تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 5623


حور العين
09-18-2022, 05:18 AM
من:إدارة بيت عطاء الخير
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

منحة في ثياب محنة


قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
﴿ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ
وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [آل عمران: 153].

تأمَّلْ قولَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ
وَلَا مَا أَصَابَكُمْ﴾، قد يكون الخيرُ كَامِنًا فِي الشرِّ، وقد يكون بعض الشرِّ
دواءً مما هو أعظمُ شرًّا.

قد يصاب بعض الناس بمصيبةٍ يظن أنها قاصمة الظهرِ، وأنه لا نجاةَ له
منها، حتى إذا ضاقت عليه الأرض بما رحبت، تلتها مصيبةٌ هي أعظم من
سابقتها، فإذا تملكه اليأس، وأنهكته شدةُ البأسِ، تكشفت أعظم المصيبتين،
وانجلت عنه أخرى المحنتين، ففرح بزوالها حتى أنساه الفرح مصيبته
الأولى، ولم تعد له على بالٍ، فكان علاجه في تلك المصيبة الثانية؛ لأنها
أنسته مصيبته الأولى، فكانت منحة في ثياب محنة، وهدية في طيات بلية.

لما أصاب المسلمين ما أَصَابَهُمْ مِنَ الْهَزِيمَةِ وَالْقَتْلِ يوم أُحُدٍ أصابهم الْغَمُّ،
وسيطرَ عليهم الحزنُ، ولَمَّا سَمِعُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ زادَ
غمهم، واستحوز عليهم الحزن حتى ألقوا السلاح، فلما تبيَّنوا سلامةَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من القَتْلَ، هان عليهم ما فاتهم من الغنائم والنصر،
وما أصابهم من الجراح والقتل، فرحًا بنجاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فتأمَّل لطف الله تعالى بعباده، ورحمته بهم، وعجيب تدبيره لهم!

وابحث دائمًا عن المنح في طيات المحن، وعن الهدايا في ثنايا البلايا؛
قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: 5، 6].

وقيل:

يضيق صدري بغمّ عند حادثة
وربَّما خير لي في الغمِّ أحيانَا
ربَّ يومٍ يكون الغمُّ أوَّله
وعند آخره روحًا وريحانَا
ما ضقت ذرعًا بغمٍّ عند حادثة
إِلا ولي فَرَجٌ قد حَلَّ أو حانا


وقالَ ابْنُ السِّكِيْتِ
إذا اشْتَملَتْ على اليأسِ القُلوبُ
وضاقَ بِما بهِ الصَّدْرُ الرَّحيبُ
وأوْطنَتِ المَكارِهُ واطْمَأنَّتْ
وأرْسَتْ في مَكامِنِها الخُطوبُ
ولَمْ تَرَ لانْكِشافِ الضُّرِّ وَجْهًا
ولا أغْنى بِحيلَتِه الأريبُ
أتاكَ على قُنوطٍ مِنْكَ غَوْثٌ
يَمُنُّ بهِ اللَّطيفُ المُسْتَجيبُ
وكلُّ الحادِثاتِ وإنْ تَناهَتْ
فَمَقْرونٌ بها الفَرَجُ القَريبُ



أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين