المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 5451


حور العين
02-19-2022, 06:00 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641
درس اليوم

من مشكاة النبوة

عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :

)المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف . وفي كل خير.

احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ، ولا تعجز . وإن أصابك شيء

فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا ،

ولكن قل : قدر الله ، وما شاء فعل . فإن لو تفتح عمل الشيطان(.



هذا الحديث من جوامع كلمه -صلى الله عليه وسلم- ، ويمثل - بما يتضمنه

من المعاني والدلالات- منهجاً سلوكياً مبنياً على قاعدة اعتقادية واضحة

وراسخة ، هذه القاعدة هي الإيمان بالقدر إيماناً صحيحاً بعيداً عن الاتكالية

التي يهوي فيها كثير من المسلمين نتيجة الفهم الخاطئ لعقيدة القضاء

والقدر ، مما يفتح الطريق لأعداء الإسلام لرميه بكل الصفات المُنَفِّرة ،

ولوصم المسلمين كلهم بأنهم سلبيون واتكاليون وغير جديرين بأخذ زمام

المبادرة في أي شيء ، ولاتخاذ هذه الشبهة فاتحة وخاتمة يفتتحون

ويختتمون بها هجومهم على كل ما يمت إلى الإسلام بصلة .



يبدأ الحديث بتقرير حقيقة . لا ينبغي أن يعتريها الغموض ، ولا أن يحيط بها

الشك وهي حقيقة التطلع إلى العلو ، والارتفاع عن الضعة والضعف ،

والمجاهدة والمكابدة من أجل التخلص من كل ما يربط الإنسان بالأرض ،

حقيقة القوة .



)المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف .

وفي كل خير(



هكذا على الوجه الذي يستغرق كل معاني القوة وكل معاني الخيرية ،

دون استثناء ، فلا يشار في الحديث إلى نوع معين من معاني القوة ،

ولا يحدد لها محتوى محدد تنحصر فيه ، كي لا تنجرف الشخصية إلى

تقديس نوع بعينه من أنواع القوى ، فالمطلوب من المؤمن أن يكون قوياً

في كل شيء ما وسعه ذلك . قوة في البدن ، وقوة في الحق, وهذه القوة

المفضلة المحبوبة من الله ليست غاية بحد ذاتها ، وإنما هي وسيلة لغاية

أسمى ، فالمؤمن القوي أقدر على نشر الحق وتعريف الناس به ، سواء

في قوة حجته أو قوة شخصيته وسلوكه , والقوة التي يشيد بها النبي

صلى الله عليه وسلم- ويجعلها مناط التفضيل هي القوة المنبعثة من الإيمان ،

والمؤسسة على القاعدة التي تعصمها من الشطط والتهور ؛ فتشيع الأمن

في النفوس والاطمئنان في المجتمعات وليست القوة التي تنطلق من عقالها

لتهلك الحرث والنسل ، وتبث الرعب ، وتركب مراكب التدمير لتعبد الناس

لها . وهكذا يحدد الرسول الكريم للمؤمن الغاية والهدف ، ويسلحه بالوسيلة

، ويرسم له مجال العمل : قلب متصل بالله ومتجه إليه ,وجهد إيجابي يتطلع

إلى الأحسن دائماً ، وأعمال تستمد فاعليتها عن تسديد الله لها ، ونفس

راضية تقابل المصاعب بالصبر والثبات ، وسد لكل ذرائع الشيطان التي

يسهل تسلله منها . فلله ما أَسَدَّ هذا الكلام ، وما أسمى هذا التوجيه ،

ولسنا ندري -والله- بأي جانبيه نحن أشد إعجاباً : بوجازته وجمال سبكه ؟

أم بما احتواه من كريم المعنى وجليل المحتوى ؟ ! فصلى الله وسلم

على قائله ، وجمعنا به ، وسقانا من حوضه .

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين