تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم


حور العين
10-21-2024, 01:00 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا

وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [النساء: 94].

تأمل قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾؛

لتعلم أن أكثر ما يكون بين المسلمين من عداوات، وأغلب ما يحدُث بينهم من

مشاحنات، سببُه عدم التثبت مما يسمعونه من أقوال، وعدم التبيُّن مما يرونه

من الأفعال؛ فكم من أرحام قُطعت لقولٍ قيلَ لم يتبيَّن مرادُ قائله! وكم من

وشائجَ انفصَمت عُرَاها لأفعال حُمِلَت على غير مَحملها، وأوِّلت على غير

تأويلها! وتأمل قَولَه:

﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾؛

لتعلم خطرَ إطلاقِ الإحكام على المؤمنين جزافًا،

وخطرَ رمي المؤمنين بالكفر بلا بينة أو دليل قاطع.



من أعظم الذنوب التي يُمكن أن يقع فيه المسلم أن يرمي غيره من أهل

الإيمان بالكفر؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرٌ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا»[1].

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

«مَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُوُّ اللهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ»[2].

ومكمنُ الخطر في الحكم على الناس بالكفر بلا بيِّنة، ما يترتب على ذلك

الحكم من الاعتداد بالنفس، وعُجب ذلك الإنسان بعمله لاعتقاده هلاك الناس،

ونفي الخيرية عنهم؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:

«إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ»[3].

وأيضًا لِما يترتَّب على ذلك غالبًا من استحلال الدماء المعصومة والأموال

المحرمة؛ كما حدث من محلم بن جثامة حين قتل عامر بن الأضبط لشيء

كان بينه وبينه في الجاهلية وأخذ بعيره، فكان سبب نزول هذه الآية؛ فعَنْ

عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ إِلَى إضَم، فَخَرَجْتُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فِيهِمْ: أَبُو قَتَادَةَ الْحَارِثُ بْنُ

رِبْعي، وَمُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامة بْنِ قَيْسٍ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إذا كنا ببطن إضَم مَرَّ بِنَا

عَامِرُ بْنُ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيُّ عَلَى قَعُود لَهُ، مَعَهُ مُتَيَّع ووَطْب مِنْ لَبَنٍ، فَلَمَّا مَرَّ

بِنَا سَلَّمَ عَلَيْنَا، فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ فَقَتَلَهُ بِشَيْءٍ كان

بينه وبينه، وأخذ بعيره مُتَيَّعه، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، نَزَلَ فِينَا الْقُرْآنُ:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾[4].


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين