المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صيد الخاطر لابن الجوزي - ينبغي كتمان المذاهب


adnan
12-11-2012, 08:55 PM
صيد الخاطر لابن الجوزي - ينبغي كتمان المذاهب

ينبغي للعاقل ألا يتكلم في الخلوة عن أحد بشيء حتى يمثل ذلك الشيء
ظاهراً معلناً به ثم ينظر فيما يجني .
فرب رجل وثق بصديق فتكلم أمامه عن سلطان بأمر فبلغه فأهلكه ،
أو عن صديق فبلغه فوقعت الواقعة .
و كذلك ينبغي كتم المذاهب ، فإنه ما يربح مظهرها إلا المعاداة .
و لما صرح الشريف أبو جعفر في زمان المقتدي بمخالفة الأشاعرة ،
أخذ و حبس حتى مات .
و كان المقصود قطع الفتن و إصلاح الرعية ،
فإنه أهم إلى السلطان من التعصب لمذهب .


صيد الخاطر لابن الجوزي - نفس المؤمن طائر تعلق في الجنة

مازلت على عادة الخلق في الحزن على من يموت من الأهل و الأولاد ،
و لا أتخايل إلا بلى الأبدان في القبور ، فأحزن لذلك ،
فمرت بي أحاديث قد كانت تمر بي و لا أتفكر فيها .
منها قول النبي صلى الله عليه و سلم : إنما نفس المؤمن طائر
تعلق في شجر الجنة حتى يرده الله عز وجل على جسده يوم يبعثون .
فرأبت أن الرحيل إلى الراحة ، و أن هذا البدن ليس بشيء ،
لأنه مركب تفكك و فسد ، و سيبنى جديداً يوم البعث ، فلا ينبغي أن يتفكر في بلاء .
و لتسكن النفس إلى أن الأرواح انتقلت إلى راحة فلا يبقى كبير حزن ،
و أن اللقاء للأحباب عن قرب .
و إنما يبقى الأسف لتلعق الخلق بالصور ،
فلا يرى الإنسان إلا جسداً مستحسناً قد نقض فيحزن لنقضه .
و الجسد ليس هو الآدمي ، و إنما هو مركبه ، فالأرواح لا ينالها البلى .
و الأبدان ليست بشيء .
و اعتبر هذا بما إذا قلعت ضرسك و رميته في حفرة ،
فهل عندك خبر مما يلقى في مدة حياتك ؟
فحكم الأبدان حكم ذلك الضرس ، لا تدري النفس ما يلقى ،
و لا ينبغي أن تغتم بتمزيق جسد المحبوب و بلاه .
و اذكر تنعم الأرواح ، و قرب التجديد ، و عاجل اللقاء ،
فإن الفكر في تحقيق هذا يهون الحزن ، و يسهل الأمر .