المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رمضان فرصة لتعظيم الله (14)


حور العين
05-06-2020, 03:49 PM
من: الأخت الزميلة / جِنان الورد



رمضان فرصة لتعظيم الله (14)



وصف الله سبحانه وتعالى في سورة الأنفال المقصود من قراءة القرآن



{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ

زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}



الشاهد: {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} و إذا زادتهم إيماناً ما الصفة التي بعدها؟



{وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}،



فإذا أردت القلب أن يعمل، أن يتوكل ويخاف ويرجو، أن يتعلق بالله معتمداً

على الله؛ اقرأ الآيات كما ينبغي، قراءة مَن تزيده هذه الآيات إيماناً.



هذه عِلّة العِلَل التي نعيشها، العلة في علاقتنا بالقرآن، و علاقتنا التي يجب

أن تكون بالقرآن هي علاقة القارىء الذى يقرأ رسالة يُعظِّم مُرسِلها و يَعلَم

أنّ صلاح حياته على صلاح هذه الرسالة في قلبه، فحتى تقرأ القرآن كما

ينبغي يجب أن تقرأ القرآن على أنه رسالة لك وليس لغيرك، فلو قرأت سورة

الفيل مثلا التي يخُاطبنا الله جميعاً فيها، ماذا يقول

في أول آية في سورة الفيل؟



{أَلَمْ تَـرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}

ألم تَرَ: بعينك أم بقلبك؟ بقلبك، {أَلَمْ تَـرَ} ماذا؟



{كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}



فكم نقرأ هذه السورة في الصلاة وكم نكررها ونعرفها، وأمام هذه السورة

يأتي سؤال: هل رأيت بقلبك كمال صفات الله وقدرته وعظمته وحفظه

ومشيئته فيما فعل في أصحاب الفيل؟ أين هذه الرؤية والله يقول لك وليس

لأحدٍ غيرك {أَلَمْ تَـرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} فالمفترض أن تجعل عين

قلبك على هذه القصة و لا تفكر في الفيل! إنما فكّر في فعل الله! وأصحاب الفيل

معلومةٌ قِصّتهم، لكن على قدر شُهرة قصتهم فلا يقابل ذلك معرفة بفعل

الله الذي أُمرنا أن ننظُر إليه. اقرأ هذه الآية مرات و انظر: ماذا أُمرت أن

ترى بعين قلبك؟ فِعل الله، لم تؤمر بالتفكير في القصة كأحداث، أُمرت أن

تفكر فيها من جهة أن هذه الأحداث تقول لك كيف يَكيد الله بالكائدين، فتُعلّمك

درساً عظيماً من جهة عظمة الله وجبروته وملكه وحكمته وتمام عدله

وأيضاً كيف أنه يكيد الكائدين، فيقال لك: لو كادوك و جمعوا عليك الأرض

لكي يكيدوك، ولو رأيتهم بعينك يكادون أن يبلغوا مُرادهم فانظر كيف فعل الله

بأصحاب الفيل! خرجوا من بلادهم، وما أهلكهم و لا خسف بهم في بلادهم!

إنما ساروا وساروا حتى أصبحوا أمام مقصودهم تماماً، ثم في هذه اللحظة

كادَ لهم؛ وهذا هو الكيد! لا تظن أن الكيد مباشرة في أن الله عز وجل يُهلك

من عاداك! إنما الكَيْد أعظم من أن يحصل الإهلاك المباشر؛ معنى الكيد:

أن يتصور هذا الذي يكيدك أنّه قد بلغ أن يفلح في كيده، ما بقي إلا ورقه واحدة

يوقّعها و يكون كذا و كذا عليك، الآن هو مُتأكد أنه سيصل، في هذه

اللحظة يأتي كيد الله! لما يبلغ الماكر أو الكائد حدّه في تصوّر أنه قد أفلح،

في هذه اللحظة يأتي كيد الله. هذا الشيء كيف تفهمه عن الله؟ و كيف من ثم

تطمئن لله؟ وكيف لا يكون في قلبك خوفٌ من المكر؟ لما تقرأ هذه السورة

كما ينبغي! و هذه السورة مع تردادها في الذهن لكن كم يكون غيابها

في القلب!