فنوح عليه السلام جلس في قومه 950 سنة يدعوهم ويتحمل أذاهم وصدَّهم عن سبيل الله حتى نصره الله تعالى عليهم. وإبراهيم عليه السلام كذلك، وصالح عليه السلام الذي قالوا عنه كذاب أشر وبل لقد وصل بهم الحال أن ذبحوا معجزه الله ولكن الله نصر صالح وقومه على الكفار.
ومن كان يظن أن فرعون وما معه من جنود وعدة وعتاد سوف يغرقون في لمح البصر، وكان هذا بعد أن أوذي أولياء الله أشد البلاء يقول الله تعالى على لسان قوم موسى:((قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا )).
وكذلك لا ننسى جيل الصحابة رضوان الله عليهم وسلامه، حيث كانوا يسحبون على لهيب رمال مكة الرمضاء في شدة الغيظ، وكان يوضع فوق صدر أحدهم صخرة كبيرة ليرتد عن دينه فيقول أحد أحد. وحتى الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتأذى وهو خير البشر فكُسِرَت رُباعيته وشُجًّ رأسه يوم أحد ولكن الله نصرهم وأعزهم وملًّكهم الدنيا وهكذا فالسنة جارية إلى قيام الساعة.
القاعدة الثانية : أن العاقبة للمتقين الصادقين.
أي أنه بعد تابع وتعاقب الحق والباطل فإن العاقبة في النهاية ستكون للمؤمنين الصادقين ثم تقوم بعد ذلك الساعة . يقول الله تعالى (( إن الأرض لله يرثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين )). ويقول تعالى (( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين )). فمهما امتلكت أمريكا من تكنولوجيا حربية ومهما امتلكت إسرائيل من عشرات الرؤوس النووية ومهما امتلك الملاحدة من أسلحة دمار شامل فسوف ينتصر الإسلام، ويرغم أنف كل المنظمات التبشيرية الكافرة والهيئات المحاربة للإسلام بشتى الطرق فسوف ينتصر الإسلام. يقول تعالى (( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره المشركون.هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون)) نعم سوف ينتصر الإسلام وتُرفَع راية التوحيد خفاقة فوق كل أرض وتحت كل سماء (( وكان حقاً علينا نصر المؤمنين)) ولكننا قوم متعجلون..
وإليكم بعض الأحاديث الدالة على ذلك أيضاً.
روى البخاري ومسلم عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، ولعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خاذلهم ولا ما أصابهم من البلاء حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)) ويقول صلى الله عليه وسلم : (( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار بعز عزيز وبذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر )) رواه أبي حبان. وروى الشيخان الحديث المشهور (( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، حتى يختبئ اليهود وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر، يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلقي تعالى فاقتله )).
إذاً فلنترك اليأس ولننتظر نضر الله ولننتظر اليوم الذي سوف ينصر الله فيه المؤمنين.
القاعدة الثالثة : أن كل ما يحدث للمسلمين في شئ البقاع هو محض ابتلاء وامتحان واختبار.
فهو ابتلاء لهم في أوطانهم التي يُضطهدون فيها حتى يعلم الله هل سيثبتون ؟ وهل يقاومون؟ أم أنهم سوف يستسلمون ويبيعون أراضيهم رخيصة في سبيل لقمه العيش أو يتناولون عن مبادئهم من أجل سلام مزعوم أو متاع دنيوي. وهو ابتلاء لنا أيضاً في أوطاننا الآمنة ليعلم الله هل سوف نعاونهم ونكون لهم خير أخوة في وقت الضيق، وهل سوف ننشغل بأخبارهم عن أخبار المبدعين في كرة القدم فضلاً عن أخبار آخر أنواع السيارات أو الملابس وغيرها؟.. إن الكثير منا مع الآسف الشديد لا يفكر إلا في تحصيل لقمة العيش ظانّين بأنهم وجدوا في الدنيا للكسب فقط رامين خلف ظهورهم أخبار المسلمين وما يحدث لهم، مع أن أقل بشيء يمكن أن يقوم لهم هو الدعاء لهم بالنصر والتمكين أو الإنفاق من فضول ملايين الأموال التي تصرف في غير وجهها على الملذات وغيرها. ولهذا الابتلاء في كلا الحالين فائدة عظيمة للحركة الإسلامية، فهو يعتبر مدرسة أو مصفاة لتخريج الأجيال القادمة نقيّة من أصناف الناس الكسالى الذين لا يستطيعون تحمل أعباء هذا الدين، كما أنه بالإبتلاءات يتبيّن الصادق من المنافق، فأما المنافق فسوف يتنازل من الوهلة الأولى عن مبادئه، وأما المؤمنون الصادقون فسوف يزيدهم ذلك إيماناً ويقيناً وعلى ربهم يتوكلون. فالذين ثبتوا مع طالوت في حربه مع طالوت هم الذين تجاوزوا ابتلاء النهر، وتجاوزوا جميع الابتلاءات فنصرهم الله. فإن وجود أصناف الناس ضعفاء النفوس بين صف الدعوة يؤخر النصر. والذين ثبتوا كذلك مع الرسول صلى الله عليه وسلم يوم حنين هم الذين عُذّبوا فوق لهيب رمال مكة وهم الذين ثبتوا يوم الخندق يوم أن بلغت القلوب الحاجر حيث ثبت الصادقون بينها أحتج المنافقون وقال أن بيوتنا عورة. وهذه هي فائدة الابتلاءات.
يقول الله تعالى مجلياً ذلك : (( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم )). وهكذا فالإبتلاءات هي التي تعد الجيل القادم الذين سوف يقبضون على الجمر حاملين المصحف في يد السيف في الأخرى منتصرين بإذن الله …

ومع الإيمان بهذه القواعد النورانية الثلاثة يحب أيضاً أن لا نعتمد عليها ونظل نائمين بل علينا كذلك أن لا نكل ولا نمل من الدعوة إلى لله بشيء الوسائل. وليبدأ كل إنسان منا بالتغبير في نفسه أولاً فيقومها ويصلحها ويجعلها مسايرة لأوامر الشرع ويكبح جماح نفسه الأمارة بالسوء بأن يتحكم على شهواته وأن لا يجعل شهواته هي التي تتحكم فيه وذلك بتقوية الصلة بينه وبين الله وكثرة الذكر وقراءة القرآن والمحافظة على النوافل. وعلى الإنسان أن يغير في علاقته مع الآخرين وأن يكون خلقه حسناً حتى يعطي صورة حسنة للإسلام.
ثم يحب الإنسان المؤمن العامل أن يدعوا إلى الله شتى الطرق وأن يتحيّن القرص لذلك وأن يعلم أن كل إنسان يقابله في حياته فهو أمانة في عنقه، لماذا لم يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، ولابد على المسلم كذلك أن يجتهد في مجاله الذي يعمل به في الدنيا فالإسلام يحتاج إلى الطبيب الناجح الذين يستر عورات المسلمين ويكتشف العقاقير لا أن نصبح تابعين لأعدائنا الغرب في كل شيء، والمهندس المعماري الذين يشيد ويعمر بلاد المسلمين والعالم القدير الذي يسخر علمه في سبيل الله، والأستاذ المخلص الذي يبث في طلابه حب الدين والعمل له ويبلغهم رسالته التعليمية على أكمل وجه، والرياضي المسلم القوي والشاب الفتي الذي يصرف حماس وفتوته وطاعته في سبيل الإسلام وعالم الاقتصاد وعالم القضاء كل هذه الأصناف الإسلام في أمس الحاجة إليها لأن العالم المؤمن أكثر تأثيراً من عالم الدين في عامة الناس.
ولا شك أن هذه الدعوة لابد لها من تنظيم وترتيب حتى تكون أعمال منظمة، ولابد لها كذلك من قيادة توجهها وتصحح أخطاءها، وهذه هي وظيفة الجماعة التي تعتمد على الكتاب والسنة في منهجها غير آبهة بتهديد أو وعيد المتوعدين وهمها نشر الدين وإعادة وتمكين شرع الله في الأرض. فالجماعة هي التي تحدد الأولويات وفقه التدرج ومرحلية الدعوة بواسطة علماء أجلاء ومختصون في جميع المجالات.
وهذا هو السبيل باختصار وهذا هو الطريق إن أراد المسلم أن يكون للإسلام العزة والتمكين. وهكذا يكون النصر لله حتى ينصرنا يقول تعالى (( ولينصرن الله من ينصره إن الله قوى عزيز ـ الذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور )).
ولاشك أن الطريق لن يكون مفروشا بالورود بل إنه مليء بالعقبات والأشواك ، ولكنكم أيها الدعاة ليس عليكم وحشة فإنكم تسلكون وتقتفون أثر الأنبياء والصالحين لتتموا البناء العظيم وتحملوا رسالة الله لعباده مرشدين الناس مبشرين الطائعين ومنذرين العصاة مشفقين عليهم ،وعلينا أن نعمل غير منتظرين النتائج.
يقول الإمام الشهيد { العامل يعمل لأداء الواجب أولا ثم للأجر الأخروي ثانيا للإفادة ثالثا ؛ وهو إن عمل فقد أدى الواجب وفاز بثواب الله ما في ذلك شك ،وبقيت الإفادة وأمرها إلى الله ، فقد تأتي فرصة لم تكن في حسابه تجعل عمله يأتي بأبرك الثمرات ، على حين أنه إذا قعد عن العمل فقد لزمه إثم التقصير ، وضاع منه أجر الجهاد وحُرم الإفادة قطعاً، فأي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ؟ وقد أشار القرآن إلى ذلك في صراحة ووضوح في الآية (( لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون* فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الدين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون))}أ.هـ .
فعلى الدعاة أداء الواجب أولا وعدم التلهف على النتائج .
يقول الشاعر:
هو النصر يأتيك لا بـالسـلام لا بالشعـــارات لا بالكلام
فهيا تخطى جميع الصعـــاب ستعـــبر لكن على نهر دم
أخي لاح في الأفق صبح الأمل وصاح المؤذن حــان الأجل
فاشدد حزامك واحمل سلاحك وارفع هتافك هذا طريق العمل
فإما نموت بـهذا الشعـــار وإما انتـــصار وفتح مبين
وأختم الكلام بالبشارة النبوية التالية.
عند عبد الله بن عمرو بن العاص قال : بينما نحن جلوس حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سئل : أي المدينين تفتح أولاً (يعني القسطنطينية أم روما لأن الرسول بشر بفتحهن ) فقال عليه الصلاة والسلام : مدينة هرقل(( أي القسطنطينية )) لقد ضحت استامبول وتحققت نصف البشارة النبوية وها نحن بمواصلة العمل الدؤوب ننتظر فتح روما. نسأل الله تعالى أن يردنا إلى دينه ردا جميلاً وأن ينصرنا على أعدائنا