المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لأنـك اللـه (16)


حور العين
09-05-2017, 09:04 PM
من:الأخت الزميلة / جِنان الورد


http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

لأنـك اللـه (16)

-• رحلة إلي السماء السابعة •-
- أ. *علي بن جابر الفيفي*
الدرس السادس عشر

.• *تابع الهادي* •

-- *ثم هدى*

وهدايته سبحانه لا تختص بالبشر بل هو يهدي جميع خلقه،

-🖱- قال جل من قائل:

{ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ }

- يصف الشيخ محمد راتب النابلسي شيئًا من هذه الهدايات فيقول:

"يتجه سمك السلمون من سواحل الأطلسي إلى مصبات الأنهار

في أمريكا، ويضع بيوضه ويعود، بعد أشهر تخرج الأسماك الصغيرة

وتتجه مباشرة إلى حيث أمهاتها؟ على بعد مئات الكيلوات! لا تضيع

طريقها، من الذي هداها إلى الطريق؟ إنه الهادي سبحانه!

أحدهم رأى قنفذًا يأكل أفعى ميتة ثم يتوجه إلى نبتة فيأكل منها ورقة،

ثم يعود للأفعى فيقضم ثم للنبتة فيأكل، أراد ذلك الشخص

أن يعلم سر تلك النبتة فاقتلعها، عاد القنفذ ليأكل ورقة من النبتة

فلم يجدها فلبث يسيرا ثم مات!

- من الذي هدى هذا القنفذ إلى أن تلك النبتة تحمل خاصية مضادة للسم

الموجود في جسم الأفعى؟ إنه الله جل جلاله"

يهجم الذئب على الغزال فتحني الغزال رأسها لينغرز قرنها في رقبة

الذئب، من الذي أعلمها أن فوق رأسها سكينًا حادة، ومن الذي جعلها تعلم

أنها بذلك الفعل ستنجو؟ إنه الهادي سبحانه..

- رأيت في طفولتي قطتنا وأبناءها حديثي الولادة يزحفون إليها عميًا، ثم

يغرسون رؤوسهم في بطنها ويتحسسون بأفواههم حتى يجدون ثديها

ويبدؤون بشرب الحليب، من الذي أخبر تلك الكائنات عديمة الخبرة

والمعرفة أنها بذلك ستعيش وبدونه ستموت؟ إنه الهادي سبحانه..

-- *المستنقع*

ومن أعظم هداياته إعادة خلقه إليه، ودلالة التائهين عليه،

وفتح أبواب التوبة لمن أذبل أرواحهم خريف الحوبة.

- يخرج في ظلام الليل، ليعصي ملك الملوك، كل جوارحه مندفعة للوصول

إلى وحل المعصية، ولكن الله في تلك اللحظة الحاسمة يأمر الهداية أن

تصل إلى قلبه قبل أن يصل هو إلى المستنقع، فإذا بكل ما بناه من أحلام

سوداء ينهار فجأة، وتيار فظيع يرجف به، كل شيء يتطاير من حوله،

هناك شعور بكر وطيء للتو شاحته، يلتفت إلى جهة أخرى، ليست جهة

المستنقع إنها جهة تطل من بين منحنياتها منارة المسجد، فيبدأ عهدًا

مضيئًا مع الهادي سبحانه.

-- *ورقة*!

إذا أراد هدايتك، جعل ورقة ملقاة على الأرض تعيدك إليه! مما يذكر أن

رجلا كان يترنح في سكك مدينته مخمورًا، فرأى بعينين أذبلتهما الخمرة

ورقة ملقاة، كتب عليها اسم الله، فاعتصر فؤاده حبًا وحزنًا، وقال باكيًا:

اسم الله على الأرض! فحمل تلك الورقة وذهب إلى بيته فنظفها وعطرها

وقبلها ورفعها، ثم نام ليسمع هاتفًا يقول له: رفعت اسمي؟ وعزتي

لأرفعن اسمك، فإذا به يستيقظ على الهداية تملأ قلبه، ويتحول من رجل

لا هدف له من هذه الحياة إلى رجل من الصالحين المعروفين

في التاريخ!!

- وإذا أراد هدايتك أسمعك صوتًا يقول لك: اتق الله، فيستيقظ فؤادك!

فهذا أحد الثلاثة الذين أطبق عليهم الغار في القصة النبوية الشهيرة،

يحَضِّر من وقت بعيد للفجور بابنة عمه، وتسوقها الأقدار إليه في حاجة

فيبتزها، وقبل لحظات من بدئه لمراده البشع، إذ بها تقول: اتق الله

ولا تفضن الخاتم إلا بحقه، فينهض فزعًا، لم تدع "اتق الله"

في قلبه شهوة إلا وسحقتها!

-- *حبل النجاة*

- تكون في غمرة النسيان فيذكرك به، تكون في حومة المعصية فيوقظك،

تكون في وسط المستنقع فيطهرك، تكون في داخل الجب فيدلي إليك حبلًا..

يهديك بحب يغمر فؤادك، أو بخوف يزعزع استقرارك، أو بمرض

يذل كبرياءك، أو بحاجة ترغم أنفك، أو بفقر ينقض ظهرك،

أو بخواء يعذب روحك.

- يعيدك إليه، إلى طريق الأنوار، يجعلك من رواد المسجد بعد أن كنت

تنظر إليه من بعيد ولا تنالك هداياته من قريب، يعلّم يديك كيف تمسكان

بالمصحف بعد سنين طويلة من الهجر والصدود، يرطب لسانك بذكره

بعد أن كنت تترنم بأغانٍ تافهة!

تخرج من بيتك قاصدًا مسجدًا وفجأة تغير الطريق إلى مسجد آخر،

بعد الصلاة تسمع كلمة يلقيها أحد الدعاة تغير شيئًا كان مستقرًا

في قرارة نفسك! يغير طريقتك أو حتى طريقك.

- والعبد صاحب الروح المرهفة يستنبط هدايات الله سبحانه، ويعلم أن

الكون مربوب له سبحانه، وأن الله سبحانه قد يهديه بأي شيء في كونه،

وقد يضله والعياذ بالله بأي شيء في كونه!

ولن يضل سبحانه إلا من أغلق قلبه عن الهدى ودين الحق.

- إذن: ضياع هذه الحياة إن لم تأتك الهداية من عنده.. أتذكر مثال صحراء

التيه آنفة الذكر، إن ضياعنا عن طريقه سبحانه، عن المسجد،

عن الله أكبر، عن اللهم أنت السلام ومنك السلام، أعظم فظاعة من تيه

الصحراء، وستكون بذلك في غربة أقسى من غربة الطائر الذي فقد سربه

في فصل الشتاء، فقررت الثلوج أن تبتلع أحلامه المحلقة!

•• اللهم ارزقنا هداية من عندك تنتشلنا من صحراء التيه، وتوصلنا إليك،

وتدخلنا بها جنة عرضها السماوات والأرض.

وصلى اللهم وبارك على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم

جزى الله كل من ساعد على نشر هذه الدروس كل خير،