المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موسوعة المؤرخين (102)


حور العين
08-08-2021, 05:24 PM
الأخت / الملكة نور

موسوعة المؤرخين (102)



عمر فروخ وجهوده في خدمة التاريخ الإسلامي (05)

- تجديد التاريخ:
الواقعة (الحادثة التاريخيَّة) الواحدة يُمكن في كثيرٍ من الأحوال أن
تُكْتَب -كما يُؤكِّد فروخ- عددًا من المرَّات على أوجهٍ مختلفة، يُدوِّن
المؤرِّخ عادةً كلَّ واقعةٍ على وجهٍ يستند فيه إلى ما يُعرف من التفاصيل المتَّصلة
بتلك الواقعة، وإلى ما يُدرك من أسباب حدوثها، فإذا اتَّفق أن
عرف ذلك المؤرِّخ فيما بعد عددًا جديدًا من التفاصيل، أو أدرك عددًا جديدًا
من الأسباب، وجب عليه حينئذٍ أن يُعيد كتابة هذه الواقعة من جديد،
حتى يدخل تلك التفاصيل الجديدة وتلك الأسباب التي أدركها استئنافًا
في الإطار التاريخي، الذي يجعل هذه الواقعة نفسها أوضح في السرد،
وألصق بالمنطق، وأقرب إلى الواقع؛ إلى الذي جرى في التاريخ.

وفي رواية التاريخ طرفان: السرد القصصي، والمعالجة المعلَّلة
(المفَلْسَفة بالأسباب والنتائج).

أمَّا التاريخ الذي يجري في السرد القصصي (وهو ليس بتاريخٍ على
الحقيقة) كقصَّة عنتر، ومغامرات الأبطال الخرافيِّين، والتاريخ الوطني
للأطفال، ممَّا يُراد به تسلية عوامِّ الناس أو تحميسهم أو تنشئتهم تنشئةً معيَّنةً
بضرب الأمثال، فيرى عمر رحمه الله أن يكتب مرَّةً واحدةً كتابة
عاطفيَّة منمَّقة، ثم يبقى على صورته هذه أبدًا "إلَّا ما يُضاف إليه بين
الحين والحين من زيادةٍ في المبالغـات، أو زيادة الألفـاظ، لزيادة التأثيـر
في العواطف، أو ما ينقص أحيانًا بالنسيان، أو ما يبدل فيه تبعًا لرغبة
السامعين، أو مداراة للحاكمين، أو تقرُّبًا لذوي البأس والوجاهة ممَّن
يظهرون بين الحين والحين في ميدان الحياة السياسية
أو على مسرح الحياة الاجتماعية".

وأمَّا الطرف الثاني من رواية التاريخ، فهو التاريخ الذي يجري
في المعالجة المعلَّلة، وهو المقصود ببحث "تجديد التاريخ" وهو
مجموع الوقائع التي يجب أن نُعيد كتابتها مرَّةً بعد مرَّة، كلَّما وصل إلينا
تفاصيلُ جديدة منها، أو انكشف لنا أسبابٌ مستأنفٌ لها.