المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 13


حور العين
05-05-2020, 03:42 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
كيف نقرأ القرآن الكريم في رمضان؟

من أفضل الأعمال التي شرعها لنا الإسلام في رمضان أن نتلو القرآن
الكريم، ونتدبر آياته؛ لأن رمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن؛
قال تعالى:

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }
[البقرة: 185]،

وهذه مزية لهذا الشهر الكريم لا تعدلها مزيةٌ، لذلك سماه سلفنا الصالح شهر
القرآن، فهو الشهر الذي نعيش فيه مع آيات الله عز وجل، ننهل من معينها،
ونَرتشف من رحيقها، ونعيش في ظلالها، ونتعلم أحكامها، ونتدبَّر معانيها.

وتلاوة القرآن الكريم لها فضل عظيم، وأجر كريم، فهي التجارة الرابحة
مع الله - عز وجل - التي لا يضيع ثوابها، ولا يبور جزاؤها؛ قال تعالى:

{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ
وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ }
[فاطر: 29].

ومن فضل هذه التلاوة أن بكل حرف تقرؤه من كتاب الله حسنة والحسنة
بعشر أمثالها؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا
أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» ، ولكي نحصل
هذا الجزاء كاملًا وافيًا يحسُن بنا أن نلتزم بالآداب والنصائح التالية:

1- أن نقرأ القرآن على طهارة:
فهذا أول أدب من آداب التلاوة، وهو المتناسب مع جلال القرآن الكريم
وعظمته، إننا نتلو كلام الله عز وجل الذي أنزله على عباده؛ ليكون هداية
لهم، فهو أعظم كلام وأشرف هَدْي، لذلك ينبغي أن نكون على أشرف الأحوال
وأكملها من طهارة البدن والثياب، وهذه الطهارة مستحبة وليست واجبة؛
قال الإمام النووي: "يُستحب أن يقرأ وهو على طهارة، فإن قرأ محدثًا جاز
بإجماع المسلمين، والأحاديث فيه كثيرة معروفة؛ قال إمام الحرمين:
ولا يقال ارتكب مكروهًا بل هو تارك للأفضل" .

2- أن نستقبل القبلة:
إننا عندما نستقبل القبلة فإننا نستقبل وجه الله عز وجل؛
بدليل قول النبي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَلاَ يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى».

وعندما نقرأ القرآن الكريم فإن الله يكلِّمنا بكلامه، ويخاطبنا بحديثه، فإن هذا
الاستقبال يجعلك تستحضر وقوفك بين يدي الله، وهذا له أثرٌ كبير في خشوع
القلب وسكون النفس عند التلاوة.

3- اختيار المكان:
الغرض من التلاوة هو خشوع القلب، والفَهم والتدبر للآيات، وهذا لا يتأتَّى
إلا في الأماكن التي لا ضوضاء فيها، ولا جلبة وصياح، لذلك ينبغي اختيار
المكان الذي لا يتشوش فيه فكرُك، ويتشتت فيه عقلُك، وخير هذه الأماكن
هو المسجد، لذلك كان أفضل مكان لتلاوة القرآن هو المسجد؛ حيث فيه
الهدوء والسكينة، وتتنزل فيه الرحمات والبركات؛
قال رسول الله صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ،
إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ،
وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ) ،

كما أن المسجد فيه استشعار أنك بحضرة الله عز وجل في بيته، مستقبلًا
قبلته، تاليًا كتابه، منطرحًا بين يديه، وهذا له أكبر الأثر في خشوع
قبلك وسكون جوارحك.

4-اختيار الأوقات المناسبة:
اختر الوقت المناسب الذي تشعر فيه بهمَّتك ونشاطك، وإقبالك على تلاوة
القرآن الكريم، وكذلك ينبغي اختيار الوقت الذي تشعر فيه بفراغ ذهنك؛ حتى
تستطيع تدبُّر آيات القرآن الكريم وفَهْم معانيها، واستشعار حلاوتها، وأفضل
هذه الأوقات هي ساعات الليل؛ حيث الهدوء والسكون التام الذي يعينك على
تدبر الآيات، وقد أرشدنا الله عز وجل إلى ذلك؛ حيث قال:

{ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا }
[المزمل: 6]،

ومعنى الآية كما قال المفسرون: أن ساعات الليل يكون فيها اللسان مواطئًا
للقلب متوافقًا معه؛ أي: ما يقوله اللسان من تلاوة أو ذكر، يكون سهل
الفهم والتدبر من القلب .

كما ألمح النبي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى تلاوة القرآن بالليل، فقال:

«الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة؛ يقول الصيام: أي رب منعته
الطعام والشهوة، فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني
فيه، قال: فيشفعان له» ،

فالقرآن يقول: منعته النوم بالليل يشير إلى أن هذا العب
د كان يتلوه بالليل، سواء كان في الصلاة أو في خارجها.

5-قراءة القرآن بخشوع وتدبر:
المقصود الأعظم من تلاوة القرآن الكريم هو فَهْم معانيه وتدبُّر آياته، ونحن
لا نتلو القرآن الكريم إلا لنعرف أوامر الله فنفعَلها، ونعرف نواهيه فنبتعد
عنها؛ قال تعالى:

{ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } [ص: 29]،

وإن أي تلاوة بلا فهمٍ أو تدبرٍ هي تلاوة قليلة الأثر، وإن مما يُعينك على
الفهم والتدبر أن تبحث عن كل كلمة لا تعرف معناها، أو آية لا تعرف
مغزاها، وذلك من خلال كتب التفسير المبسطة، أو المصاحف التي يكتب
في حواشيها تفسير موجز للآيات، فهذا من أيسر السبل التي تعينك على فَهْم
الآيات وتدبر معانيها، لذلك ينبغي أن يكون همُّك هو تدبر الآيات وفَهْمها،
حتى ولو قرأت بضع آيات فهذا أفضل وأكمل من أن تقرأ مئات الآيات قراءة
متعجلة بلا فهمٍ أو تدبر، وهذا ما أرشدنا إليه سلفنا الصالح، قال ابن بطال
في شرحه على صحيح البخاري: "وقال أبو حمزة: قلت لابن عباس: إني
سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن في ثلاث، فقال: لأن أقرأ البقرة في ليلة
فأتدبرها وأُرتلها خيرٌ من أن أقرأ كما تقول، وقال مرة: خير من أجمع القرآن
هذرمة، وأكثر العلماء يستحبون الترتيل في القراءة ليتدبره القارئ ويتفهَّم معانيه؛
روى علقمة عن ابن مسعود قال: لا تنثروه نثر الدقل، ولا تهذوه
هذَّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب، ولا يكن همُّ أحدكم
آخرَ السورة.

وذكر أبو عبيد أن رجلًا سأل مجاهدًا عن رجل قرأ البقرة وآل عمران، ورجل
قرأ البقرة قيامهما واحد وركوعهما واحد، وسجودهما واحد، أيهما أفضل؟
قال: الذي قرأ البقرة، وقرأ:

{ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ }[الإسراء: 106]".


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين