المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القواعد العشر في العتاب بين الأحباب 2


حور العين
05-17-2024, 01:17 PM
من :الأخت الزميلة / غرام الغرام
القواعد العشر في العتاب بين الأحباب 2



القاعدة الثالثة: خذ بيد أخيك، كن بجواره عند الخطأ، ولا تتخلَّ عنه، وتتركْه غنيمةً باردة للشيطان،
أزلِ الغشاوةَ عن عينَيِ المْخطئ؛ وحينما ترى خطأه؛ لا تتشنَّجْ، ولا تجحظْ بعينيك،
ولا يتعكر صفو مزاجك، تمهل، قد يكون المخطئ قد غطي على عينيه، فلم يدر ماذا يفعل؟
وخير الهدي هدي محمد-صلى الله عليه وسلم-بأبي هو وأمي وأمتي كلها ،
فعن أبي أمامة الباهلي- رضي الله عنه-: أنَّ فتىً من قريش أتى النبيَّ- صلى الله عليه وسلم-
فقال: " يا رسول الله: ائذن لي في الزنا، يريد الزنا حلالا!؛ وعندها ثار الصحابة الكرام واستُفِزوا
بشدة، وتألموا، وغضبوا، منْهم من قطَّبَ جبينه، ومنهم من قال: دعني أضرب عنقه،
والنبي- عليه الصلاة والسلام- لم يزدْ عن أنْ تبسَّم، وقرَّب الفتى إليه، وقال له:
" أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم،
قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله، يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال:
ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، يا رسول الله،
جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أتحبه لعمتك؟
قال: لا والله، يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم،
قال: أتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال:
ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه،
وطهر قلبه، وحصن فرجه، قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء ".

عندئذٍ، يقول هذا الفتى دخلت على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وليس
شيءٌ أحبَّ إليَّ من الزنا، وخرجت من عنده، وليس شيءٌ أبغض إليَّ من الزنا.


فهذا الذي يخطئ على عينيه غشاوة؛ حاول أن تُزيل هذه الغشاوة بهدوء،
وبحكمة، وبصبر، وبحلم؛ فلعلَّه يعود إلى فطرته، ويعود إلى رشده.

القاعدة الرابعة: الكلمة الطيبة صدقة، هذا أصل من أصول الدعوة الإسلامية العظيمة،
تجد أثرها وفعاليتها في كلَّ المجالات، فتَخيِّرُ أفضلِ الكلمات، وانتقاءِ ألطف العبارات؛
كفيلٌ بنزع فتيل أكبر المشكلات، وللكلمات أنوارٌ، إذا لمعتْ بروقها؛ أضاءت قلوب السامعين،
وأنارتْ ظلمة الغافلين، فالمؤمن ليس بلعَّان، ولا طعَّانٍ، ولا بذيء، ولا فاحشٍ، ولا متفحِّشٍ،
كما أنه ليس بفج العبارات، أو قاسي الكلمات، يجلد بسوط خيوطه من حرير؛ فيُحدثُ وقْعاً وأثراً، ولا يقطع لحماً، أو يُنزف دماً.

القاعدة الخامسة: إياك والجدل؛ إلا ما كان بالحسنى، غير ذلك، فهو المراء الذي يُرهق العقول،
ويوغر الصدور، بالجدال؛ قد تخسر أقرب الأصدقاء، وأخلص الأحباب، ولو كنت محقاً. ذلك أن المجادل
بعقله الباطن؛ يربط كرامته بأفكاره، فإذا أردت أن تنقض أفكاره بالحجة والبرهان؛ يرى أنَّك تنتقص
من كرامته؛ فيزداد بها تشبثاً! فلذلك وجه النبي -عليه الصلاة والسلام-أصحابه الكرام،
فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:" أنا زعيم ببيت في
رَبَض الجَنَّة لمن ترك المِراء، وإن كان مُحِقّاً، وببيت في وَسَط الجنة لمن ترك الكذب،
وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حَسَّنَ خُلُقَهُ ".

وفرق كبير بين المجادلة وبين الحوار، الحوار: تسوده المحبة، يسوده التفاهم، يسوده التواصل،
تسوده رغبة في معرفة الحقيقة، بينما الجدال: يسوده الكبر، يسوده رغبة في تحطيم الآخرين،
يسوده استعلاء، فإياك أن تجادل، لا تجادل، ولكن، ألق كلماتك الرقيقة العاتبة بأرقى أسلوب؛ فلعلَّ قلب المخطئ يلين.