المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 4717


حور العين
12-22-2019, 01:59 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

نماذج من المخلصين (2)

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

فأيها المسلمون الفضلاء، نواصل معًا ذكر نماذج من حياة المخلصين:

أبو وائل: كان إذا صلى في بيته ينشج نشيجًا، ولو جُعلت له الدنيا
على أن يفعله وأحدٌ يراه، ما فعله.

ويقول محمد بن واسع: لقد أدركت رجالًا، كان الرجل يكون رأسه مع رأس
امرأته على وسادة واحدة، قد بلَّ ما تحت خده من دموعه، لا تشعر به
امرأته، ولقد أدركت رجالًا يقوم أحدهم في الصف فتسيل دموعه على خدِّه،
ولا يشعر به الذي إلى جنبه.

وكان يقول أيضًا: إن كان الرجل ليبكي عشرين سنةً وامرأتُه معه لا تعلم به.

سفيان بن عُيَيْنة: قال: أصابتني ذات يوم رقةٌ فبكيتُ، فقلت في نفسي:
لو كان بعض أصحابنا لرقَّ معي، ثم غفوت، فأتاني آتٍ في منامي فرفسني،
وقال: يا سفيان، خُذْ أجرَك ممَّن أحببتَ أن يراك.

ابن المبارك: يحكي عنه القاسم بن محمد قال: كنا نُسافِر مع ابن المبارك،
فكثيرًا ما كان يخطر ببالي، فأقولُ في نفسي: بأي شيء فُضِّل هذا الرجلُ
علينا حتى اشتَهَر في الناس هذه الشهرة؟! إن كان يصلي إنَّا لنُصلي، وإن
كان يصوم إنَّا لنصوم، وإن كان يغزو فإنَّا لنغزو، وإن كان يحج إنَّا لنحج.

قال: فكنَّا في بعض مسيرنا في طريق الشام ليلةً نتعشى في بيتٍ، إذ طُفئ
السراج، فقام بعضنا فأخذ السراج، وخرج يستصبح، فمكث هُنَيْهَة ثم جاء بالسراج،
فنظرت إلى وجه ابن المبارك، ولحيته قد ابتلت من الدموع، فقلت
في نفسي: بهذه الخشية فُضِّل هذا الرجل علينا، ولعله حين فقد السراج
فصار إلى ظُلمةٍ ذكر القيامة.

محمد بن أسلم الطوسي: يقول عنه خادمه أبو عبدالله: (كان محمد يدخل بيتًا
ويُغلق بابه، ويُدخل معه كوزًا من ماء، فلم أدرِ ما يصنع حتى سمِعتُ ابنًا
صغيرًا له يبكي بكاءه، فنهَتْه أمه، فقلت لها: ما هذا البكاء؟ فقالت: إن أبا
الحسن يدخل هذا البيت، فيقرأُ القرآن ويبكي، فيسمعه الصبي فيحاكيه، فكان
إذا أراد أن يخرج غسل وجهه، فلا يُرى عليه أثرُ البكاء.

وكان يصلُ قومًا ويعطيهم ويكسُوهم، فيبعث إليهم، ويقول للرسول: انظُرْ
ألا يعلموا مَن بعثه إليهم، فيأتيهم هو بالليل، فيذهب به إليهم، ويُخفي نفسه،
فربما بليت ثيابهم، ونفد ما عندهم، ولا يدرون من الذي أعطاهم.

لمَّا مات الطوسي قالوا لأحمد بن نصر: يا أبا عبدالله، صلى عليه ألف ألف
من الناس، وقال بعضهم: ألف ألف ومائة ألف من الناس، يقول صالحهم
وطالحهم: لم نعرف لهذا الرجل نظيرًا، فقال أحمد بن نصر: يا قوم، أصلِحوا
سرائركم بينكم وبين الله تعالى، ألا ترون رجلًا دخل بيته بطوس، فأصلح سرَّه
بينه وبين الله تعالى، ثم نقله الله إلينا، فأصلح الله على يديه ألف ألف ومائة
ألف من الناس.

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين