المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 5668


حور العين
11-02-2022, 09:30 AM
من:إدارة بيت عطاء الخير
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

صوم اللسان

قال تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

♦ إذا أحَبَّ الله عبدًا ورضي عنه، وفَّقه للخير، وسدَّد خطاه في كل ما يصدر
عنه من قول أو فعل، حتى إنه ليفعل الشيء أو يتكلم الكلمة لا يُلقي لها
بالًا فيُرفَع بها الدرجات.

♦ وإذا أبغض الله العبد وسخط عليه، خذَلَه في كل موقف، وتخلَّى عنه في كل
شدة، حتى إنه لَيفعلُ الشيء أحيانًا غير مفكِّر في عاقبته، فيهوي
في النار سبعين خريفًا.

فقد صح عن رسول الله أنه قال: ((إن العبد لَيتكلَّمُ بالكلمة من رضوان الله
لا يُلقي لها بالًا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد لَيتكلَّمُ بالكلمة من سخط الله
لا يُلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم))، وهذا الحديث يوضح أن العبد
المشمول برضوان الله موفَّقٌ ومسدَّد، وأن العبد المغضوب عليه من ربِّه
مخذولٌ ومؤاخذ.

وللِّسان صيامٌ خاص يَعرِفه الذين هم عن اللغو معرِضون، ويعرفه عباد
الرحمن الذين لا يشهدون الزُّور، وإذا مرُّوا باللغو مرُّوا كرامًا، وصيام
اللسان دائمٌ في رمضان وفي غير رمضان، ولكن اللسان في رمضان يتهذب
ويتأدب؛ فقد صح عن رسول الله أنه قال لمعاذ رضي الله عنه:
((أَمسِكْ عليك هذا))، وأشار إلى لسانه، فقال معاذ: وإنَّا لَمؤاخَذون بما نتكلَّم
يا رسول الله؟! فقال عليه الصلاة والسلام: ((ثكلتك أمُّك يا معاذ! وهل يكُبُّ
الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائدُ ألسنتهم؟!))؛ لذلك فخطر اللسان
عظيم ليس له حد، ولا لمنتهاه رد.

جعل صدِّيقُ الأمَّة يأخذ بلسانه ويبكي ويقول: هذا الذي أورَدَني الموارد.
وجعل ابن عباس يخاطب لسانه ويقول: "يا لسان، قل خيرًا تغنم،
أو اسكت عن شرٍّ تَسلَم".

فاللسان سبع ضارٍ، وثعبان ينهش، ونار تلهب.

وصدق القائل:

احذَرْ لسانَك أيها الإنسانُ *** لا يَلدغنَّك إنه ثعبانُ

لما تأدَّب قوم بالكتاب والسُّنة صوَّموا ألسنتهم، ووزَنوا ألفاظهم، واحترموا
كلامهم، فكان نطقُهم ذِكرًا، ونظرُهم عِبرًا، وصَمْتُهم فكرًا، ولما خاف الأبرار
من لقاء الواحد القهار، أعمَلوا الألسنة في ذكره وشكره؛ لأنهم تعلَّموا قوله
سبحانه:
﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ
أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [النساء: 114].


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين