المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لو علمتم مافاتكم من الرزق بسبب المعاصي


vip_vip
05-09-2012, 08:24 PM
لو علمتم مافاتكم من الرزق بسبب المعاصي (http://www.ataaalkhayer.com/)
والذنوب لقتلتم انفسكم حسرات (http://www.ataaalkhayer.com/)

يقول نبينا صلى الله عليه وسلم

(إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه )

عندما قرأت هذا الحديث تذكرت قول احد المشائخ
عندما قال لو علمتم مافاتكم من الرزق
بسبب المعاصي والذنوب لقتلتم انفسكم حسرات
فتعال نبحر في روائع ابن القيم الجوزية - رحمه الله -
حول أثر الذنوب والمعاصي على الفرد
يقول رحمه الله


وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة ,
والمضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه الا الله .
1- فمنها : حرمان العلم, فإن العلم نور يقذفه الله في القلب ,
والمعصية تطفيء ذلك النور .
ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه
ما رأى من وفور فطنته , وتوقد ذكائه , وكمال فهمه ,
فقال :

إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية


وقال الشافعي : (http://www.ataaalkhayer.com/)
شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي وقال :

اعلم بأن العلم فضلٌوفضلُ الله لا يؤتاه عاصِ


2- ومنها حرمان الرزق : .....
وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق فترك التقوى مجلبة للفقر ,
فما استجلب رزق الله بمثل ترك المعاصي .


3- ومنها وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله,
لاتوازنها ولاتقارنها لذة أصلاً , ولو اجتمعت له لذات الدنيا
بأسرها لم تَفِ بتلك الوحشة , وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة ...
وما لجرح بميت إيلامُ , فلو لم تترك الذنوب إلا حذراً
من وقوع تلك الوحشة , لكان العاقل حرياً بتركها .
وشكى رجل إلى بعض العارفين وحشة يجدها في نفسه , فقال له :

إذا كنت قد أوحشتك الذنوب
فدعها إذا شئت واستأنسِ .

وليس على القلب أمَرُّ من وحشة الذنب على الذنب فالله المستعان .


4- ومنها الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس,
ولاسيما أهل الخير منهم , فإنه يجد وحشة بينه وبينهم ,
وكلما قويت تلك الوحشة بَعُدَ منهم ومن مجالستهم ,
وحُرِمَ بركة الانتفاع بهم , وقَرُبَ من حزب الشيطان بقدر
ما بَعُدَ من حزب الرحمن , وتَقْوَى هذه الوحشة حتى تستحكم ,
فتقع بينه وبين إمرأته وولده وأقاربه , وبينه وبين نفسه
فتراه مستوحشا من نفسه , وقال بعض السلف
إني لأعصي الله فأرى ذلك في خُلُق دابتي وإمرأتي .


5- ومنها تعسير أموره عليه ؛ فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقاً دونه,
أو متعسراً عليه ؛ وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا ,
فمن عَطَّلَ التقوى جعل الله له من أمره عسرا . ويالله العجب !
كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة
عنه متعسرة عليه وهو لا يعلم من أين أُتيَ .


6- ومنها ظلمةٌ يجدها في قلبه حقيقة :

يُحِسُّ بها كما يُحِسُّ بظلمة الليل البهيم , إذا ادلهم ,
فتصيرُ ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره ,
فإن الطاعة نور والمعصية ظلمة , وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته ,
حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر ,
كأعمى أخرج في ظلمة الليل يمشي وحده وتَقوى
هذه الظلمة حتى تظهر في العين ثم تقوى حتى تعلو الوجه
وتصير سواداً فيه حتى يراه كل أحد .

قال عبد الله بن عباس : (http://www.ataaalkhayer.com/)

إن للحسنة ضياءً في الوجه , ونوراً في القلب وسعة في الرزق ,
وقوة في البدن , ومحبة في قلوب الخلق ,
وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القلب ,
ووهناً في البدن , ونقصاً في الرزق وبغضة في قلوب الخلق .


7- ومنها ان المعاصي توهن القلب والبدن:

أما وهنها للقلب فأمر ظاهر , بل لا تزال توهنه حتى تزيل حياته بالكلية ,
وأما وهنها للبدن فإن المؤمن قوته من قلبه ,
وكلما قوى قلبه قوى بدنه ,
وأما الفاجر فإنه وإن كان قوى البدن فهو أضعف شيء
عند الحاجة فتخونه قوته عند أحوج ما يكون إلى نفسه .
وتأمل قوة أبدان فارس والروم كيف خانتهم ,
أحوج ما كانوا إليها , وقهرهم أهل الإيمان بقوة أبدانهم وقلوبهم .


8- ومنها : حرمان الطاعة ؛

فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أنه يصد عن طاعة تكون بَدَلَه ,
ويقطع طريق طاعة أخرى , فينقطع عليه بالذنب طريق ثالثة ,
ثم رابعة وهلم جرا , فتنقطع عنه بالذنب طاعات كثيرة ,
كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها ,
وهذا كرجل أكل أكلة أوجبت له مرضة طويلة
منعته من عدة أكلات أطيب منها والله المستعان .


9- ومنها : أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته ولابد ,
فإن البر كما يزيد في العمر فالفجور يقصر العمر .
وقد اختلف الناس في هذا الموضع : فقالت طائفة :
نقصان عمر العاصي هو ذهاب بركة عمره ومحقها عليه .
وهذا حق وهو بعض تأثير المعاصي .
وقالت طائفة : بل ينقص حقيقة ,
كما ينقص الرزق فجعل الله سبحانه للبركة في الرزق أسبابا
كثيرة تكثره وتزيده , وللبركة في العمر أسبابا تكثره وتزيده .
قالوا ولا تمنع زيادة العمر بأسباب كما ينقص بأسباب -
فالأرزاق والآجال والسعادة والشقاوة والصحة والسقم
والمرض والغنى والفقر وإن كانت بقضاء الله عز و جل
فهو يقضي ما يشاء بأسباب جعلها موجبة لمسبباتها مقتضية لها .

وقالت طائفة أخرى : تأثير المعاصي في محق العمر
إنما هو بأن تفوته حقيقة الحياة , وهي حياة القلب .
ولهذا جعل الله سبحانه الكافر ميتا غير حي , كما قال تعالى

{ أمواتٌ غيرُ أحياء }

النحل 12 –

فالحياة في الحقيقة حياة القلب وعمر الإنسان مدة حياته ,
فليس عمره إلا أوقات حياته بالله , فتلك ساعات عمره ,
فالبر والتقوى والطاعة تزيد في هذه الأوقات التي هي حقيقة
عمره ولا عمر له سواها .


10- منها أن المعاصي تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا ؛
حتى يَعٌزُّ على العبد مفارقتها والخروج منها ,
كما قال بعض السلف : أن من عقوبة السيئة السيئة بعدها ,
وأن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ,
فالعبد إذا عمل حسنة قالت أخرى إلى جنبها اعملني أيضا
فإذا عملها قالت الثانية كذلك وهلم جرا ,
فتضاعف الربح وتزايدت الحسنات ؛