المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 5698


حور العين
12-01-2022, 09:23 AM
من:إدارة بيت عطاء الخير
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

وجاءكم النذير



في بعض الأحيان يأتي الإنسان شعور للتأمل في لحظةٍ مفاجئة بسبب حدثٍ

ما، قد يكون الحدث عاديًا لكن ترابط التصورات واستدعاءاتها يرمي بك إلى

شعور عميق ومخيف..



بدأ بالوضوء ثم رفع رأسه إلى المرآة وأخذ ينظر إلى عارضيه ولحيته فإذا

بالشيب قد علاها بخطوط متفرقة، هذا الشيب جعله يتأمل في سني عمره

التي مضت!، كيف مضت و انقضت؟ وماذا عمل بها؟، وكم بقي له من

السنوات؟ وماهي الخطط التي رسمها لينجز ماتبقى من أهدافه في حياته؟

أسئلة كثيرة بعضها مخيف حقًا؟ تزاحمت الأفكار واختلط بعضها ببعض ثم

ظهرت له لوحةٌ تحمل هذه الآية

﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ

نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا

فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [فاطر: 37].



قال قتادة - رحمه الله - في هذه الآية: اعلموا أن طول العمر حجة، فنعوذ بالله

أن نعير بطول العمر، قد نزلت هذه الآية: ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ

فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ ﴾ [فاطر: 37]، وإن فيهم لابن ثماني عشرة سنة. اهـ



وروي عن عبدالله بن المبارك في قوله تعالى:

﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ ﴾ [فاطر: 37]، قال: عشرين سنة.



وروي عن الحسن في قوله: ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ ﴾

[فاطر: 37]، قال: أربعين سنة.



قال أحد السلف: إذا بلغ أحدكم أربعين سنة، فليأخذ حذره

من الله عز وجل[1].



وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أعذر الله عز وجل

إلى امرئ أخرّ عمره حتى بلغه ستين سنة »؛ رواه البخاري[2].



قال في "الفتح": « قوله: "أعذر الله" الإعذار إزالة العذر، والمعنى أنه لم

يبق له اعتذار، كأن يقول: لو مد لي في الأجل لفعلت ما أمرت به، يقال أعذر

إليه: إذا بلغه أقصى الغاية في العذر ومكنه منه، وإذا لم يكن له عذر في ترك

الطاعة مع تمكنه منها بالعمر الذي حصل له فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار

والطاعة والإقبال على الآخرة بالكلية.. ثم قال: والمعنى: أن الله لم يترك للعبد

سببًا في الاعتذار يتمسك به .. »[3].



وأمّا الخطوط في عارض الوجه ( الشيب) فهي النذير في قوله تعالى:

﴿ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ﴾ على قول جمع من السلف كابن عباس رضي الله عنهما،

وعكرمة رضي الله عنه، وأبي جعفر الباقر، وقتادة، وسفيان بن عيينة

رحمهم الله ورضي عنهم [4].



إن الحياة الدنيوية مهما طالت فهي قصيرة، لا تقارن بحياة البرزخ

ولا بالحياة الأخروية الأبدية السرمدية، ولو وضعنا دراسة لوضع اليوم

العادي لأعمالنا لوجدنا أنَّ أكثرها لهذه الحياة القصيرة، مع أنّ الله تعالى

جعل الأساس للعمل الأخروي مع عدم إغفال عمل الدنيا.. فقال جل وعلا:

﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾

[القصص: 77].



حقًا نحن في غفلة إلا من رحم الله!!



[1] تفسير ابن كثير 6/557

[2] صحيح البخاري 6419

[3] فتح الباري 11/243

[4] تفسير ابن كثير .6/557


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين