حور العين
08-15-2022, 06:24 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641
درس اليوم
ليلة الهِجرَةِ: مَشاعر وأحداث (01)
ليلة الهِجرَةِ كانت تُبيّتُ أعظمُ جريمة ضدّ الإِنسانيَّة كلّها.. جريمة بحجم قتل
الإنسان حيث كان، وإلغاء وجوده. اكتملت خيوط الجريمة، وحبكت أركانها،
ولم تبق إلاّ لحظة التنفيذ وساعتها الحاسمة.. وكان كلّ شيء
يتمّ برعاية إبليس وتوجيهه..
فلماذا هذه المُؤامرة؟ كانت بيوتات مكّة تتفرّغ من أبنائها وشبابها وتنقص
يوماً بعد يوم؛ بحركة من الهجرة الخفيّة الصامتة، بعد أن أذن النبيّ
صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه بالهجرة.. وكان كبار القوم يحسّون بالخطر
المُحدق القادم، ولا بدّ من الوقوف في وجهه، قبل أن يكون إعصاراً يهدّد
وجودهم وكيانهم، ولا شكّ أنّ الخطر الأكبر في نظرهم هو الوجود المُحمّديّ ذاته.
كانت الحركة في مكّة ومن جوار الكعبة الأسيرة لقوّة المُشركين غير طبيعيّة،
رجالات قريش يتحرّكون بدأب، ويحرّكون الشباب المُؤتمر بأمرهم، والشباب
الأشدّاء المُتحمّسون بغير وعي ولا تفكير، كانوا على غاية الأهبة والاستعداد..
والناسُ ومنهم بنو هاشم في بيوتهم غافلون نائمون، لا يعرفون ما دبّر
في دار الندوة من جريمة نكراء؛ ولعلّ كثيراً منهم تأبى فطرتهم وطبيعتهم
تلك الجريمة، ولكنَّ الشرَّ إذا عصف بالعقول خرّب فيها كلَّ رشد وَحِكمة،
وجعل الناس ينساقون وراءه كالقطيع..
وكانت يد القدر تنسج خيوطاً أخرى، غير ما يخطّط هَؤلاء البشر. كانت تنسج
عنايتها الخاصّة الفائقة، لمَخلوق سيرسل بالرحمة العظمى للعالمين. ومَن
أولى منه بتلك العناية؟! مَخلوق؛ ستولد على يده الإِنسانيَّة من جديد. مَخلوق
سيغيّر الله به الإنسان غير الإنسان، والأرض غير الأرض، وسيكتب على
يديه تاريخ الإِنسان، خليفة لله في الأرض، ليكون الإنسان الذي تحفّه
المَلائكة وترعاه، لا الإنسان الذي تحرّكه الشياطين وتؤزّه لكلّ شرّ
، وكانت مَلائكة السماء، ترنو إلى ما يدبّر في الأرض بخشية وإشفاق..
« يا ربّ! أدرك عبدك ومصطفاك! أتطاله يد الغدر والإجرام؟!
ويكون قدره في الأرض كقدر بعض الأنبياء من قبل؟!».
ومع اشتداد ظلام الليل كانت أركان الجريمة يتكامل إحكامها حول بيت النبيّ
صلّى الله عليه وسلّم؛ فالرجال الأشداء محدقون بالبيت من كلّ جانب،
ولحظات الليل تمرّ وكأنّها ثقيلة متباطئة، أو سريعة متوتّرة.
ويلخّص المَشهد كلّه هذه الآية بجملها المُعجزة،
التي كشفت للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم خيوط المُؤامرة
: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ
اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ}[الأنفال:30]، لِيُثْبِتُوكَ: (بالحبس حتّى المَوت)، أ
َوْ يَقْتُلُوكَ.. أَوْ يُخْرِجُوكَ..
وجاء الردّ الإلهيّ حاسماً متحدّياً: وَيَمْكُرُونَ.. وَيَمْكُرُ اللهُ.. وَاللهُ خَيْرُ
المَاكِرِينَ.. والمَكر في اللغة هو التدبير الخفيّ بخير أو شرّ، وشاع في الشرِّ..
وهو في حقّ الله جلّ وعلا لا يَكون إلاّ بمَا فيه خير العبَاد ورشدهم وصَلاح
شأنهم في العاجل والآجل، والدنيا والآخرة. فكيف كان تدبير الله لنبيّه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641
درس اليوم
ليلة الهِجرَةِ: مَشاعر وأحداث (01)
ليلة الهِجرَةِ كانت تُبيّتُ أعظمُ جريمة ضدّ الإِنسانيَّة كلّها.. جريمة بحجم قتل
الإنسان حيث كان، وإلغاء وجوده. اكتملت خيوط الجريمة، وحبكت أركانها،
ولم تبق إلاّ لحظة التنفيذ وساعتها الحاسمة.. وكان كلّ شيء
يتمّ برعاية إبليس وتوجيهه..
فلماذا هذه المُؤامرة؟ كانت بيوتات مكّة تتفرّغ من أبنائها وشبابها وتنقص
يوماً بعد يوم؛ بحركة من الهجرة الخفيّة الصامتة، بعد أن أذن النبيّ
صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه بالهجرة.. وكان كبار القوم يحسّون بالخطر
المُحدق القادم، ولا بدّ من الوقوف في وجهه، قبل أن يكون إعصاراً يهدّد
وجودهم وكيانهم، ولا شكّ أنّ الخطر الأكبر في نظرهم هو الوجود المُحمّديّ ذاته.
كانت الحركة في مكّة ومن جوار الكعبة الأسيرة لقوّة المُشركين غير طبيعيّة،
رجالات قريش يتحرّكون بدأب، ويحرّكون الشباب المُؤتمر بأمرهم، والشباب
الأشدّاء المُتحمّسون بغير وعي ولا تفكير، كانوا على غاية الأهبة والاستعداد..
والناسُ ومنهم بنو هاشم في بيوتهم غافلون نائمون، لا يعرفون ما دبّر
في دار الندوة من جريمة نكراء؛ ولعلّ كثيراً منهم تأبى فطرتهم وطبيعتهم
تلك الجريمة، ولكنَّ الشرَّ إذا عصف بالعقول خرّب فيها كلَّ رشد وَحِكمة،
وجعل الناس ينساقون وراءه كالقطيع..
وكانت يد القدر تنسج خيوطاً أخرى، غير ما يخطّط هَؤلاء البشر. كانت تنسج
عنايتها الخاصّة الفائقة، لمَخلوق سيرسل بالرحمة العظمى للعالمين. ومَن
أولى منه بتلك العناية؟! مَخلوق؛ ستولد على يده الإِنسانيَّة من جديد. مَخلوق
سيغيّر الله به الإنسان غير الإنسان، والأرض غير الأرض، وسيكتب على
يديه تاريخ الإِنسان، خليفة لله في الأرض، ليكون الإنسان الذي تحفّه
المَلائكة وترعاه، لا الإنسان الذي تحرّكه الشياطين وتؤزّه لكلّ شرّ
، وكانت مَلائكة السماء، ترنو إلى ما يدبّر في الأرض بخشية وإشفاق..
« يا ربّ! أدرك عبدك ومصطفاك! أتطاله يد الغدر والإجرام؟!
ويكون قدره في الأرض كقدر بعض الأنبياء من قبل؟!».
ومع اشتداد ظلام الليل كانت أركان الجريمة يتكامل إحكامها حول بيت النبيّ
صلّى الله عليه وسلّم؛ فالرجال الأشداء محدقون بالبيت من كلّ جانب،
ولحظات الليل تمرّ وكأنّها ثقيلة متباطئة، أو سريعة متوتّرة.
ويلخّص المَشهد كلّه هذه الآية بجملها المُعجزة،
التي كشفت للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم خيوط المُؤامرة
: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ
اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ}[الأنفال:30]، لِيُثْبِتُوكَ: (بالحبس حتّى المَوت)، أ
َوْ يَقْتُلُوكَ.. أَوْ يُخْرِجُوكَ..
وجاء الردّ الإلهيّ حاسماً متحدّياً: وَيَمْكُرُونَ.. وَيَمْكُرُ اللهُ.. وَاللهُ خَيْرُ
المَاكِرِينَ.. والمَكر في اللغة هو التدبير الخفيّ بخير أو شرّ، وشاع في الشرِّ..
وهو في حقّ الله جلّ وعلا لا يَكون إلاّ بمَا فيه خير العبَاد ورشدهم وصَلاح
شأنهم في العاجل والآجل، والدنيا والآخرة. فكيف كان تدبير الله لنبيّه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين