المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مغذيـات الإيمـان


vip_vip
09-22-2012, 12:04 PM
مغذيـات الإيمـان



قال العلامة السعدي -رحمه الله- :

ينبغي للعبد أن يسعى ويجتهد في عمل الأسباب الجالبة للإيمان والمقوية للإيمان،
ومن أعظم ذلك تدبر القرآن؛ فإنه يزيد في علوم الإيمان وشواهده، ويقوي الإرادات القلبية،
ويحث على أعمال القلوب من التوكل والإخلاص والتعلق بالله الذي هو أصل الإيمان.


وكذلك معرفة أحوال النبي صلّى الله عليه وسلّم وسماع أحاديثه، ومعرفة معجزاته،
وما هو عليه من الأخلاق والأوصاف.
وكذلك التفكر في آيات الله ومخلوقاته المتنوعة، ولهذا يحث الله على التفكر في ملكوت السماوات
والأرض وما أودع فيها من الآيات والبراهين الدالة على وحدانية الله وصفاته وآلائه.

وكذلك التفكر في نعم الله الظاهرة والباطنة الخاصة والعامة؛
... فإنها تدعو دعاءً حثيثاً إلى الإيمان وتقويه؛ فما بالعباد من النعم
وما يدفعه من النقم كلما تفكر فيها العبدُ؛ ازداد إيمانه، وقوي
يقينه. وكذلك النظر في أحوال الأنبياء والصديقين وخواص
المؤمنين، ومعرفة أحوالهم، وتتبع أمورهم؛ من أكبر مقويات
الإيمان ومواد تغذيته.وكذلك الضرورات التي تلجىء العبد

إلى ربه وتحثه على ذكره وكثرة دعائه وما ينشأ عن ذلك من تفريج الكربات
وإجابة الدعوات وحصول المسار واندفاع المضار؛ كلها من مقويات الإيمان.

ومن أعظم مقويات الإيمان ومغذياته اللهج بذكر الله والإكثار من دعائه والإنابة إليه في السراء والضراء،
في جميع النوازل الخاصة والعامة، الكبيرة والصغيرة؛ فهي من مغذيات الإيمان، والإيمان يغذيها؛
فكل من الأمرين يمد الآخر. وكلما ازداد العبد من هذه الأمور ومن الرجوع إلى الله في كل أحواله؛
ازداد إيمانه، وكثرت شواهده، وازداد العبد بصيرةً ويقيناً، وقوي توكله.

ومن مغذيات الإيمان: قوة الصبر على طاعة الله وعن معاصيه وعلى أقداره،
مع استصحاب التوكل والاستعانة بالله على ذلك، بل هو الإيمان أصلاً وفرعاً وغذاءً وثمرة.

فمتى غرست شجرة الإيمان في القلب وتأصلت بمعرفة الله ومعرفة ما له من الأسماء الحسنى
والصفات العظيمة، والتفرد بكل كمال وكل فضل وإفضال، وانبعثت دواعي الإنابة إلى الله بذكره ودعائه،
والرجوع إليه، وامتثال أمره واجتناب نهيه، والصبر على أقداره، والرضى به ربًّا وبالإسلام ديناً وبمحمد نبيًّا.
وتعاهد العبد هذه الشجرة بالأوراد الشرعية والوظائف المرتبة، وهي: أعمال اليوم والليلة، ودوام التوبة
والاستغفار كل وقت، والعزم الجازم على تحقيق الإخلاص لله والمتابعة للرسول، والاجتهاد في تحقيق ذلك،
وتنقية القلب من كل ما يضاد ذلك؛ من رياء، وفخر، وعجب، وكبر، وتيه، ومن غل وحقد وغش
مما ينافي النصيحة ومحبة الخير للمسلمين، وتعاهدها أيضاً ببذل ما يستطيعه العبد من النفع للعباد؛
من تعليم، ونصيحة لهم في دينهم ودنياهم، وتوجيه لهم إلى الخير بحسب أحوالهم، ودعوة إلى الله بالحكمة
والموعظة الحسنة بحسب قدرته واستطاعته وبحسب الظروف التي هو فيها.

متى وفق لذلك كله؛ آتت هذه الشجرة أكلها كل حين بإذن ربها،
والله تعالى هو الموفق وحده، المحمود وحده، الذي لا ملجأ للعبد ولا منجا منه إلا إليه،
ولا حول ولا قوة [إلا]( ) به، وهو المرجع في كل

الأمور، وإليه المفزع والمشتكى، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.




من كتاب مجموع الفوائد واقتناص الأوابد