المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع الفتور والحماس والداعية


vip_vip
10-29-2011, 07:33 AM
حوار مع الفتور والحماس والداعية



سمعت صوت شجار وأنا أسير علي الطريق, تلفت حولي فعلمت أين مصدر الصوت ,فذهبت مسرعاً إلى مكان الشجار , فوجدت رجلين يتشاجران . حاولت أن أتدخل بينهما فلم استطع, رأيت رجلاً واقفا معهما ينظر إليهما ذهبت إليه وسألته من هؤلاء , قال : هذا الرجل اسمه حماس والآخر اسمه الفتور فقلت وما سبب شجارهما ؟
قال : لا ادري استمع إليهما فأستمعت إليهما فسمعت الفتور يقول :


http://www.clasiic.com/up/uploads/images/clasiic0e0d8147de.gif


الفتور : لماذا تتهمني؟


الحماس: أنا لا اتهمك ولكني أقول الحقيقة .


الفتور: بل هذا اتهام وانك لتدعي اني اثبت الدعاة عن العمل وأكون سببا في برود همتهم وركودهم.


الحماس : نعم هذا ما ذكرته . وهذا في ظني صحيح .


فتدخل الرجل الداعية بينهما. وقال: لا عليكما أن كان هذا هو سبب شجاركما, فلنناقش ذلك بموضوعية.


ثم قال الداعية : اجلسا معي ودعني يا حماس أناقش الفتور .


الحماس : نفضل .


الداعية يلتفت نحو الفتور : ما أسباب الفتور عند الدعاة .


الفتور : الأسباب كثيرة منها دعوية أو إيمانية أو نفسية .


الحماس : أنا أول مرة أسمع عن هذا السبب .


الداعية : ألم أقل لك فلنناقش الأمر لموضوعية .


الحماس : صدقت


الداعية: والآن أخبرنا يا فتور هل من سبب آخر


الفتور : نعم ( الإغراء ) وهو كثيراً ما يتعرض له الدعاة إلى الله تعالي كحب المنصب , والمال , والمسكن , والنساء , والشهرة وغيرها .


الحماس : ولكن هذا كثيراً ما يحدث .


الفتور : دعني أكمل كلامي , وأما السبب الثالث فهو ( الترف ) وهذا السبب ما أكثره في المجتمعات المحلية , حيث يكون الداعية قد تربى تربية مترفة بين أهله في أنواع طعامه وكيفية كلامه ونقاشه وملبسة ويا ويل من يضايقه .. ثم ينخرط في سلك الدعوة , فيري الحياة والتربية بخلاف ما كان يعرفه , وهكذا حتى يبدأ يحاور نفسه , ويتخذ موقفاً بعد ذلك يؤثر على سيره وعطائه .


الداعية متحمساً : نعم , فإني أعرف أخاً لي قد فتر بهذا السبب .


الفتور : إني أخبرك عن حقائق فأنا الخبير بحال أهل الفتور .


ثم قال : وأما السبب الرابع فهو ( العاطفة ) واضرب لذلك مثالين :


أولاً: أن تكون معاملة المربي للداعية سيئة , فيغضب عليه ويتخذ منه موقفاً يكون سبباً في ضعف حركته وفتور همته .


ثانياً:أو أن يتأخر النصر فيبدأ الداعية بالتحليلات العاطفية ويحاور نفسه بذلك حتى يقتنع ويضعف عن العمل على اعتبار أن لا فائدة من الدعوة .


الحماس : إن كلامك في منتهى الروعة ولكني أضيف سبباً


ثالثاً: وهو السبب وأعني به تعرض الدعاة إلى تعذيب أو اعتقال أو مصادر أموال أو تلفيق تهم أو سخرية أو استهزاء وغيرها مما يؤثر على الحالة النفسية للدعاة فيفترون عن العمل .


الفتور : صدقت .. وهذا هو السبب الخامس .


الداعية : عندي سؤال قد حيرني , وأنا أفكر فيه أثناء حديثك وهو هل الفتور ظاهرة صحية أم مرضية ؟


الفتور : إن اسمي له معنيان وهو : 1- الفتور : بمعني الانقطاع كلية عن العمل . 2-الفتور : بمعني التكاسل وهو أن تفتر النفس أحياناً ثم تعود إلى همتها وحركتها وسيرها الطبيعي .


فأما الحالة الأولى فهي الانتكاس والمرض .


وأما الحالة الثانية فهي أمر طبيعي ,
ولهذا قال ابن قيم الجوزية رحمة الله :
( إن للقلوب شهوة وإدباراً , فاغتنموها عند شهوتها وإقبالها , ودعوها عند فترتها وإدبارها .


الداعية : وهو يلتفت إلى الحماس والآن ماذا تقول في اتهامك ؟


الحماس : الصراحة لم يترك لي أخي الفتور كلمة أتحدث بها .


الفتور : لو كنت هادئاً منذ البداية لما حدث الشجار .


الحماس : لا تلمني .. فإن من طبيعتي الحماس .


الداعية متدخلاً : جزأكم الله خيراً على كل حال .


الحماس : تفضل .


الداعية : كيف نستطيع أن تزرع الحماس في قلوب الدعاة فلا يفترون أبداً .


الحماس : أولاً: فهم الإسلام بشموله ومدي صلاحيته للبشر .


ثانياً :التفكير بالواقع المرير الذي نعيش فيه , وكيف نقصده ونصلحه ؟


ثالثاً : الاطلاع على التاريخ الإسلامي الذي اعتز به المسلمون الأوائل .


رابعاً : حاجة الناس في وقتنا الحالي إلى الإسلام .


خامساً : إيجاد الفهم الدقيق للإسلام بأن تتوفر العقلية المبتكرة للدعوة .


سادساً : الإيمان العميق : فهو الركيزة التي يرتكز عليها الحماس .


الداعية : إنها لنقاط جميلة جداً ..وإن دلت على شئ فإنما تدل على الحماس المتزن .


الحماس : نعم هذا صحيح .. لأن الحماس هو وسط بين سيئتين بين التهور إن كان الحماس كبيراً , وبين الفتور إن كان قليلاً .


ولهذا وضح الشيخ يوسف القرضاوي هذا المعني في كتابة القيم
( الصورة الإسلامية بين الجحود والتطرف )
وتطرق لمثل جيد حين قال :
وإلى الآن ينظر إلى بذل المال وبذل النفس على أنهما أعلى المراتب , دون مراعاة ما يجعل بذل المال والنفس مجدياً .


الفتور والداعية بصوت واحد : جزأك الله خيراً يا حماس ثم قاموا من مجلسهما وانصرفوا وعزم الداعية على شراء كتاب طريق الدعوة الإسلامية وكتاب الصحوة الإسلامية .


من كتاب ( حوارات دعوية ) للأستاذ / جاسم المطوع