المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة أعمال القلوب (102)


حور العين
01-17-2020, 01:39 PM
من: الأخت الزميلة / جِنان الورد



http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

سلسلة أعمال القلوب (102)




وهكذا أحوال العباد في صلاتهم من جهة الخشوع فهم على مراتب، وقد

جعلهم ابن القيم –رحمة الله- في بعض كتبه على خمس مراتب:



الأول: الظالم لنفسه الذي تنقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها،

ولا شك أن هذه الأمور تؤثر في خشوع العبد، بل إن الإمام يتأثر في خشوعه

و إدراكه في صلاته بسبب إخلال بعض المأمومين في طهارتهم،

أو في إقامة صلاتهم .



والثاني: رجل يحافظ على المواقيت والأركان الظاهرة والوضوء، ولكنه

يضيع مجاهدة النفس في الوسوسة، فهذا مؤاخذ يأتي بالصلاة مستوفية

للأركان والشروط، ولكنه في صلاته مستغرق في وساوسه، وأفكاره

وخواطره، فهذا ليس له من صلاته إلا ماعقل، وغاية ما في الأمر أن تكون

هذه الصلاة مجزئة، أي مسقطة للمطالبة، ولكنه قد لا يثاب عليها،

أو أنه لا يثاب إلا على القدر الذي عقله فحسب .



وأما الثالث: وهو من حافظ على حدودها و أركانها، وجاهد نفسه بدفع

الوساوس، فهذا مشغول بين صلاة وجهاد، يحاول أن يستحضر ويجاهد

الخواطر، فهذا مأجور على مجاهدته، مأجور على صلاته، ولكنه ليس في

المرتبة العالية .



وأما الرابع: وهو فوقه، وهو من قام إليها، فأكمل حقوقها،

و أركانها، واستغرق قلبه شأن الصلاة وعبودية ربه، فهذا لا تشغله

الوساوس، ولا ينشغل بمجاهدة النفس، و إنما شغله في التكميل.



وأما الخامس: وهو أعلى هذه المراتب، وأرفع درجات الخاشعين في الصلاة،

وهو إضافة إلى ما سبق من تحقيق الشروط والواجبات والأركان، وحضور

القلب، إضافة إلى ذلك فإنه قد امتلأ قلبه محبة لله وعظمة، وإجلالاً له تعالى،

يصلي كأن الله يراه، وكأنه يرى ربه جل جلاله؛ فتندفع عنه تلك الوساوس

التي عند الآخرين والخطرات، ولا تأتي إليه أصلاً، ولا تجد طريقاً إلى قلبه .



فالأول معاقب، والثاني محاسب، والثالث مكفر عنه لمجاهدته،والرابع مثاب،

والخامس قريب إلى ربه في أعلى المنازل والدرجات .