المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 5931


حور العين
09-26-2023, 09:13 AM
من:إدارة بيت عطاء الخير
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

الذين يهتدون والذين لا يهتدون

ورد في القرآن أنَّ نبيَّ الله سليمان عليه السلام عندما أراد اختبارَ كمالِ

عقلِ ملكة سَبَأ:

﴿ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ ﴾

[النمل: 41]، والتنكير: هو جعل الشيء على غير شكله؛ مما يجعل التعرف

عليه صعبًا، ﴿ فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ ﴾ [النمل: 42] كان هذا هو

السؤال لملكة سَبَأ، فماذا كان جوابها؟! ﴿ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ﴾ [النمل: 42].



والعرش بعد التنكير لا يكون ظاهرٌ أنه هو هو، ولا تستطيع أن تجزم أنه ليس

هو، والملكة لم تجب أنه هو، ولا أنه ليس هو؛ بل توقَّفَتْ حيثُ يجب التوقُّف،

ولم تقل مثلًا: هذا ليس عرشي، ومستحيلٌ أن يكون عرشي! وهذا يعني أنها

لا تُكابِر ولا تتسرَّع، ولا تدَّعي وتزعم معرفتها بالجواب على وجهٍ قاطعٍ مع

وجود الاحتمال؛ بل تتحرَّى ألا تنطق إلا بحدود معرفتها وتقديرها.

ونبي الله سليمان كان يريد أن يعرف من سؤاله فيما إذا كانت الملكة ستهتدي

أم أنها ﴿ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ ﴾ [النمل: 41]، مع ملاحظة أن الهداية

هنا على إطلاقها وليست الهداية إلى الدين.

هو أراد التعرف فيما إذا كانت ممن يتحرَّون الحقَّ على عمومه، وجوابها دلَّ

عنده على أنها من الذين يهتدون؛ لأنها تحرَّت الصدقَ والصوابَ في

جوابها، فالتعقيب على جوابها جاء على النحو التالي:

﴿ وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [النمل: 43] وكأنه قال: هي من نوع

الناس الذين يتحرَّون الصواب حتى يهتدوا إليه؛ ولكن صدَّها عن ذلك

استمراء حالة نشأت عليها وتعودَتْها ﴿ وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾

[النمل: 43].



• هذا هو الدرس الأهم في هذا الجزء من قصة نبي الله سليمان عليه السلام،

فهو قد امتحن ملكة سَبَأ؛ ليعرف أيَّ نوعٍ من الناس هي؛ هل هي من

الصادقين الذين يتحرَّون الصواب؟! أم هي من المتكبرين المعاندين الذين

تعوَّدوا الإنكار؟! فلا تنفع معهم حجة.



• أعداد هائلة من البشر نصادفهم في حياتنا تعرض لهم الأمر واضحًا

وبسيطًا (لكنه غير الذي عرفوه)! فيحاجُّوك ويحاجُّوك ويحاجُّوك،

ولا يتوقَّفون حيث يجب التوقُّف، ولا يأخذون فرصتهم في التفكير؛

بل يرهقونك تكبُّرًا وجهلًا وعِنادًا، ولو جئتَهُم بكلِّ الدلائل والبراهين! ويضيع

مع مثلهم الجهدُ والتعبُ هباءً؛ لأنهم من النوع الذي لا يهتدي، وسيظلون

على حالهم هذا حتى يتعلموا الدرس من سليمان،

ويأخذوا العِبْرة من ملكة سَبَأ.


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين