حور العين
01-01-2019, 07:19 AM
من: الأخت/ الملكة نور
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641
من عجائب الاستغفار (2)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
الفائدة العاشرة ينبغي للمفتي الموفق إذا نزلت به المسألة أن
ينبعث من قلبه الافتقار الحقيقي الحالي لا العلمي المجرد إلى ملهم
الصواب ومعلم الخير وهادي القلوب أن يلهمه الصواب ويفتح له
طريق السداد ويدله على حكمه الذي شرعه لعباده في هذه المسألة؛
فمتى قرع هذا الباب فقد قرع باب التوفيق .
وما أجدر من أمل فضل ربه أن لا يحرمه إياه ! فإذا وجد من قلبه هذه الهمة؛
فهي طلائع بشرى التوفيق؛ فعليه أن يوجه وجهه ويحدق نظره إلى
منبع الهدى ومعدن الصواب ومطلع الرشد؛ وهو النصوص من القرآن
والسنة وآثار الصحابة؛ فيستغفره وسعه في تعرف حكم تلك النازلة منها؛
فإن ظفر بذلك أخبر به وإن اشتبه عليه بادر إلى التوبة والاستغفار
والإكثار من ذكر الله؛ فإن العلم نور الله يقذفه في قلب عبده، والهوى والمعصية رياح
عاصفة تطفئ ذلك النور أو تكاد ولابد أن تضعفه .
وشهدت شيخ الإسلام قدس الله روحه إذا أعيته المسائل واستصعبت عليه
فر منها إلى التوبة والاستغفار والاستغاثة بالله واللجوء إليه واستنزال
الصواب من عنده، والاستفتاح من خزائن رحمته؛ فقلما يلبث المدد الإلهي
أن يتتابع عليه مدًا وتزدلف الفتوحات الإلهية إليه بأيتهن يبدأ، ولا ريب
أن من وفق هذا الافتقار علمًا وحالاً وسار قلبه في ميادينه بحقيقة
وقصد فقد أعطي حظه من التوفيق ومن حرمه فقد منع الطريق (إعلام الموقعين) .
وأما من أصر على الذنب وطلب من الله مغفرته فهذا ليس باستغفار مطلق؛
ولهذا لا يمنع العذاب؛ فالاستغفار 0يتضمن التوبة، والتوبة تتضمن الاستغفار،
وكل منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق، وأما عند اقتران إحدى
اللفظتين بالأخرى فالاستغفار : طلب وقاية شر ما مضى ,
والتوبة : الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله؛
فها هنا ذنبان : ذنب قد مضى؛ فالاستغفار منه : طلب وقاية شره،
وذنب يخاف وقوعه؛ فالتوبة : العزم على أن لا يفعله .
والرجوع إلى الله يتناول النوعين : رجوع إليه ليقيه شر ما مضى
ورجوع إليه ليقيه شر ما يستقبل من شر نفسه وسيئات أعماله، وأيضًا
فإن المذنب بمنزلة من ركب طريقًا تؤديه إلى هلاكه ولا توصله إلى
المقصود فهو مأمور أن يوليها ظهره، ويرجع إلى الطريق التي فيها
نجاته والتي توصله إلى مقصوده وفيها فلاحه فها هنا أمران لابد منهما :
مفارقة شيء والرجوع إلى غيره؛ فخصت التوبة بالرجوع والاستغفار
بالمفارقة وعند إفراد أحدهما يتناول الأمرين (مدارج السالكين) .
عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين قال – لما قال له سفيان :
لا أقوم حتى تحدثني – قال جعفر : أما إني أحدثك وما كثرة الحديث لك
بخير يا سفيان، إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها، فأكثر
من الحمد والشكر عليها؛ فإن الله عز وجل قال في كتابه :
{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}،
وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار؛ فإن الله عز وجل قال في كتابه :
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا *
وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}
[نوح : 10-12]،
في الآخرة يا سفيان إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من لا حول
ولا قوة إلا بالله؛ فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة، فعقد سفيان
بيده وقال : ثلاث، وأي ثلاث ؟! قال جعفر : عقلها والله أبو عبد الله
ولينفعه الله بها وبه (تهذيب الكمال) .
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641
من عجائب الاستغفار (2)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
الفائدة العاشرة ينبغي للمفتي الموفق إذا نزلت به المسألة أن
ينبعث من قلبه الافتقار الحقيقي الحالي لا العلمي المجرد إلى ملهم
الصواب ومعلم الخير وهادي القلوب أن يلهمه الصواب ويفتح له
طريق السداد ويدله على حكمه الذي شرعه لعباده في هذه المسألة؛
فمتى قرع هذا الباب فقد قرع باب التوفيق .
وما أجدر من أمل فضل ربه أن لا يحرمه إياه ! فإذا وجد من قلبه هذه الهمة؛
فهي طلائع بشرى التوفيق؛ فعليه أن يوجه وجهه ويحدق نظره إلى
منبع الهدى ومعدن الصواب ومطلع الرشد؛ وهو النصوص من القرآن
والسنة وآثار الصحابة؛ فيستغفره وسعه في تعرف حكم تلك النازلة منها؛
فإن ظفر بذلك أخبر به وإن اشتبه عليه بادر إلى التوبة والاستغفار
والإكثار من ذكر الله؛ فإن العلم نور الله يقذفه في قلب عبده، والهوى والمعصية رياح
عاصفة تطفئ ذلك النور أو تكاد ولابد أن تضعفه .
وشهدت شيخ الإسلام قدس الله روحه إذا أعيته المسائل واستصعبت عليه
فر منها إلى التوبة والاستغفار والاستغاثة بالله واللجوء إليه واستنزال
الصواب من عنده، والاستفتاح من خزائن رحمته؛ فقلما يلبث المدد الإلهي
أن يتتابع عليه مدًا وتزدلف الفتوحات الإلهية إليه بأيتهن يبدأ، ولا ريب
أن من وفق هذا الافتقار علمًا وحالاً وسار قلبه في ميادينه بحقيقة
وقصد فقد أعطي حظه من التوفيق ومن حرمه فقد منع الطريق (إعلام الموقعين) .
وأما من أصر على الذنب وطلب من الله مغفرته فهذا ليس باستغفار مطلق؛
ولهذا لا يمنع العذاب؛ فالاستغفار 0يتضمن التوبة، والتوبة تتضمن الاستغفار،
وكل منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق، وأما عند اقتران إحدى
اللفظتين بالأخرى فالاستغفار : طلب وقاية شر ما مضى ,
والتوبة : الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله؛
فها هنا ذنبان : ذنب قد مضى؛ فالاستغفار منه : طلب وقاية شره،
وذنب يخاف وقوعه؛ فالتوبة : العزم على أن لا يفعله .
والرجوع إلى الله يتناول النوعين : رجوع إليه ليقيه شر ما مضى
ورجوع إليه ليقيه شر ما يستقبل من شر نفسه وسيئات أعماله، وأيضًا
فإن المذنب بمنزلة من ركب طريقًا تؤديه إلى هلاكه ولا توصله إلى
المقصود فهو مأمور أن يوليها ظهره، ويرجع إلى الطريق التي فيها
نجاته والتي توصله إلى مقصوده وفيها فلاحه فها هنا أمران لابد منهما :
مفارقة شيء والرجوع إلى غيره؛ فخصت التوبة بالرجوع والاستغفار
بالمفارقة وعند إفراد أحدهما يتناول الأمرين (مدارج السالكين) .
عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين قال – لما قال له سفيان :
لا أقوم حتى تحدثني – قال جعفر : أما إني أحدثك وما كثرة الحديث لك
بخير يا سفيان، إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها، فأكثر
من الحمد والشكر عليها؛ فإن الله عز وجل قال في كتابه :
{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}،
وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار؛ فإن الله عز وجل قال في كتابه :
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا *
وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}
[نوح : 10-12]،
في الآخرة يا سفيان إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من لا حول
ولا قوة إلا بالله؛ فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة، فعقد سفيان
بيده وقال : ثلاث، وأي ثلاث ؟! قال جعفر : عقلها والله أبو عبد الله
ولينفعه الله بها وبه (تهذيب الكمال) .