المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 4804


حور العين
03-18-2020, 02:53 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى اسم الرب (08)

ثمراتُ الإيمان بهذا الاسمِ:
3- وقد تكلَّم العلَّامةُ ابنُ القَيِّمِ عن ارتباطِ اسم (الربِّ) باسمِ (اللهِ)
و (الرحمن) كلامًا جيدًا حيثُ يقولُ:

"وتأمَّلْ ارتباطَ الخَلْقِ والأمْرِ بهذه الأسماءِ الثلاثةِ، وهي (الله، والربُّ،
والرَّحمنُ)، كيف نشأ عنها الخلْقُ، والأمرُ، والثوابُ والعِقَابُ؟ وكيف جَمَعتِ
الخلْقَ وفرقتْهُم؟ فلها الجمْعُ، ولها الفَرْقُ.

فاسمُ (الربِّ) له الجمْعُ الجامعُ لجميعِ المخلوقاتِ. فهو ربُّ كلِّ شَيءٍ وخالِقُه،
والقادِرُ عليه لا يخرجُ شيءٌ عن ربوبيتِهِ، وكلُّ مَنْ فِي السماواتِ والأرضِ
عَبْدٌ له فِي قبضتِهِ، وتحتَ قَهْرِهِ، فاجتمعوا بصفةِ الربوبيةِ، وافترقوا بصفةِ
الإلهيَّةِ، فَأَلَّهَهُ وَحْدَهُ السُّعداءُ، وأقرُّوا له طوعًا بأَنَّه اللهُ الذي لا إلَهَ إلا هو،
الذي لا تنبغي العبادةُ، والتَّوكُّلُ، والرَّجاءُ، والخوف، والحبُّ، والإنابة،
والإخْبَات، والخشية، والتذلُّل، والخضوع له.

وهُنا افترقَ الناسُ، وصاروا فريقين: فريقًا مشرِكين في السَّعيرِ،
وفريقًا موحِّدينَ فِي الجَنَّةِ.

فالإِلهيَّةُ هي التي فَرَّقَتْهُم، كما أَنَّ الرُّبوبيةَ هي التي جمعَتْهُمْ.

فالدِّينُ والشَّرعُ، والأَمرُ والنَّهيُ - مَظهرُه وقيامُه - مِن صِفَةِ الإِلهيَّةِ، والخَلْقُ
والإيجادُ والتدبيرُ والفعلُ مِن صِفةِ الربوبيَّةِ، والجزاءُ بالثوابِ والعقابِ
والجَنَّةِ والنَّارِ مِن صِفةِ المُلكِ، وهو مَلكُ يومِ الدِّينِ.

فأمَرهُمْ بإلهيتِهِ، وأعانَهُمْ ووفَّقَهُم وهَداهم وأضلَّهم بربوبيتِهِ.
وأَثابَهم وعاقَبَهُمْ بمُلْكِهِ وعَدْلِهِ. وكلُّ واحدةٍ من هذه الأمورِ
لا تَنْفكُّ عَنِ الأخرى.

وأما الرَّحمةُ: فهي التعلُّقُ، والسَّببُ الذي بَيْنَ اللهِ وبَيْنَ عبادِهِ.

فالتأليهُ منهم له، والرّبوبيةُ منه لهم، والرَّحمةُ سَبَبٌ واصلٌ بينه وبَيْنَ عبادِهِ،
بها أرسلَ إليهم رُسُلَهُ، وأنزلَ عليهم كُتُبَهُ، وبها هَداهم، وبها أسكنَهم دارَ
ثوابِهِ، وبها رَزَقَهم وعافاهم وأَنْعَمَ عليهم، فبيْنهم وبيْنَهُ سَببُ العُبوديةِ،
وبيْنَهُ وبيْنهم سَببُ الرَّحمةِ.
واقترانُ ربوبيتهِ برَحْمتِهِ كاقترانِ استوائِه على عرشِهِ برحمتِهِ.

فـ { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }
[طه: 5]،

مطابقٌ لقوله: { رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }
[الفاتحة: 2، 3]،

فإِنَّ شُمولَ الرُّبوبيَّةِ وسَعتَها بحيثُ لا يخرجُ شيءٌ عنها أقصى شمولٍ
الرَّحمةِ وسَعتَها، فوَسِعَ كلَّ شيءٍ برحْمَتِه وربوبيتهِ، مع أَنَّ في كونِهِ ربًّا
للعالمين ما يدلُّ على عُلُوِّهِ على خلْقِهِ، وكونهِ فوق كلِّ شيءٍ،
كما يأتي بيانُه إِنْ شاءَ اللهُ" اهـ.


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين