المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 6190


حور العين
06-29-2024, 12:27 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم

التدرُّب على الصبر بملازمة الطاعات


الصبر لا يكون إلا على المكاره؛ أي: ما تَكْرهه النفْس ويشقُّ عليها، والنفس

تملُّ المحافظة على فعْل الخيرات، كما تكره دوام ترك الشهوات المحرَّمة

والملذَّات، وملازمةُ الطاعة قسم من أقسام الصبر، كما أنَّ ترْك المعصية قسْم

من أقسامه، ومَن أَلزمَ نفسَه طاعة الله -تعالى- ومنعها حظوظ نفسها

المحرَّمة، فقد اكتسب خلق الصبر.



والنفس بطبيعتها تميل إلى التفلُّت وترك المسؤولية، وخِطامُ استقامتها التي

تُقاد به نحو نجاتها وفلاحها الصبْرُ الذي تكتسبه في طريقها؛ مِن ملازمة ما

تكرهه، وما يشقُّ عليها من أوامر ونواهٍ، شرعيَّة وقدَريَّة.



الاستعانة بالله على تحقيق الصبر قبل وقوع البلاء:

إذا كان الله -تعالى- أمرَنا أن نستعين بالصبر على مكاره النفس وما يشقُّ

عليها، فإنه -تعالى- وحده مَن بيده مفاتيح الصبر، فلنستعِنْ به - عزَّ وجلَّ –

في إلهامنا الصبر، وجعْلِه خُلقًا لنا نستعين به على مُلِمَّات الحياة ومواقع البلاء.



والاستعانة بالله على تحلِّينا بالصبر ليست كلمةً تقال، أو تُقَرُّ هكذا دون تدبُّر

لمقام الربِّ -تعالى- الغنِيِّ القوي العزيز، ودون فَهْم لمقام العبد الفقير،

المحتاج لمولاه وسيِّدِه في كلِّ أحواله الدينية والدنيوية.

فإذا تحقق في قلب العبد أنه فقير محتاج، وأن الله -تعالى- هو مأواه وركنه

وجاره، دعاه واستعان به على قضاء حوائجه الدقيقة قبل الجليلة، حتى

يصير الصبر خُلقًا ملازمًا للإنسان في كلِّ شؤونه وأحواله.

فاصبر إن العاقبة للمتقين:

أمر الله -عزَّ وجلَّ- عباده بالصبر، ووعدهم بأن العاقبة لهم، فقال:

﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [هود: 49]، والإنسان إذا استحضر قلبُه حسنَ

المآل، هان عليه ما يَبذل في مقامه مِن جهد وتعب، وما ينتابه من مشقة

وبلاء.

وقد ابتُلي قبلَنا الصالحون ثُم كانت العاقبة لهم، وفي هذا خيرٌ مُعين لجلب

الصبر وإن شقَّ تحمُّلُه على النفس، وكان مِن لطف الله بنا أنْ نوَّع البلاءَ في

عباده الصالحين قبلنا، فنوح -عليه السلام- ابتُلي بالابن العاق، وأيوب

-عليه السلام- بالمرض، ويعقوب -عليه السلام- بمفارقة المحبوب،

وسليمان بالملك العظيم، وهكذا يستحضر العبدُ كلَّ هذا، حتى إذا كان يوم

البلاء أحسَنَ التأسِّي بأنبياء الله والصالحين قبله، الذين جعل الله -تعالى-

العاقبة لهم بصبرهم.



نحن بحاجة لكي نعايش أنبياء الله -عليهم السلام- والصالحين قبْلنا؛ نعايش

بلاءَهم مِن قُرب وكأننا هم، أو على الأقلِّ كأننا معهم، فنتصوَّر في شخص

يعقوب - عليه السلام - وهو يعالج مَرارة فِراق يوسف - عليه السلامُ –

السِّنينَ الطوَال، فيتحلَّى بالصبر الجميل الذي لا شكوى معه لمخلوق، ثم

تكون العاقبة له في النهاية، ويتحقق له لقاء يوسف - عليهما السلام.

عَود على بدء:

نسيان البلاء وترك التزوُّد له بالصبر، خطرٌ عظيم، خطر لا ندري متى

يداهمنا؟ وماذا سيخلف فينا؟ فوجب الاستعداد قبل أن ينْزل البلاء.

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله

وصحبه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين