المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة (حكاية وءاية)-10- أوصاني بهم قبل ان يموت


هيفولا
10-21-2012, 09:49 AM
سلسلة

http://hindamer.com/wp-content/uploads/2012/07/%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1.png (http://hindamer.com/wp-content/uploads/2012/07/%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1.png)

أوصاني بهم قبل أن يموت









أوصاني بهم قبل أن يموت




http://www.nawasreh.com/vb/imgcache/12445nawasreh.gif (http://www.nawasreh.com/vb/imgcache/12445nawasreh.gif)






قبل 7 أعوام تقريبا أي عام 1426هـ كنت أسير بصحبة تلك الفتاة
التي سأروي لكم حكايتها اليوم

في الممر الموجود في الصورة السابقة,



كانت تلك الفتاة طالبة جامعية حينها
-و دعونا نسمي الفتاة باسم علياء ليسهل سرد الحكاية -
أتتني صديقة علياء تلك السنة وقالت لي:
لقد اتصلت بي والدة علياء تشتكي إلي من أنها لا تدري أين تصرف علياء مكافأتها الجامعية

بل حتى المبالغ المالية التي كانت في حسابها اختفت
ثم واصلت صديقة علياء حديثها قائلة:
يا هند علياء لا تملك سوى ثلاثة قمصان تقريبا

تلبسها في الجامعة طوال السنة الماضية.
وهي لا تسدد فاتورة جوالها إلا نادرا كما أنها لم تغير جوالها المتهالك أبدا,
والدتها توشك أن تجن لأنها لا تدري أين تذهب المكافأة الجامعية.
قلت: أنا أفهم سبب قلق والدة علياء ..
لكني لا أفهم سبب قلقك انت, ألم تخبرك علياء بشيء؟
قالت: كلما سألتها كان جوابها الصمت,
ثم أن علياء منذ ان توفي (فلانا) – دعونا نسميه إبراهيم – الذي كان مقربا لها
وهي في حالة نفسية سيئة حتى أنها صاحبت رفقة من الفتيات المنحرفات من خارج الجامعة.
قلت: ومن هو إبراهيم؟

قالت: هو أحد محارمها وكان شابا عاقلا, ويحميها من تسلط قريب آخر,

كما أنه كان يحثها على الخير
لكنه أصيب في حادث سيارة وتوفي في الحال,


ومازالت هي تحتفظ بصورته في محفظتها,
ورقمه في هاتفها المتهالك, وهي غير قادرة على تحمل فكرة موته.
قلت: هل تظنين أنها استسلمت لانهيارها وسلمت نفسها لتلك الثلة المنحرفة؟
قالت: لا أشك في ذلك.



http://www.nawasreh.com/vb/imgcache/12446nawasreh.gif (http://www.nawasreh.com/vb/imgcache/12446nawasreh.gif)




قلت: ماذا عن والدها وأشقائها هل هناك شخص متفهم

قد يساعدنا في معرفة الطريق الذي تهدر فيه النقود؟

قالت: الوالد قاسي جدا والحال في المنزل سيء,
وهي تواجه ضغوط شديدة ومؤلمة.
قلت: حسنا حتى ولو أخبرنا الأم بعلاقة ابنتها بتلك الثلة المنحرفة فلن نزيد الأمر إلا سوءا.

قالت: هند علياء تحترمك كثيرا وتحبك, أريدك أن تنصحيها.
قلت: سأفعل, لكن ليس أمامنا إلا التريث والدعاء لها,

فهي من النوع الصامت ولن نصل منها لشيء.

أما موضوع الانحراف فسيظهر لنا إذا ما وقعت في أمر ما,
كل ما عليك أن تكوني عونا لصديقتك في عمل الخير وأنا سأبذل جهدي.
مرت الأشهر وكنا نلاحظ التذبذب الذي تعيشه علياء,

كان الهم ينهشها وبدا لي أنها تذوب ألما, وكلما سألناها لا نجد إلا الصمت.

لكننا لاحظنا أن الأمر لم يتجاوز الهم المستديم , وبقينا متوجسين
وفي أحد الأيام وردني اتصال من علياء,
كان اتصالها غريبا وكان صوتها منهكا قد جمع هموم الأرض جميعا
علمت أني مقبلة على سماع خبر مصيبة وبدأت الأفكار تعبث بعقلي
حذرنا علياء عدة مرات من الطريق المظلم الذي تسير فيه .. لكن لا فائدة.



http://www.nawasreh.com/vb/imgcache/12447nawasreh.gif (http://www.nawasreh.com/vb/imgcache/12447nawasreh.gif)






تحدثت هي بتردد قالت: هند أنا أخترت أن أخبرك انت بالذات,
لأن الأمر هام جدا.
قلت في نفسي: سترك يا الله.

وأكملت هي: يجب أن نتحرك سريعا, التأخير لن يفيد.
قلت – وأنا اتصنع الهدوء – : ما الخطب يا حبيبة؟

قالت: هل تذكرين ابراهيم – رحمه الله – الذي حدثتك عنه .
قلت: نعم أذكره
قالت: ابراهيم قبل أن يموت بأسبوع أخبرني بأمر

وطلب مني أن أنوب عنه لو حدث له شيء.
قلت: ما هو؟
قالت: كان (ابراهيم) رحمه الله طالبا في الجامعة

وكانت مكافئته الجامعية منتظمة شهريا وحيث انه أصغر أشقائه
فقد كان يطلب من والده المال والوالد لا يرد له طلبا.

قرر (ابراهيم) أن يخصص مكافأته الجامعية لأسرة فقيرة

تتكون من عدد من الأطفال الأيتام ووالدتهم في منطقتنا هناك.
ولم يخبر أحدا أبدا, رغم ان والده كان يسأله أحيانا عن المكافأة الجامعية فيتهرب من الإجابة.

المهم أن ابراهيم كان يخبرني ببعض الأمور

وقد أخبرني بأمر هؤلاء الأيتام قبل وفاته بأسبوع
في حادث سيارة على طريق الدمام.

ومنذ ذلك الحين وأنا أقوم بتحويل مكافأتي الجامعية لتلك الأسرة,
لكني أواجه مشكلة وهي التي دعتني للاتصال بك,
أن مكافأتي غير منتظمة حيث غالبا ما تتأخر شهرين أو حتى ثلاثة أشهر,

وهذا يعني أن الأيتام قد تمر بهم أوقات لا يجدون ما يأكلونه,
هذه المرة تأخرت المكافأة أربعة أشهر, أربعة أشهر لم أبعث لهم ريالا واحدا.
أريد منك أن تدليني على شخص مقتدر يتكفل بتحويل المبلغ شهريا للأسرة
على أن أعيد له المبلغ حال صرف المكافأة من الجامعة.
قلت: لماذا لم تخبرينا قبل ذلك؟

قالت: لقد أخبرني عنهم قبل أن يموت بأسبوع,
كأنه كان يعرف موعد موته,
أردت أن أنفذ وصيته بنفسي فصمتت ولم أخبركم

لكن الظروف ضدي والأيتام وأمهم يقاسون الجوع.

- ألجمني حديثها وشعرت بدموعي تنساب بغزارة -

قلت: أعطيني رقم وعنوان أم الأيتام.
قالت: نعم, سأعطيك أيضا رقم امرأة في منطقتنا لتدلك على مسكنهم
فأنا أحول المبلغ لها وهي تعطيه لهم,

وبدأت تريد سرد الأرقام.
هنا توثقت أن علياء صادقة, وأخفيت نشيجي عنها,
وتحاملت على الغصة التي منعتني الكلام .
-

قلت: حسنا .. لدي رأي قد يحل المشكلة,
هل تعرفين أحد من أقاربك مهتم بالدعوة والعمل الخيري؟
سكتت قليلا ثم قالت:
نعم هناك رجل متدين في الثلاثين من العمر,
وهو متزوج وعنده أطفال ومعروف بعمل الخير عند أقاربنا.


قلت: هل هذا المتدين يعرف (ابراهيم) – رحمه الله – معرفة شخصية؟
قالت: نعم يعرفه وقد حزن كثيرا حينما علم بوفاته لأنه كان يحبه.
قلت: إذن بقي أن نحصل على رقم هذا الرجل الفاضل وتتصلين به.

قالت: رقمه موجود في هاتف والدي ومن السهل أن أحصل عليه.
قلت: ممتاز .. اتصلي به وكوني حازمة وعرفي باسمك كاملا حتى لا يتوجس,

وأخبريه عن وصية ابراهيم رحمه الله
ثم أطلبي منه أن يساعدك في كفالة الأسرة..
اختصري الحوار معه ما أمكنك .

استبشرت هي وتحمست كثيرا
قالت: سأفعل ذلك وأخبرك بما حدث .


http://www.nawasreh.com/vb/imgcache/12448nawasreh.gif (http://www.nawasreh.com/vb/imgcache/12448nawasreh.gif)

بعد مرور أكثر من ساعة تقريبا عاودت علياء الاتصال بي

لكن صوتها هذه المرة كان مختلفا جدا
شعرت انها توشك ان تبكي من شدة الفرح
قالت: اتصلت به وأخبرته, وتأثر كثيرا,
وطلب مني كافة البيانات عن الأيتام ووالدتهم,
وأقسم أن لا يكفلهم أحدا غيره
وطلب مني أن أهتم بدراستي وأن انسى أمر الأسرة تماما.
يا هند أخيرا لن يجوع الأيتام,


يا هند كنت أعول اسرة كاملة ولا استطيع النوم بسببهم,
أشعر الآن أن الحمل أزيح عن كاهلي
……………………………………
واصلت حديثها المنكسر
وعلى الطرف الآخر من المكالمة ..
واصلت أنا بكائي بصمت
كل شيء في أعماقي كان يبكي
كل شيء


http://www.nawasreh.com/vb/imgcache/12449nawasreh.gif (http://www.nawasreh.com/vb/imgcache/12449nawasreh.gif)

كانت هذه الحكاية
أما الآية
{الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً
فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}
البقرة274.

قال ابن عثيمين رحمه الله وفيها فوائد منها

(كمال الأمن لمن أنفق في سبيل الله؛ وذلك لانتفاء الخوف، والحزن عنهم)
وفي حديث رافع بن خديج ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً:
“الصدقة تسد سبعين باباً من السوء” – حسن -
كأني أرى أن الصدقة كانت سببا في حفظ الله علياء ودفع شؤم الصحبة عنها.
لست أحضك على العصيان .. لكني أدعوك إذا كنت مقصرا أن ترجح كفة الميزان
-
استعينوا بالصدقة ليدفع الله عنكم البلاء

وتذكرو يا أحباب

صاحب الصدقة لا يقع، فإذا وقع أصاب متكأً.
………………………………………..

ما وافق الحق من قولي فخذوه .. وما جانبه بلا تردد اجتنبوه
كتبته: هند عامر









انتظروني



مع الجزء التالي




اختكم/هيفولا:o