المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخلاقيات التعامل في ضَوْء الهدي النبوي (6)


حور العين
07-16-2018, 05:03 AM
من: الأخت/ غرام الغرام


http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9642

أخلاقيات التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي
في ضَوْء الهدي النبوي (6)

أيها الإخوة:
أقول لكم اليوم براءةً للذمة: أي حساب على «تويتر»، أو «فيسبوك»،
أو غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي -ما دام مجهولاً، تَجِد الشخص يقول أبو فلان أو وصفًا معينًا-
لا يجوز أن يُنْقَل عنه؛ لأن هذا نَقْل عن مجهول، ولذلك هذا المجهول إذا تتابع الناس في النقل عنه أُشِيع الفساد والكذب؛
ولذا قال ابن المبارك رحمه الله:
إن الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.
لماذا كَثُرَ في هذه الأيام بين الناس أن يأتي شخص مجهول يتحدث عن
أمر عظيم، لو اجتمع له الأئمة العظماء ما تكلَّموا فيه؛ إلا على احتياط،
فيُقبَل منه ويُشاع، وهكذا أيضًا هذا في أمر الدين، أمر الدين لا يُقبَل
من مجهول، فهذا المجهول إذا قال شيئًا في الدين لن نأخذه منه؛
لأنه موجود -بحمد الله- ومن المعلوم أننا سنجده عند أهل العلم،
وكل شيء مُصَنَّف، وكل شيء موجود في المصنفات ومَراجعها،
فالمجهول لا يُقْبَل منه؛ لذلك تتجه بعض الدول إلى الإلزام بأن تكون
-هذه الحسابات في شبكات التواصل الاجتماعي- مربوطة برقم أو
بِهُوِيَّة الإنسان؛ لأنه –للأسف- ينتشر من ورائها من الظلم ومن البغي
ومن الفجور والإلحاد ما الله به عليم؛ ولذلك إذا كثر الشر ينبغي
الاحتياط، ومن احتياطنا نحن أن الإنسان إذا شاهد هذه الحسابات
المجهولة لا يُقْبَل منها صَرْفًا ولا عَدْلاً ولا حقًّا ولا باطلاً؛ لأن الحق
معروف مكانه، أما إذا قفبلنا منه مرة تلو أخرى؛ ظننا أنه الحق،
فإذا به شرٌّ، كما يفعل الذين يستَرِقون السمعَ.
ثم ينبغي أيضًا احترام التخصصات والمسؤوليات، وهذا ما أدَّبَنا به
ربنا جل وعلا، قال سبحانه:
{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ}،
هذا إنكار من الله، إِذَنْ، ما هو السبيل الصحيح؟
{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ}
صلى الله عليه وسلم في حياته، وإلى سُنَّتِه بعد موته،
{وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}
[النساء: 83]،
يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله- مُبينًا دلالة هذه الآية الكريمة:
إن هذا إنكار من الله على من يبادر إلى الأمور قبل تَحَقُّقِها، فيُخْبِر
بها ويُفْشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة. وهل الذي يُمارَس اليوم -كثير منه في «تويتر» و«فيسبوك» و«يوتيوب» و«واتس أب»- إلا مثل هذا؟! يقول مرتكب هذا الإثم: نقلته كما وصلني، ونقول له: لا يكفي هذا،
إذا نقلتها أنت مشارك، ولذلك جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( كفى بالمرء كذبًا أن يُحَدِّث بكل ما سَمِعَ ).
هذا كَذِب، أَفَكُلُّ ما جاءك تُحَدِّث به دون أن تَتَبَيَّن؟ إنك بذلك ستأتي
ما فيه الطامة وما فيه الكفر بالله، وما فيه الإلحاد، وما فيه البغي
واتهام واتهام المؤمنين والمؤمنات في أعراضهم.
ولذلك هذه الشريعة -أيها الإخوة-
شريعة كاملة فيها انضباط، فيها تعليم الناس الأدبَ، فيها ضبط حقوقهم؛
حتى حقوق غير المسلمين، حتى حقوق الحيوان، ولذلك تأمَّلوا في
هذا النص العظيم الذي يُكْتَب بماء العين، يقول النبي صلى الله عليه
وسلم :
( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو لِيَصْمُتْ )،
فليقل خيرًا، هذا نافع لكل البشرية، مسلِمِهم وكافِرِهم، لو مَرُّوا عليه
لوجدوا فيه خيرًا، وأيضًا ثَبَتَ في الصحيحين أن النبي صلى الله
عليه وسلم نهى عن قِيلَ وقال، قِيلَ: أيِ الذي يُكْثِر من الحديث
عما يقوله الناس من غير تثبت ولا تدبُّر ولا تبيُّن، وهل الموجود
اليوم في هذه الشبكات إلا من هذا النوع؟! كَمٌّ هائل من الكلام معظمه
غُثاء، إن سَلَّمَ الإنسانُ أو استوى عنده أمر ولم يتدبر فإنه أيضًا يقع
في الإثم بسبب نقله لكثير من هذه الطوامِّ.
ومن الآداب التي ينبغي التحلي بها:
ضَبْط النفس في كتابة الكلام ونَقْله على نحو ما تَقَدَّم، وهذا يوضِّحُه
قول النبي صلى الله عليه وسلم :
( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو لِيَصْمُتْ ).
يقول الإمام النووي رحمه الله: هذا الحديث صريح في أنه ينبغي ألاَّ
يَتَكَلَّم إلا إذا كان الكلام خيرًا، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك
في ظهور المصلحة فلا يَتَكَلَّم. ومعنى هذا الحديث
( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ):
من كان يؤمن إيمانًا كاملاً مُنَجِّيًا من عذاب الله، مُوَصِّلاً إلى
رضوان الله،
( فليقل خيرًا أو ليصمت )؛
لأن من آمَنَ بالله حق إيمانه يخاف وعيده، ويرجو ثوابه، ويجتهد في
فعل ما أُمِر به، وفي تَرْك ما نُهِيَ عنه؛ ولذلك تَحْفَظُون