حور العين
03-17-2022, 03:17 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641
درس اليوم
لمَ يَغيبُ الخطاب الأخروي
في مكة حيث الضعف والانكسار وقلة العدد وانعدام العتاد , وقد تجمعت
العرب على كلمة الكفر , وصمُّوا عن الحق آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا
على الضلال وإضلال الناس إصرارا , وأنفقوا الأموال كي لا تكون كلمة الله
هي العليا , كانت الدعوة لا تتكلم عن شيء أكثر مما تتكلم عن اليوم الأخر
ابتداء من القبر وما فيه ويوم الحساب وما فيه والجنة والنار ، حتى أصبحت
سمة بارزة لما نزل من القرآن في مكة المكرمة .
بلغة العقلاء المفكرين ... الإصلاحيين : كان الحال يومها يستدعي مرونة
في الطرح بإظهار شيء مما تخفيه تلال الأيام ويستيقن منه الرسول
عليه الصلاة والسلام من نصر وفتح وغنيمة ، حتى يكثر العدد وتكون قوة
تواجه هذه القوى . ولكنَّ شيئا من هذا لم يحدث ، وأصرت الدعوة على أن
تبدأ من اليوم الآخر ترغيبا وترهيبا . تحاول أن تجعل القلوب معلقة بما عند
ربها ترجو رحمته وتخشى عقابه. ويكون كل سعيها دفعا للعقاب وطلبا
للثواب فتكون الدنيا بجملتها مطية للآخرة . ورسول الله صلى الله عليه وسلم
هو أيضا تربى على هذا المعني , فقد كان يتنزل عليه
" وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ
عَلَى مَا يَفْعَلُونَ [ يونس : 46]
" وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ
وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ " [يونس : 40]
وهكذا استقامت النفوس تبذل قصارى جهدها في أمر الدنيا ترجوا به ما
عند الله فكان حالهم كما وصف ربهم " تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا
من الله ورضوانا " فهذا وصف للظاهر ( ركعا سجدا) ووصف للباطن
( يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) ، والسياق يوحي بأن هذه هي هيئتهم
الملازمة لهم التي يراهم الرائي عليها حيثما يراهم . كما يقول صاحب الظلال
ـ رحمه الله ــ . ومن يتدبر آيات الأحكام في كتاب الله يجد أن هناك إصرار من
النص القرآني على وضع صورة الآخرة عند كل أمر ونهي ضمن السياق
بواحدة من دلالات اللفظ ، المباشرة منها أو غير المباشر فمثلا يقول الله
تعالى " ويل للمطففين . الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم
أو وزنوهم يخسرون . ألا يظن أولئك أنهم مبعثون ليوم عظيم .
يوم يقوم الناس لرب العالمين ... " فتدبر كيف يأتي الأمر بعدم تطفيف الكيل
حين الشراء وبخسه حين البيع في ظلال مشاهد يوم القيامة وحال البار فيها
والفاجر ؟ ومثله " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور
" فهنا أمر بالسعي على الرزق , وتذكير بأن هناك نشور ووقوف بين يدي
الله عز وجل فيسأل المرء عن كسبه من أين وإلى أين ؟ بل واقرأ عن الآيات
التي تتحدث عن الطلاق في سورة البقرة تجد أنها تختم باسم أو اسمين
من أسماء الله عز وجل " ... فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " " ...
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " " ... وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ "
" ... وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " " .... إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "
وهذا لا شك استحضار للثواب والعقاب . وإذا كان هذا أسلوب القرآن العظيم
في عرض قضايا الشريعة ، وهو ما تربى عليه الصحابة رضوان الله عليهم
فلم يغيب الطرح الأخروي عن المشاريع الفكرية التي تنتجها أقلام
( الإصلاحيين ) وخاصة حين يتكلمون إلى الكافرين أو العلمانيين ؟ . . .
لم هذا الخطاب الدعوي المنقوص ؟ لم لا نخاطبهم :آمنوا بربكم الذي خلقكم
ورزقكم وأحياكم ويميتكم ثم يحاسبكم ؟ لم لا نناديهم : أسلموا قبل أن تكونوا
من جثي جهنم التي وصفها كذا وكذا ؟ أسلموا كي لا تحرموا جنة فيها وفيها
...؟ ويدور الحوار حول دلائل صدق الخبر ومطلب المخبر . أسذاجة ؟
لا وربي .فهكذا نشأت خير أمّة أخرجت للناس ، ودونكم السيرة .
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641
درس اليوم
لمَ يَغيبُ الخطاب الأخروي
في مكة حيث الضعف والانكسار وقلة العدد وانعدام العتاد , وقد تجمعت
العرب على كلمة الكفر , وصمُّوا عن الحق آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا
على الضلال وإضلال الناس إصرارا , وأنفقوا الأموال كي لا تكون كلمة الله
هي العليا , كانت الدعوة لا تتكلم عن شيء أكثر مما تتكلم عن اليوم الأخر
ابتداء من القبر وما فيه ويوم الحساب وما فيه والجنة والنار ، حتى أصبحت
سمة بارزة لما نزل من القرآن في مكة المكرمة .
بلغة العقلاء المفكرين ... الإصلاحيين : كان الحال يومها يستدعي مرونة
في الطرح بإظهار شيء مما تخفيه تلال الأيام ويستيقن منه الرسول
عليه الصلاة والسلام من نصر وفتح وغنيمة ، حتى يكثر العدد وتكون قوة
تواجه هذه القوى . ولكنَّ شيئا من هذا لم يحدث ، وأصرت الدعوة على أن
تبدأ من اليوم الآخر ترغيبا وترهيبا . تحاول أن تجعل القلوب معلقة بما عند
ربها ترجو رحمته وتخشى عقابه. ويكون كل سعيها دفعا للعقاب وطلبا
للثواب فتكون الدنيا بجملتها مطية للآخرة . ورسول الله صلى الله عليه وسلم
هو أيضا تربى على هذا المعني , فقد كان يتنزل عليه
" وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ
عَلَى مَا يَفْعَلُونَ [ يونس : 46]
" وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ
وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ " [يونس : 40]
وهكذا استقامت النفوس تبذل قصارى جهدها في أمر الدنيا ترجوا به ما
عند الله فكان حالهم كما وصف ربهم " تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا
من الله ورضوانا " فهذا وصف للظاهر ( ركعا سجدا) ووصف للباطن
( يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) ، والسياق يوحي بأن هذه هي هيئتهم
الملازمة لهم التي يراهم الرائي عليها حيثما يراهم . كما يقول صاحب الظلال
ـ رحمه الله ــ . ومن يتدبر آيات الأحكام في كتاب الله يجد أن هناك إصرار من
النص القرآني على وضع صورة الآخرة عند كل أمر ونهي ضمن السياق
بواحدة من دلالات اللفظ ، المباشرة منها أو غير المباشر فمثلا يقول الله
تعالى " ويل للمطففين . الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم
أو وزنوهم يخسرون . ألا يظن أولئك أنهم مبعثون ليوم عظيم .
يوم يقوم الناس لرب العالمين ... " فتدبر كيف يأتي الأمر بعدم تطفيف الكيل
حين الشراء وبخسه حين البيع في ظلال مشاهد يوم القيامة وحال البار فيها
والفاجر ؟ ومثله " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور
" فهنا أمر بالسعي على الرزق , وتذكير بأن هناك نشور ووقوف بين يدي
الله عز وجل فيسأل المرء عن كسبه من أين وإلى أين ؟ بل واقرأ عن الآيات
التي تتحدث عن الطلاق في سورة البقرة تجد أنها تختم باسم أو اسمين
من أسماء الله عز وجل " ... فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " " ...
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " " ... وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ "
" ... وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " " .... إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "
وهذا لا شك استحضار للثواب والعقاب . وإذا كان هذا أسلوب القرآن العظيم
في عرض قضايا الشريعة ، وهو ما تربى عليه الصحابة رضوان الله عليهم
فلم يغيب الطرح الأخروي عن المشاريع الفكرية التي تنتجها أقلام
( الإصلاحيين ) وخاصة حين يتكلمون إلى الكافرين أو العلمانيين ؟ . . .
لم هذا الخطاب الدعوي المنقوص ؟ لم لا نخاطبهم :آمنوا بربكم الذي خلقكم
ورزقكم وأحياكم ويميتكم ثم يحاسبكم ؟ لم لا نناديهم : أسلموا قبل أن تكونوا
من جثي جهنم التي وصفها كذا وكذا ؟ أسلموا كي لا تحرموا جنة فيها وفيها
...؟ ويدور الحوار حول دلائل صدق الخبر ومطلب المخبر . أسذاجة ؟
لا وربي .فهكذا نشأت خير أمّة أخرجت للناس ، ودونكم السيرة .
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين