المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نفحة يوم الجمعة الهدف الأسمى


adnan
02-01-2013, 08:31 PM
أ . محمد الجاهوش



العمرُ أقصر من أن يضيع عبثاً، أو يمضي هدراً، وهو أقصر من أن يحقق فيه المرء كل ما يتمناه. فالعاقل يحرص على تقديم عظائم الأمور، قانعًا بما يصون وجهه في دنياه، مشمّرًا فيما يبلغه آخرته بسلام، وينجيه عند مناقشة الحساب.

وما حاز شيئاً من سلامة العقل من شغلته الدنيا عن الآخرة. وهل يصح -عقلاً- الإعراضُ عن الاستعداد لدار البقاء والخلود الأبدي؟
ثم بذل الجهود والإمكانات لبناء دنيا حكم عليها خالقها بالزوال والفناء! ألا ما أجهلَ مَنْ شَغَلَ نفسَه بشيء مدبر خيره، عن شيء باق شره.

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=13c9131582b3c37f&attid=0.6&disp=emb&zw&atsh=1

واعلم أخي المسلم:
أن الله تعالى خلق الدنيا والآخرة، وجعلهما مراحل ومحطات في حياة
الإنسان والآخرة هي المحطة الأخيرة.
وكل من سلك طريقاً فلا بد أن يلتمس أسباب السّلامة والنّجاة في مسيره، ويتزود من كل مرحلة بما يعينه على اجتياز التي تليها، حتى يبلغ غايته.
وشأن المؤمن أن تتصف حياتُه بالتناغم والانسجام بين دنياه وآخرته، فالآخرة عنده هي:
الهدف الأسمى، وغاية المنتهى.
والدنيا هي الطريق التي لا بد من اجتيازها أولاً، ومن مراحل سيرها يكون التزود للدار الباقية. ولا خطر على الآخرة من الدنيا بهذا المفهوم، بل هي خير يفضي إلى خير. وإنما الخطر في الإخلاد إليها، والافتتان بزينتها، وسوء استغلالها.
وقد أدرك هذا أسلافُنا، فعمروا دنياهم، دون أن تشغلهم عن آخرتهم، وكانت بأيديهم، ولم تسكن قلوبهم. خافوها، فاجتنبوا فتنها، وعمروها بالطاعات، فعبروها بأمن وسلام.
نـــظروا فيها فلما علموا أنها ليست لحي سكنا
حسبوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا

https://mail.google.com/mail/u/0/?ui=2&ik=8c4e62fb9f&view=att&th=13c9131582b3c37f&attid=0.7&disp=emb&zw&atsh=1


نعم، إنها لجة، لا يُنجي منها إلا الهرب إلى الله تعالى بصالح الأعمال.
فما على العاقل إلا الانطلاق مع سنن الحياة، فيسلم وجهه لله، ويستسلم
لأمره، ويتبع الهدى الذي جاءه من ربه :

{ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى }
فإن الله يجمع لمن يشاء الفضيلة في حكمه وعلمه،

{ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }

فهل يدرك من جعل الله بأيديهم رعايةَ الأمة ومقاليدَ أمورها، هذه الأمورَ، فينصحوا لأمتهم، فلا يستعملوا إلا الأمناء، ولا يسوسوها بغير الهدى والصلاح، ويجعلوا من سيرة الفاروق مثلاً يحتذى وهديًا يقتدى؟

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }