المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 6249


حور العين
09-27-2024, 02:08 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
القلق المحمود



قلق المؤمن الأكبر ينبغي أن يكون هو خوفه من الآخرة عذاب الله، وهذا

النوع من القلق محمود ومطلوب، فالشعور بالأمن من عذاب الله ليس من

صفات المؤمنين، ولا يزال المؤمن خائفًا حتى يلقى الله عز وجل؛ قال تعالى:

﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99]،



والخوف جزء من الإيمان، بل إن الإيمان يقوم على سيقان الخوف والرجاء،

اللذين يدفعان المؤمن إلى العمل الصالح، والمؤمن يحزن على معاصيه

ويخاف ويقلق من تبعاتها، وهذا مما يساعده على التوبة والرجوع؛

قال صلى الله عليه وسلم عن الإيمان:

((إذا سرَّتك حسنتُك، وساءتك سيئتك، فأنت مؤمن، قال: يا رسول الله، فما

الإثم؟ قال: إذا حاك في نفسك شيء فَدَعْهُ))،



فلا يسكِّنُّ قلقه إلا طاعة الله والاستزادة منها؛ فمثلًا عندما يقف للصلاة يشعر

بانشراح وراحة نفسية، وعندما ينتهي من صوم نافلة أو اخراج صدقة يشعر

بفرح لتغلبه على شحِّ نفسه وكسلها وتمردها، ويفرح بتوفيق الله له لإتمام

تلك الطاعة التي تزيد من رصيده في الآخرة، وكذلك مما يخفِّف قلقَ المؤمن

قراءةُ آيات التبشير ووعود الله للمؤمنين، ثم النوم والراحة، وترك السهر

والانغماس في ملاهي الدنيا وملذاتها، والإكثار من ذكر الله والتوبة

والاستغفار، والتركيز على أعمال القلوب وإصلاحها، والتعلق بالله ومحبته،

وقراءة القرآن ومعاهدته بالحفظ والمراجعة، وعدم الإكثار من مخالطة

الناس؛ حيث يجد المؤمن ألذَّ ساعاته هي التي يقضيها في مناجاة الله

والوقوف بين يديه منكسرًا باكيًا، ومتحسرًا على ذنوبه وعلى ما فاته من

صالحات، وعلى تقصيره وقلة عمله؛ قال تعالى:

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

[الرعد: 28]،

بذلك كله وبالتوكل يرتاح المؤمن من القلق، وتصير نفسه مطمئنة إلى الله

ومتشوقة له، ويُدخله الأمل والرجاء في النجاة رغم ما يخالطه من خوف

حتى يلقى الله، وعند الموت تقبض الملائكة نفسه وهي مطمئنة ومستبشرة

بوعد الله؛ قال تعالى:

﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً *

فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30]،

فنسأل الله سبحانه وتعالى الأمن والطمأنينة يوم القيامة، وأن يجعلنا ممن

يكون حالهم يومئذٍ: ﴿ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ

الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 103]، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد

وعلى آله وصحبه وسلم.


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين