المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 4963


حور العين
10-06-2020, 03:15 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
لست وحدك

حين يَعجِز القلم عن الكتابة، فتتعثر الكلمات وتضيق الحنايا بالألآم والآهات،
حين تشعر بالملل وتتقطع بك السبل، وتلتفت فلا ترى سوى ظلك، وتبحث
عن سند، فلا تجد إلا نفسك تذكر حينها أنك تسير وحدك، قد أتعبتك الحياة
وارتويت من مرارتها، وذقت من البؤس والأسى جرعات، في دروب الحياة
عش كما قدِّر لك سعيدًا أم شقيًّا، فيما تعارف عليه الناس في ظاهر الحياة
الدنيا، وحقيقة الأمر عند الله تعالى لا يعلمها غيره، لذلك عش لله ولا تعش
لسواه، مَن خلَقك ورزَقك، وبيده حياتك وأجلك، ولا تنسَ أنك مبتلى بالخير
والشر فتنة للعباد، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، نسأل الله
تعالى المعافاة، والمؤمن يشكر الله في السراء، ويصبر على حاله في
الضراء، وهو مأجور في كل أحواله،

(حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ )،

وكلمات المؤمن طيبة كطيبة قلبه لصلته القوية بربه ولسان حاله ومقاله:
رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولًا،
تجده أسعد الناس مطمئنَّ البال، راضيًا بما قسم، وفي زحمة الدنيا وتشابك
الأحداث وغفلة الناس، تغيب عن الكثير سبل النجاة والسعادة في الحياة،
فمنهم من يجعلها في هاتف نقَّال، وغيره في علاقة محرَّمة، وثالث في تعاطي
ممنوعات، وآخر في اقتناء أحدث السيارات، وغيرهم في تطاول العمارات،
وحقيقة ذلك أوهام ومأساة، فمن أنعم الله عليه بالغنى، فلينظر إلى حال
الفقراء والمساكين، ومن تقلد المناصب، ففيها تكليف وليس تشريف،
ومن أعطاه الله الصحة والعافية، فلا يحتقر عباد الله، ومن أحسن الله إليه،
فليحسن إلى عباد الله.

عدت لصاحبي فقلت: لست وحدك، فالكل له أزمات، وتشغله ظروف الحياة،
فاصنَع من المحن منحًا، ومن الدموع شموعًا تضيء دربك، وتقوِّي ثقتك
بربك الكبير المتعال الذي يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء
في الليلة الظلماء، من نجَّى نوحًا من الغرق، وإبراهيم من الحرق، ورد على
يعقوب بصره، وجمع بينه وبين يوسف بعد سنين فأبصره، تذكَّر دعاء
يونس وهو يكابد الظلمات الثلاث: ظلمة البحر، وظلمة الليل، وظلمة بطن
الحوت؛ قال تعالى عن يونس عليه السلام:

{ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }
[الصافات: 143، 144].

لذلك في سجودك رفعٌ لدرجتك، في دعائك، في استغفارك، وتسبيحك في
صلاتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، في صنائع المعروف من أعمال
البر والخير الذي تبذله للغير، تلك من الباقيات الصالحات عند الله تعالى.

ابحث في سر وجودك ترَ عظمة الخالق عزَّ وجل، وضعف المخلوق، رفع
السماء بغير عمد، ووضع الأرض، وجعل لها رواسي ووتدًا، وسخر للعباد
الشمس والقمر والليل والنهار لمن أراد شكر النعمة؛ قال تعالى
في سورة الفرقان:

{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا }
[الفرقان: 62].

لست وحدك في هذا الوجود، فالله سخر لك الدنيا، واستخلفك فيها، وابتلاك
فيها؛ ليرى عملك صالحًا أم طالحًا، لست وحدك فالله يراك ويرعاك،
والملائكة تحفظك وتحرسك، والرسول نبيك وشفيعك، والمؤمنون يخلصون
دعواتهم لك، وهذا الكون الفسيح يسبح بحمد الله، والكل يسبح بحمده
ولا نفقه تسبيحهم.

رحم الله القائل:
هذي عجائب طالَما أخذت بها
عيناك وانفتحت بها أذناكَا
يا أيها الإنسان مَهلًا ما الذي
بالله جل جلاله أغراكا؟
ربي لك الحمد العظيم لذاتك
حمدًا وليس لواحد إلاكَ
يا مُدرك الأبصار والأبصار لا
تدري له ولكُنهه إدراكَا



أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين