المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح الدعاء (22)


حور العين
04-16-2020, 03:59 PM
من:الأخت / الملكة نور




شرح الدعاء (22)






(اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَزِدْنِي عِلْمًا)([1]).

وفي لفظٍ: (وأعوذ باللَّه من حال أهل النار)([2])، وفي لفظٍ آخر:
(وارزقني علماً تنفعني به) ([3]).

الشرح:

هذا الحديث اشتمل على دعوة جامعة تتعلق بالعلم، وما ينبغي أن يكون عليه
شأن المسلم، وطالب العلم مع العلم، وهو يتكوّن من أربع جمل، ثلاث منها
في تحقيق هذا المطلب الجليل والمقصد العظيم للعلم.

قوله: (اللَّهم انفعني بما علمتني):
أي أسألك يا اللَّه الانتفاع بما أتعلمه من العلوم المفيدة، وأن أعمل بمقتضاه
خالصاً لوجهك الكريم، لا للانتفاع به في أغراض الدنيا وزخرفها، ومن رياء
وسمعة؛ فإن العلم النافع هو المقصود، والوسيلة به إلى التعبد للَّه تعالى،
فيصلح الأعمال، والأقوال الظاهر منها والباطن([4]).

قوله: (وعلمني ما ينفعني):
فيه سؤال اللَّه أن يمنّ عليه بالعلم النافع، وهو علم الشريعة الذي فيه صلاح
الدين والدنيا من العبادات والمعاملات، والعلم باللَّه وبأسمائه وصفاته الذي
هو أشرف العلوم، وما يجب له من القيام بأمره، وتحقيق طاعته.

قوله: (وزدني علماً):
أي زدني علماً إلى ما علمتني، كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:

{ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمً }[([5])،

ولم يأمر نبيه بزيادة في أي أمر إلا في العلم؛ فإن الزيادة فيه ترقي العبد إلى
الزيادة في المعارف والعلوم التي تقتضي العمل؛ فإن العلم وسيلة للعمل،
وهو أول المعارف، وأصلها قال اللَّه تعالى:

{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ }، ثم العمل:
{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ }([6]).

وهنا أمر لا بد من التنبيه إليه، أن من يدعو اللَّه تعالى بأن يمنحه العلم
النافع، وأن ينفعه بما علمه كما في الدعاء السابق، لابد له مع الدعاء من
بذل الأسباب المشروعة لتحصيل العلم، قال العلامة ابن سعدي رحمه اللَّه:
(الأدعية القرآنية والنبوية الأمر بها، والثناء على الداعين بها، يستتبع
لوازمها ومتمماتها، فسؤال اللَّه الهداية يستدعي فعل جميع الأسباب
التي تدرك بها الهداية العلمية والعملية)([7]) .

قوله: (وأعوذ باللَّه من حال أهل النار):
استعاذ من حالهم لما فيه من الألم الشديد، والعذاب المديد، وهذا حال من لم
ينتفع بعلمه، ولم يعمل به، فكان حاله ومصيره هو عذاب النار والسعير.

([1]) أخرجه الترمذي، كتاب الدعوات، باب حدثنا أبو كريب، برقم 3599،
وابن ماجه، المقدمة، باب الانتفاع بالعلم، برقم 251، وابن أبي شيبة، 10/
281، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 1/53، وصحيح الترمذي،
برقم 2845.

([2]) الترمذي، كتاب الدعوات، باب حدثنا أبو كريب، برقم 3599، ابن
ماجه، كتاب الأدب، باب فضل الحامدين، برقم 3804، وضعف الألباني
هذه الزيادة في التخريج السابق.

([3]) أخرجه النسائي في الكبرى، 4/ 444، والحاكم، وصححه، 1/ 510،
والدعوات الكبير للبيهقي، 1/ 158، وصححه الألباني في السلسلة
الصحيحة، 11/ 9، برقم 3151.

([4]) فقه الأدعية الأذكار، 4/495 بتصرف يسير .

([5]) سورة طه، الآية: 114.

([6]) سورة محمد،الآية:19.وانظر:فيض القدير، 2/133،
وفقه الأدعية، 4/495 بتصرف يسير.

([7]) مجموع الفوائد، ص 97 .