المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 4919


حور العين
08-21-2020, 02:25 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

معنى الأول والآخر (01)

أَوَلًا: الدِّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (الأَوَّلِ)

الأَوَّلُ في اللُّغَةِ عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ، تَأْسِيسُ فِعْلِه مِنْ هَمْزَةٍ ووَاو ولَامٍ، آلَ يَؤُولُ
أَوْلًا، وقَدْ قِيلَ مِنْ وَاوَينِ ولامٍ، والأَوَّلُ أَفْصَحُ وهُوَ في اللُّغَةِ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ
للمَوْصُوفِ بالأَوَّلِيَّةِ؛ وهُوَ: الذِي يَتَرَتَّبُ عَليهِ غَيْرُه، والأَوَّلِيَّةُ أَيْضًا: الرُّجُوعُ
إلَى أَوَّلِ الشَّيْءِ، ومَبْدَؤُه أو مَصْدَرُه وأَصْلُه، ويُسْتَعْمَلُ الأَوَّلُ للمُتَقَدِّمِ بالزَّمَانِ
كقولِك: عَبْدُ المَلِكِ أوَّلًا ثُمَّ المنْصُورُ، والمتَقَدِّمُ بالرياسَةِ في الشيءِ وكَوْنُ
غَيْرِه مُحْتَذِيًا به نَحوَ: الأميرِ أوَّلًا ثُمَّ الوزيرِ، والمتَقَدِّم بِالنِّظَامِ الصِّنَاعِي نَحْوَ
أنَ يُقَالَ: الأَسَاسُ أَوَّلًا ثُمَّ البِنَاءُ.

والأوَّلُ سُبْحَانَهُ هُوَ الذِي لم يَسْبِقْه في الوجُودِ شَيْءٌ، وهُوَ الذِي عَلَا بِذَاتِه
وشَأْنِه فَوْقَ كُلِّ شَيءٍ، وهُوَ الذِي لا يَحْتَاجُ إلى غَيْرِهِ في شيءٍ، وهُوَ
المسْتَغْنِي بِنَفْسِه عَنْ كُلِّ شَيءٍ، فالأوَّلُ اسْمٌ دَلَّ عَلَى وَصْفِ الأَوَّلِيَّةِ، وأَوَّلِيَّةُ
اللهِ تَقَدُّمُه عَلَى كُلِّ مَنْ سِوَاه في الزَّمَانِ، فَهِي بمَعْنَى القَبْلِيَّةِ خِلَافَ البَعْدِيَّةِ،
أَو التَّقَدُّمِ خِلَافَ التَّأَخُّرِ، وهَذِه أَوَّلِيَّةٌ زَمَانِيَّةٌ، ومِنَ الأَوَّلِيَّةِ أَيْضًا تَقَدُّمُهُ
سُبْحَانَهُ عَلَى غَيْرِه تَقَدُّمًا مُطْلَقًا في كُلِّ وَصْفِ كَمَالٍ، وَهَذا مَعْنَى الكَمَالِ في
الذَّاتِ والصِّفَاتِ، في مُقَابِلِ العَجْزِ والقُصُورِ لغَيْرِهِ مِنَ المخْلُوقَاتِ، فَلا يُدَانِيه
ولا يُسَاويهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِه؛ لأنَّه سُبْحَانَه مُنْفَرِدٌ بِذَاتِهِ ووَصْفِهِ وفِعْلِهِ، فَالأَوَّلُ
هُوَ الُمتَّصِفُ بِالأَوَّلِيَّةِ، وَالأَوَّلِيَّةُ وَصْفٌ للهِ وَلَيْسَتْ لأِحَدٍ سِوَاهُ ، وَرُبَّمَا
يَسْتَشْكِلُ البَعْضُ وَصْفَ اللهِ بالأَوَّلِيَّةِ مَعَ وَصْفِهِ بِدَوَامِ الخَالِقِيَّةِ والقُدْرَةِ
والفَاعِلِيَّةِ، فَإِذَا كَانَ اللهُ تبارك وتعالى هُوَ الأَوَّلَ الَّذِي لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ، فَهَلْ
يَعْنِي ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مُعَطَّلًا عَنِ الفِعْلِ ثُمَّ أَصْبَحَ خَالِقًا فَاعِلًا قَادِرًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ؟

والجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ:
إنَّ اللهَ تبارك وتعالى مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ مُرِيدٌ فَعَّالٌ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ كَمَا قَالَ:

{ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ }
[البروج: 15، 16]،

وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ تبارك وتعالى أَنَّهُ قَبْلَ وُجُودِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَمْ يَكُنْ سِوَى
الْعَرْشِ والَماءِ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

{ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ }
[هود: 7]،

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين