حور العين
02-09-2019, 06:32 AM
من: الأخت/ الملكة نور
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641
شرح الدعاء من الكتاب والسنة (13)
شرح دعاء
ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما*
إنها ساءت مستقرا ومقاما
{ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا*إِنَّهَا سَاءَتْ
مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا }
المفردات :
غراماً: أي ملازماً دائماً غير مفارق .
الشرح :
هذه الدعوة المباركة ضمن دعوات وخصال لعباد اللَّه تعالى وصفهم،
وأثنى عليهم في أكمل الصفات، ونعتهم بأجمل النعوت، وأضافهم
إلى نفسه الكريمة إضافة تشريف وتعظيم، إجلالاً لقدرهم، فصدَّر صفاتهم بقوله:
{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ }
، وذلك أن العبودية للَّه تعالى نوعان:
1- عبودية الربوبية، فهذه يشترك فيها سائر الخلق مسلمهم وكافرهم،
برّهم وفاجرهم ، فكلهم عبيد للَّه مربوبون مُدَبّرون :
{ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا }
2- وعبودية لألوهيته وعبادته ورحمته، وهذه عبودية خاصة، وهي:
عبودية أنبيائه وأوليائه، وهي المراد هنا؛ ولهذا أضافها إلى اسمه الرحمن .
فيا له من شرف عظيم ، ومكرمة كريمة لمن كان مثلهم.
ثم ذكر من الخصال الجميلة أدعية دعوها، فقالوا :
{ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ } :
أي نجّنا يا ربنا من عذابها، ومن أسبابه في الدنيا؛ بتيسير الأعمال الصالحة ،
و اجتناب السيئات المقتضية لها , و فيه إشارة لما ينبغي عليه
المؤمن من الخوف من العذاب ، مع الرجاء ، فيجمع بين الترغيب
و الترهيب كالجناحين للطائر، وأن العبد ينبغي له أن لا يغترّ بعمله
مهما كان صالحاً ، فهم مع كل هذه الصفات الجليلة يخافون من عذابه،
ويبتهلون إليه تعالى لكي يصرفه عنهم ، غير مغترّين بأعمالهم ،
و هذا من حسن العبادة ، و كمالها.
كما قال تعالى عن المؤمنين:
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }
، وقد بينا بذلك ما جاء في معناها وما ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم في تفسيرها .
وقوله : { إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا } :
ثم ذكروا علّة هذا السؤال: أن عذابها كان شرّاً دائماً، وهلاكاً غير مفارق
لمن عُذِّب به، فغراماً ملازماً دائماً بمنزلة الغريم لغريمه: كملازمة
الدائن للمديون من حيث لا يفارقه بإلحاحه ومطالبته؛ و
( لهذا قال الحسن: كل شيء يصيب ابن آدم ويزول عنه فليس بغرام،
وإنما الغرام : الملازم ما دامت السموات و الأرض )
وقوله تعالى:
{ إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا }:
أي بئس المنزل منظراً، وبئس المقيم مقاماً، هذا منهم على وجه التضرّع
والخوف، يستفرغون نهاية الوسع في سؤالهم من النجاة منها، وكأنهم
على كمال صفاتهم غارقون في المعاصي و الآثام .
ولا يخفى في أهمية الاستعاذة من النار، حيث صدَّروا استعاذتهم بها ؛
لأنها أشدّ شرّاً توعد اللَّه به، وفي هذه الدعوات بيان أن
الداعي يحسن له أن يذكر سبب ما يدعوه
{ إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقَامًا }.
الفوائد :
1- أهمّية هذه الدعوة :
أ- حيث ذكرها اللَّه تعالى لناسٍ أثنى عليهم،
وأضافهم إلى نفسه في كتاب يُتلى إلى يوم القيامة.
ب- أنّها جاءت بصيغة الفعل المضارع في قوله:
{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ }
الذي يدلّ على كثرة سؤالهم بها، ومداومتهم عليها .
2- فيه بيان أنه يندب للداعي أن يذكر سبب علّة دعوته
كما في قوله: ?إِنَّ عَذَابَهَا? ?إِنَّهَا سَاءَتْ?.
3- ينبغي للدّاعي أن يجمع في دعائه بين الخوف والرجاء،
وأن ذلك أرجى في قبول الدعاء .
4- أن البسط في الدعاء أمر مرغوب فيه عند الشارع،
كما يظهر في بسطهم في ذكر علّة دعوتهم .
5- إن التوسّل بربوبية اللَّه عز وجل وألوهيته في الدعاء
هو من أعظم أنواع التوسل على الإطلاق .
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641
شرح الدعاء من الكتاب والسنة (13)
شرح دعاء
ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما*
إنها ساءت مستقرا ومقاما
{ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا*إِنَّهَا سَاءَتْ
مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا }
المفردات :
غراماً: أي ملازماً دائماً غير مفارق .
الشرح :
هذه الدعوة المباركة ضمن دعوات وخصال لعباد اللَّه تعالى وصفهم،
وأثنى عليهم في أكمل الصفات، ونعتهم بأجمل النعوت، وأضافهم
إلى نفسه الكريمة إضافة تشريف وتعظيم، إجلالاً لقدرهم، فصدَّر صفاتهم بقوله:
{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ }
، وذلك أن العبودية للَّه تعالى نوعان:
1- عبودية الربوبية، فهذه يشترك فيها سائر الخلق مسلمهم وكافرهم،
برّهم وفاجرهم ، فكلهم عبيد للَّه مربوبون مُدَبّرون :
{ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا }
2- وعبودية لألوهيته وعبادته ورحمته، وهذه عبودية خاصة، وهي:
عبودية أنبيائه وأوليائه، وهي المراد هنا؛ ولهذا أضافها إلى اسمه الرحمن .
فيا له من شرف عظيم ، ومكرمة كريمة لمن كان مثلهم.
ثم ذكر من الخصال الجميلة أدعية دعوها، فقالوا :
{ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ } :
أي نجّنا يا ربنا من عذابها، ومن أسبابه في الدنيا؛ بتيسير الأعمال الصالحة ،
و اجتناب السيئات المقتضية لها , و فيه إشارة لما ينبغي عليه
المؤمن من الخوف من العذاب ، مع الرجاء ، فيجمع بين الترغيب
و الترهيب كالجناحين للطائر، وأن العبد ينبغي له أن لا يغترّ بعمله
مهما كان صالحاً ، فهم مع كل هذه الصفات الجليلة يخافون من عذابه،
ويبتهلون إليه تعالى لكي يصرفه عنهم ، غير مغترّين بأعمالهم ،
و هذا من حسن العبادة ، و كمالها.
كما قال تعالى عن المؤمنين:
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }
، وقد بينا بذلك ما جاء في معناها وما ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم في تفسيرها .
وقوله : { إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا } :
ثم ذكروا علّة هذا السؤال: أن عذابها كان شرّاً دائماً، وهلاكاً غير مفارق
لمن عُذِّب به، فغراماً ملازماً دائماً بمنزلة الغريم لغريمه: كملازمة
الدائن للمديون من حيث لا يفارقه بإلحاحه ومطالبته؛ و
( لهذا قال الحسن: كل شيء يصيب ابن آدم ويزول عنه فليس بغرام،
وإنما الغرام : الملازم ما دامت السموات و الأرض )
وقوله تعالى:
{ إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا }:
أي بئس المنزل منظراً، وبئس المقيم مقاماً، هذا منهم على وجه التضرّع
والخوف، يستفرغون نهاية الوسع في سؤالهم من النجاة منها، وكأنهم
على كمال صفاتهم غارقون في المعاصي و الآثام .
ولا يخفى في أهمية الاستعاذة من النار، حيث صدَّروا استعاذتهم بها ؛
لأنها أشدّ شرّاً توعد اللَّه به، وفي هذه الدعوات بيان أن
الداعي يحسن له أن يذكر سبب ما يدعوه
{ إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقَامًا }.
الفوائد :
1- أهمّية هذه الدعوة :
أ- حيث ذكرها اللَّه تعالى لناسٍ أثنى عليهم،
وأضافهم إلى نفسه في كتاب يُتلى إلى يوم القيامة.
ب- أنّها جاءت بصيغة الفعل المضارع في قوله:
{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ }
الذي يدلّ على كثرة سؤالهم بها، ومداومتهم عليها .
2- فيه بيان أنه يندب للداعي أن يذكر سبب علّة دعوته
كما في قوله: ?إِنَّ عَذَابَهَا? ?إِنَّهَا سَاءَتْ?.
3- ينبغي للدّاعي أن يجمع في دعائه بين الخوف والرجاء،
وأن ذلك أرجى في قبول الدعاء .
4- أن البسط في الدعاء أمر مرغوب فيه عند الشارع،
كما يظهر في بسطهم في ذكر علّة دعوتهم .
5- إن التوسّل بربوبية اللَّه عز وجل وألوهيته في الدعاء
هو من أعظم أنواع التوسل على الإطلاق .