المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 4751


حور العين
01-25-2020, 02:25 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى اسم الرحمن الرحيم (08)

8- ذكرهُ لعبادِهِ الصالحين:
وعن أنسٍ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
"قَالَ اللهُ: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنْ ذَكَرْتَنِي فِي نَفْسِكَ ذَكَرْتُك فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرْتَنِي
فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُك فِي مَلَأٍ مِنَ المَلَائِكَةِ، أَوْ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ دَنَوْتَ مِنِّي
شِبْرًا دَنَوْتُ مِنْكَ ذِرَاعًا، وَإِنْ دَنَوْتَ مِنِّي ذِرَاعًا دَنَوْتُ مِنْكَ بَاعًا،
وَإِنْ أَتَيْتَنِي تَمْشِي أَتَيْتُكَ أُهَرْوِلُ".
قال قتادة: "فالله عز وجل أسرعُ بالمغفرةِ".

أخي الكريمَ، هل تصوَّرتَ كيف يَذكُرُك ربُّك؟ هل تَخَيَّلْتَ أَنْ يَذكرَك اللهُ باسمِك؟
نَعَمْ يَذكرُك أنتَ باسمِكَ بين ملائكتِه في الملأِ الأعلى، مَنِ الذي يَذكُركَ؟
اللهُ الذي يَذْكُرك.

فيا له مِنْ عظيمِ شَرفٍ وكبيرِ قَدْرٍ لا يعرِفُه إلا مَنْ عَرَفَ ربَّه وأحبَّه، فانظرْ
إلى واحدٍ مِنْ هؤلاءِ؛ وهو أُبيُّ بنُ كعبٍ رضي الله عنه حين عَلِمَ أَنَّ الله تبارك
وتعالى قد ذكَره باسمِه، وكيف هَطَلتْ عيناه دمعَ الفرحِ والحنينِ
إلى أرحمِ الراحمين.

عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
لأُبيِّ بنِ كعبٍ: "إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ:
{ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ }"، قال: وسمَّاني لك؟ قال: "نَعَمْ"،
فبكى، وَفِي رِوايَةٍ للبُخَارِيِّ: وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ العَالِمينَ، قال: "نَعَمْ"،
فذرفت عيناه[

قال يحيى بنُ معاذٍ الرازيُّ: يا غفولُ يا جهولُ لو سَمِعْتَ صريرَ الأقلامِ
وهي تكتبُ اسمَك عند ذكرِك لمولاك لمتَّ شَوقًا إلى مولاك.

فليس العجبُ مِن قوله: { فَاذْكُرُونِي }، ولكِنَّ العجبَ كلَّ العجبِ من قوله:
{ أَذْكُرْكُمْ }، فليس العجبُ أَنْ يذكرَ الضعيفُ القويَّ، أو يذكرَ الفقيرُ الغنيَّ
، أو يذكرَ الذليلُ العزيزَ، إنما العجبُ أن يذكرَ القويُّ الضعيفَ، والغنيُّ الفقيرَ،
والعزيزُ الذليلَ.

9- صبرُ الله جل جلاله وتباركت أسماؤه على الأذى مِن خلقه:
فسُبْحانَ اللهِ ما أحلَمَهُ، وما أكرمَهُ وما أرحمَهُ، يَخْلقُ ويُعْبَدُ غيرُه، ويَرْزُقُ
ويُشْكرُ سِواه، خيرُه إلى العبادِ نازِلٌ وشرُّهم إليه صاعِدٌ مِنَ الذين يدَّعون له
الولدَ، يَصبرُ على أذاهم، ويَبعثُ إليهم بأرزاقِهم، عسى أنْ يُصادِفَ هذا الكرمُ
عقلًا ذاكيًا أو قلبًا واعيًا أو نفسًا طيبةً أو فِطرةً سليمةً تُفيقُ مِنْ غفوتِها
وترجعُ عن ضلالتِها، تعرِفُ ربَّها فتعبدُه وَحْدَهُ وتحبُّه وَحْدَه سبحانه وتعالى.

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:
"مَا أَحَدٌ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللهِ؛ يَدْعُونَ لَهُ الوَلَدَ،
ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ".
هذه رحمتُه سُبْحَانَهُ بمَنْ أشركَ به، فكيف رحمتُه بمَنْ وحَّدَه
وعبدَه وأطاعَهُ وأحبَّه وأحبَّ رسولَهُ وجاهدَ في سبيلِهِ؟

10- رحمته بالتائبين:
فإِنَّ التائبين قد انكسَرَتْ قلوبُهم لعظَمتِه، وذلَّتْ جباهُهم لعزَّتِهِ، وأَتَوْه راجين
رحمتَه ويخافون عذابَه، فما عسى أَنْ تكونَ رحمةُ الله بهم؟
فإليك شيئًا منها:
أولاً: يَغفرُ الذنوبَ مهما عَظُمَتْ:
عن أنسٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:
"قَالَ اللُه تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ
مِنْكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ
لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي
لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً".

ثانيًا: ويبسطُ يدَهُ للتائبين ليلاً ونهارًا:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ
لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا".


ثالثًا: ويفرح بتوبةِ عبدِهِ:
ومع هذا فقد فَرِحَ بها فرحًا هو أشدُّ من فرحةِ رَجُلٍ وَجَدَ حياتَه بعد ما عدَّ
نفسَهُ من الأمواتِ، وهي فرحةُ إِحسانٍ وبِرٍّ ولُطفٍ، لا فرحةَ مُحتاجٍ
إلى توبةِ عبدِهِ منتفعٍ بها.

عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
"للهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ وَقَدْ أَضَلَّهُ
فِي أَرْضِ فَلَاةٍ".

وفي رواية: "للهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى
رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى
شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا وَقَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ؛ إِذْ هُوَ بِهَا
قَائِمَةٌ عِنْدَهُ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ،
أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ".

ففي هذا الحديثِ دليلٌ على فرحِ الله عز وجل بالتوبةِ مِن عبدِه
إذا تابَ إليه، وأنه يحبُّ ذلك سبحانه وتعالى محبةً عظيمةً.

ولكن لا لأجْل حاجتِه إلى أعمالنا وتوبتنَا، فاللهُ غنيٌّ عنَّا، ولكِنْ لمحبتِهِ
سُبْحَانَهُ للكرمِ فإنَّه يُحِبُّ أن يَغفرَ، وأَنْ يغفِرَ أحبُّ إليه من أَنْ ينتقِمَ ويؤاخِذَ،
ولهذا يفرحُ بتوبةِ الإِنسانِ.


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين