المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 6103


حور العين
03-15-2024, 04:28 AM
من:إدارة بيت عطاء الخير
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641
درس اليوم

أهل القيام



ما أرقَّ قلوب المؤمنين حينما تقبل على الله في مثل هذه الليالي العشر، وقد

اغتسلت بالصيام خلال النهار، وتهيأت للقيام في الليل، تركت كل ملذاتها

لتقف بين يدي الله في خشوع طالما اشتاقت إليه في سائر العام،

وراحت تنشد في همس:

ألا يا عين ويحك ساعديني

بطول الدمع في ظُلَم الليالي

لعلك في القيامة أن تفوزي

بخير الدهر في تلك العلالي



إنها كلما دب الفتور إليها، تذكرت قوله عليه الصلاة والسلام:

((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه))؛

رواه الشيخان.



وقوله عليه الصلاة والسلام:

((من قام مع الإمام حتى ينصرف، غُفِر له ما تقدم من ذنبه))؛

رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.



وتذكرت أقوامًا كانوا يدخلون المسجد لصلاة العشاء،

فما ينصرفون إلا قُبيل الفجر، يركضون للسجود قبل فوات وقته!



لكن القيام في الواقع ليس في رمضان وحده، وإن كان فيه أفضل، فالله

سبحانه قد أمر به تطوعًا غير مشروط بشهر معين.



قال عز من قائل في سورة الذاريات:

﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾

[الذاريات: 17، 18].



نزل ذلك في الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي أصحابه الكرام..



أولئك أقوام كان القيام في حياتهم جزءًا لا يمكن أن يُستغنى عنه، حتى ورد

في صحيح البخاري: أن أبا عثمان النهدي نزل ضيفًا على أبي هريرة –

رضي الله عنه - سبعة أيام، فرأى أبا هريرة وزوجه وخادمه

يقتسمون الليل ثلاثًا.



يقول أبو سليمان الداراني:

)والله لولا قيام الليل ما أحببت الدنيا، ووالله إن أهل الليل في ليلهم، ألذ من

أهل النهار في لهوهم، وإنه لتمر بالقلب ساعات يرقص طربًا بذكر الله،

فأقول: إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه من النعيم، إنهم في نعيم عظيم(

هل اشتقنا إلى مثل خلواتهم مع ربهم وبارئهم؟

إذا كان الجواب نعم، فلنعلم أن نفوسهم

خفت حينما طهروها من الذنوب والمعاصي..

اشتكى رجل للحسن البصري فقال: يا أبا سعيد، إني أبيت معافى،

وأحب قيام الليل، وأعد طهوري فما بالي لا أقوم؟

فأجابه بكلمتين: قيدتك ذنوبك!

ناموا، ولكن قبل أن يناموا غرسوا نبتة الأمل

في قلوبهم: نية وعزيمة على القيام.

احتسبوا نومهم كما يحتسبون قيامهم، وما إن يفتحوا للحياة عيونهم من

جديد في الثلث الأخير من الليل، حتى يصدحوا بالدعاء فرحين.

نهضوا نشيطين، توضؤوا، وتسوَّكوا، ولبسوا أحسن الثياب، ثم وقفوا بين

يديه سبحانه يستحضرون نزوله جل وعلا، وهو يقول:

((هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟

هل من داع فأستجيب له))،

فتفيض أعينهم بالدموع، وقلوبهم بالخشوع، وألسنتهم بالدعوات الخالصة،

قالت أمنا عائشة - رضي الله عنها، وعن أبيها - لعبدالله بن قيس:

(يا عبدالله، لا تدع قيام الليل؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يدعه).


يا أهل رمضان:

ما كان يدعه، فلا تدعوه، ولو ثلاث ركعات تضيء بهن حلكة كل ليلة من

ليالي الدهر، ثم تنامون قريري العين بمناجاة ربكم ومولاكم.

تدبر

قال تعالى في سورة الذاريات:

﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾

[الذاريات: 17، 18].



فالتصريح بقوله: ﴿ مِنَ اللَّيْلِ ﴾ للتذكير بأنهم تركوا النوم في الوقت الذي من

شأنه استدعاء النفوس للنوم، فيه زيادة في تصوير جلال قيامهم الليل،

وإلا فإن قوله: ﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ يفيد أنه من الليل.



وقوله تعالى: ﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾، كان النبي صلى الله عليه وسلم

إذا سلم من صلاته استغفر ثلاثًا، وأمره سبحانه أن يختم عمره بالاستغفار،

وأمر عباده أن يختموا إفاضتهم من عرفات بالاستغفار، وشرع عليه الصلاة

والسلام للمتوضئ أن يختم وضوءه بالتوبة، فأحسن ما خُتِمت به الأعمال،

التوبة، والاستغفار.

رسالة

لا بد أن تكون هذه الليلة بداية لانطلاقتنا في الثلث الآخر..

كيف لا، ونحن على موعد مع الملك الجبار؟!

وقفة

قال عبدالوهاب بن المنذر: لكل شيء أول، وأول الخير: الاستغفار.


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين