المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث اليوم 5059


حور العين
04-20-2021, 06:23 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

حديث اليوم




( باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم )


حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا ابن أبي ذئب حدثنا سعيد المقبري
عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

( من لم يدع قول الزور والعمل به
فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )

الشرح
قوله : ( باب : من لم يدع ) أي : يترك ( قول الزور والعمل به ) زاد
في نسخة الصغاني : " في الصوم " . قال الزين بن المنير : حذف الجواب
؛ لأنه لو نص على ما في الخبر لطالت الترجمة ، أو لو عبر عنه بحكم معين
لوقع في عهدته فكان الإيجاز ما صنع .

قوله : ( حدثنا سعد المقبري عن أبيه )
كذا في أكثر الروايات عن ابن أبي ذئب ، وقد رواه ابن وهب عن ابن أبي
ذئب فاختلف عليه : رواه الربيع عنه مثل الجماعة ، ورواه ابن السراج عنه
فلم يقل : " عن أبيه " أخرجها النسائي ، وأخرجه الإسماعيلي من طريق
حماد بن خالد عن ابن أبي ذئب بإسقاطه أيضا ، واختلف فيه على
ابن المبارك فأخرجه ابن حبان من طريقه بالإسقاط ، وأخرجه النسائي
وابن ماجه وابن خزيمة بإثباته ، وذكر الدارقطني أن يزيد بن هارون
ويونس بن يحيى روياه عن ابن أبي ذئب بالإسقاط أيضا ، وقد أخرجه أحمد
عن يزيد فقال فيه : " عن أبيه " ، والذي يظهر أن ابن أبي ذئب كان تارة
لا يقول عن أبيه وفي أكثر الأحوال يقولها ، وقد رواه أبو قتادة الحراني
عن ابن أبي ذئب بإسناد آخر فقال : " عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة
عن أبي هريرة " وهو شاذ والمحفوظ الأول .

قوله : ( قول الزور والعمل به )
زاد المصنف في الأدب عن أحمد بن يونس عن ابن أبي ذئب " والجهل "
وكذا لأحمد عن حجاج ويزيد بن هارون كلاهما عن ابن أبي ذئب ، وفي
رواية ابن وهب " والجهل في الصوم " ولابن ماجه من طريق ابن المبارك
: من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به جعل الضمير في " به " يعود
على الجهل ، والأول جعله يعود على قول الزور ، والمعنى متقارب ، ولما
روى الترمذي حديث أبي هريرة هذا قال : وفي الباب عن أنس . قلت :
وحديث أنس أخرجه الطبراني في " الأوسط " بلفظ : من لم يدع الخنا
والكذب ورجاله ثقات ، والمراد بقول الزور : الكذب ، والجهل : السفه ،
والعمل به أي : بمقتضاه ، كما تقدم .

قوله : ( فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )
قال ابن بطال : ليس معناه أن يؤمر بأن يدع صيامه ، وإنما معناه التحذير
من قول الزور وما ذكر معه ، وهو مثل قوله : " من باع الخمر فليشقص
الخنازير " أي : يذبحها ، ولم يأمره بذبحها ولكنه على التحذير والتعظيم
لإثم بائع الخمر . وأما قوله : فليس لله حاجة فلا مفهوم له ، فإن الله
لا يحتاج إلى شيء ، وإنما معناه فليس لله إرادة في صيامه فوضع الحاجة
موضع الإرادة ، وقد سبق أبو عمر بن عبد البر إلى شيء من ذلك .

قال ابن المنير في " الحاشية " : بل هو كناية عن عدم القبول ، كما يقول
المغضب لمن رد عليه شيئا طلبه منه فلم يقم به : لا حاجة لي بكذا . فالمراد
رد الصوم المتلبس بالزور وقبول السالم منه ، وقريب من هذا قوله تعالى :

{ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ }

فإن معناه : لن يصيب رضاه الذي ينشأ عنه القبول . وقال ابن العربي :
مقتضى هذا الحديث أن من فعل ما ذكر لا يثاب على صيامه ، ومعناه : أن
ثواب الصيام لا يقوم في الموازنة بإثم الزور وما ذكر معه . وقال البيضاوي
: ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش ، بل ما يتبعه من
كسر الشهوات وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة ، فإذا لم يحصل ذلك
لا ينظر الله إليه نظر القبول ، فقوله : ليس لله حاجة مجاز عن عدم القبول ،
فنفى السبب وأراد المسبب ، والله أعلم .

واستدل به على أن هذه الأفعال تنقص الصوم ، وتعقب بأنها صغائر تكفر
باجتناب الكبائر . وأجاب السبكي الكبير بأن في حديث الباب والذي مضى
في أول الصوم دلالة قوية للأول ؛ لأن الرفث والصخب وقول الزور والعمل
به مما علم النهي عنه مطلقا ، والصوم مأمور به مطلقا ، فلو كانت هذه
الأمور إذا حصلت فيه لم يتأثر بها لم يكن لذكرها فيه مشروطة فيه معنى
يفهمه ، فلما ذكرت في هذين الحديثين نبهتنا على أمرين : أحدهما : زيادة
قبحها في الصوم على غيرها ، والثاني : البحث على سلامة الصوم عنها ،
وأن سلامته منها صفة كمال فيه ، وقوة الكلام تقتضي أن يقبح ذلك لأجل
الصوم ، فمقتضى ذلك أن الصوم يكمل بالسلامة عنها . قال : فإذا لم يسلم
عنها نقص . ثم قال : ولا شك أن التكاليف قد ترد بأشياء وينبه بها على
أخرى بطريق الإشارة ، وليس المقصود من الصوم العدم المحض كما
في المنهيات ؛ لأنه يشترط له النية بالإجماع ، ولعل القصد به في الأصل الإمساك
عن جميع المخالفات ، لكن لما كان ذلك يشق خفف الله وأمر
بالإمساك عن المفطرات ، ونبه الغافل بذلك على الإمساك عن المخالفات ،
وأرشد إلى ذلك ما تضمنته أحاديث المبين عن الله مراده ، فيكون اجتناب
المفطرات واجبا ، واجتناب ما عداها من المخالفات من المكملات ، والله أعلم

وقال شيخنا في شرح الترمذي : لما أخرج الترمذي هذا الحديث ترجم ما جاء
في التشديد في الغيبة للصائم ، وهو مشكل ؛ لأن الغيبة ليست قول الزور ،
ولا العمل به ؛ لأنها أن يذكر غيره بما يكره ، وقول الزور هو الكذب ، وقد
وافق الترمذي بقية أصحاب السنن فترجموا بالغيبة ، وذكروا هذا الحديث ،
وكأنهم فهموا من ذكر قول الزور والعمل به الأمر بحفظ النطق ، ويمكن أن
يكون فيه إشارة إلى الزيادة التي وردت في بعض طرقه وهي الجهل ، فإنه
يصح إطلاقه على جميع المعاصي . وأما قوله : " والعمل به " فيعود على
الزور ، ويحتمل أن يعود أيضا على الجهل أي : والعمل بكل منهما .

( تنبيه ) : قوله : " فليس لله " وقع عند البيهقي في " الشعب "
من طريق يزيد بن هارون ، عن ابن أبي ذئب " فليس به " بموحدة
وهاء ضمير ، فإن لم يكن تحريفا فالضمير للصائم .



أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين

ر