المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم ( 14 – 20 )


حور العين
06-22-2023, 09:23 AM
من:إدارة بيت عطاء الخير
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

الحجُّ عرَفةُ



حينما يقف اليوم ضيوف الرحمن في عرفات يكونون قد اطمأنوا على أن

حجهم قد وصل إلى مراحله الأخيرة، والاطمئنان هنا اطمئنان في الروح

واطمئنان في النفس واطمئنان في الأبدان، وتلكم رغبات قلَّ أن تتوفر

عند كثير من الأمم التي لا تتجه إلى الله تعالى أولًا ثم تعمل الأسباب

لتوفير هذا الاطمئنان.



خلوُّ الحج من الأمراض والأوبئة ظاهرة تستحق التوقف؛ إذ إن أولئكم

الحجاج قد قدموا إلى هذه البلاد الطيبة من كل فجاج الأرض، ولا نفترض

هنا أن جزءًا منهم جاء يحمل معه وباءً أو مرضًا، ولكننا لا نبعد الاحتمال بأن

أفرادًا منهم قد يكونون مصابين بأمراض معدية، خاصة بين مجموعة كبيرة

من الواقفين في صعيد واحد متجهين إلى إله واحد، ولكنها عناية الله تعالى

التي تتعدى المحسوس إلى عالم المعجزات والخوارق؛ تنبيهًا للبشر أن

﴿ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76].



وخلو الحج من الحركات الجانبية التي قد تثير عدم الاطمئنان في نفوس

الحجاج عمومًا يعد فضلًا من الله، ثم يحسب للقائمين على الحج من أولئكم

الذين آلوا على أنفسهم أن يكون موسم حج كل عام أفضل من العام الذي

سبقه، نعم! نحن نتوقع من كل مسلم قيادي أو مواطن أن يقف جنبًا إلى

جنب مع قيادة هذه البلاد؛ سعيًا وراء تحقيق موسم ناجح بكل معاني النجاح،

ولكننا من حيث الواقع قد نجد أن هناك حجاجًا من بلاد أخرى آثروا أن يثيروا

القلق في نفوس حجاج بيت الله ظلمًا وعدوانًا؛ قصدًا إلى نزع الثقة من سدنة

بيت الله والقائمين على خدمته، ولكن هؤلاء الحجاج لم يتركوا ليحققوا

أهدافهم على حساب الاطمئنان النفسي والروحي والبدني لأولئكم الذين

قصدوا بيت الله تعالى خاشعين تائبين عابدين، فتحقق بذلكم الاطمئنان.



وخلوُّ الحج من سوء التنظيم وسوء المعاملة للحجاج فضل من الله على

مواطني هذا البلد حينما يذهبون إلى البقاع المقدسة لا ليقوموا بأداء وظيفة

أنيطت بهم، ولكن ليخدموا عباد الله محتسبين من ذلكم الأجر من الله تعالى،

وتجد فيهم الروح المعنوية بدرجة قل أن تجدها في أي موظف يقوم بأي

عمل يراه عبئًا عليه في دول كثيرة، وينتظر اللحظة التي يتخلص فيها منه،

وهؤلاء المواطنون يسدون ثغرات عدة، منهم رجال الأمن ورجال المطافئ

ورجال الإسعاف ورجال التمريض ورجال الطب والكشافة البراعم والجوالة

المصقولون ورجال الجمارك ورجال الجوازات ورجال الخطوط الجوية

والبحرية، ومنهم رجال التوعية والإرشاد والدعوة إلى الله على بصيرة.



هم رجال هذا البلد المتطوعون لخدمة حجاج بيت الله تحت لواء قيادة عربية

مسلمة أخلصت عملها لله وحده، هم جهاز متكامل يسهم في أن يكون حج هذا

العام خاليًا من أي منغص يعكر الصفاء الروحي الذي يريد أن يعيشه أولئكم

الذين يقفون بين يدي الله تعالى في يوم عرفة ليغفر لهم ويهيئ لهم

مَن يقودهم إلى الخير والفلاح دينًا ودنيا.



وخلوُّ الحج من النقص في الماء والمواد التي تعين الرجال والنساء

على مواصلة شعائرهم نعمة من الله أنعم بها على بيته العتيق تجبى إليه

ثمرات كل شيء، ويتعدى الأمر مجرد توفير الماء البارد والمستعمل

للأغراض الأخرى وتوفير الغذاء إلى أن يوزع الماء والغذاء مجانًا على

حجاج بيت الله، فتجد في منى وعرفة ومكة الحافلات المعدة للتبريد وقد

شرعت أبوابها وتمد يد الخير منها خيرًا عميمًا ولسان الحال يقول:

اجتهدوا في عبادتكم ودعواتكم واتركوا الباقي علينا؛ فإنما نحن في

خدمتكم ما دمتم في ضيافتنا، اطمئنوا؛ فالاطمئنان مدعاة إلى كمال الحج.



وخلو الحج من الزحام في المواقع التي اعتاد الحجاج فيها الزحام مدعاة

إلى النظر في التخطيط السليم الذي أسهم في التفريج عن الحجاج وساعدهم

في القيام بشعائرهم بطمأنينة أغنتهم عن الدفع ورد الدفع والانشغال بشق

الطريق على حساب الدعاء والعبادة، تلكم الأنفاق والجسور لم تقم شامخة

لتشير إلى الترف والتسابق في ماديات الحضارة، وإنما قامت لأن في قيامها

خدمة لعباد الله لا ينتظر منها مقابل، فلا تدفع المكوس مقابل العبور

من خلالها أو عليها كما يفعلون في بلاد أخرى بعيدة عنها في مسافاتها

وفي منطلقاتها وفي القصد من مشروعاتها، أمتنا بفضل الله أمة متميزة

تحس بما عليها من مسؤولية تجاه الأمم الأخرى وتسعى إلى تحقيق هذه

المسؤولية من خلال تلكم الإنجازات التي لم تتوقف يومًا واحدًا منذ أن أنعم

الله على هذه البلاد بوَحْدتها وأمنها وطمأنينتها، فامتد الأمن والطمأنينة

إلى الأمة كلها حتى صارت تنظر إلى هذه البلاد على أنها مثل يحتذى رغم

الشعارات التي ظهرت في العقد الأخير في بلد إسلامي وأشعرت البعض بأنها

تريد أن تكون مثلًا يحتذى، فما كان منها إلا أن ضربت مثلًا خبيثًا في أنواع

القلق وفقدان الأمن والطمأنينة.



وغدًا يطل علينا جميعًا عيد الأضحى المبارك فننحر الأضاحي وينحر الحجاج

الهَدْيَ ونقتدي بأبينا إبراهيم عليه السلام وبسنة رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام،

ولسنا بحاجة أبدًا إلى أن ننسى أننا في بلد قد أنعم الله عليه بالاطمئنان في

الروح وفي النفس وفي الأبدان، وفق الله الجميع لما فيه خير الأمة، وجعله

عيدًا مباركًا على كل مسلم ومسلمة، وقبل الله من الحجاج حجهم، وأعادهم

إلى أهلهم وبلادهم وهم مغمورون بالأمان والاطمئنان، وكان الله

في عون الجميع!


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين