بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   درس اليوم 4901 (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=70366)

حور العين 08-05-2020 06:18 AM

درس اليوم 4901
 
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى اسم الله القابض والباسط (01)

الدِّلالاتُ اللُّغَويَّةُ لاسْمِ (القَابِضِ)
القَابِضُ فِي اللُّغَةِ اسْمُ فَاعِلٍ، فِعْلُهُ قَبَضَه يَقْبِضُه قَبْضًا وقَبْضَةً، والقَبْضُ
خِلَافُ البَسْطِ، وهُوَ فِي حَقِّنَا: جَمْعُ الكَفِّ عَلَى الشَّيءِ، وهُوَ مِنْ أَوْصَافِ اليدِ
وفِعْلِهَا، والقَبْضَةُ ما أَخَذْتَ بجُمعِ كَفِّكَ كُلِّهِ تَقُولُ: هَذَا قُبْضةُ كفي أَيْ قَدْرُ
مَا تَقْبِضُ عَلَيْهِ، قَالَ السَّامِرِيُّ:

{ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي }
[طه: 96]

أَرَادَ مِنْ تُرَابِ أَثَرِ حَافرِ فَرسِ الرسولِ، وعند مُسْلمٍ مِنْ حَدِيثِ إِياس
بنِ سَلَمَةَ، عن أبيه رضي الله عنه؛ أَنَّهُ قالَ:
غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُنَيْنًا... إلى أنْ قَالَ:
فَلَمَّا غَشَوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عَنِ البَغْلَةِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً
مِنَ تُرَابٍ مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ اسْتَقَبَلَ بِهِ وُجُوهَهُمْ فَقَالَ:
"شَاهَت الوُجُوهُ، فَمَا خَلَقَ اللهُ منْهُمْ إنسَانًا إِلا مَلأَ عَيْنَيْهِ تُرابًا
بتلْكَ القَبْضَةِ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ فَهَزَمَهُمُ اللهُ عز وجل"

والقَبْضُ قَدْ يَأْتي بِمَعْنَى تَأْخِيرِ اليدِ وَعَدمِ مَدِّهَا، أوْ عَلَى المعْنَى المُعَاكِسِ وهُوَ
تَنَاوُلُكَ للشيءِ بِيَدِكَ مُلامَسةً، كَمَا وَرَدَ عِندَ النَّسَائي، وحَسَّنَهُ الألبَانِيُّ
مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ أنَّ امْرَأَةً مَدَّتْ يَدَهَا إِلَى النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم بِكتَابٍ فَقَبضَ يَدَهُ، فَقَالتْ:
يَا رسُولَ اللهِ مَدَدْتُ يَدِي إِليْكَ بِكتَابٍ فَلَمْ تَأْخُذْهُ، فَقَالَ:
"إِنِّي لَمْ أَدْرِ أَيَدُ امرَأَةٍ هِيَ أَوْ رَجُلٍ"، قَالتْ: بَلْ يَدُ امْرَأَةٍ، قَالَ:
"لَوْ كُنْتِ امْرَأَةً لَغَيَّرْتِ أَظْفَارَكِ بالْحِنَّاءِ"،

وقَبَضْتُ الشيءَ قبْضًا؛ يَعْنِي: أَخَذْتُه، والقَبْضُ قَبُولُكَ المَتَاعَ وإنْ لَم تُحَوِّلُه
مِنْ مَكَانِه، والقَبْضُ أيضًا تَحْويلُكَ المَتاعَ إلى حَيِّزِكَ، وصَارَ الشَّيْءُ فِي
قَبْضِتي؛ أَيْ: في مِلْكي، وقُبِضَ المريضُ إذا تُوفِّيَ أو أَشْرَفَ عَلَى الموْتِ.

وعِنْدَ البُخاري مِنْ حديثِ أُسامةَ رضي الله عنه، قَالَ
أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إِليْهِ: إنَّ ابْنًا لي قُبِضَ فَائتنَا
أَرَادَتْ أَنه في حالِ القَبْضِ، ومُعَالجةِ النَّزْعِ، وتَقَبَّضَتِ الجلدَةُ في النَّارِ أَي
انْزَوَتْ، وقَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِ المنافِقِينَ: { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ }
[التوبة: 67]؛ أَيْ: عَنِ النَّفَقَةِ والصَّدَقَةِ فَلا يُؤْتُونَ الزَّكَاة

والقَابِضُ سُبْحَانَه هُوَ الذِي يُمْسِكُ الرِّزْقَ وغَيْرَه مِنَ الأَشْيَاءِ عَنِ العبَادِ بِلُطْفِهِ
وحِكْمَتِهِ، ويَقبضُ الأَرْواحَ عِنْدَ المَمَاتِ بِأَمْرِهُ وقُدرَتِهِ، ويُضيِّقُ الأسْبَابَ عَلَى
قَوْمٍ ويُوَسِّعُ عَلَى آخَرِينَ ابْتِلاءً وامْتِحَانًا، وقَبْضُهُ تَعَالَى وإِمْسَاكُهُ وَصْفٌ
حَقِيقِيٌّ لا نَعْلَمُ كَيْفِيَّتَهُ، نُؤْمِنُ بِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ وحَقِيقَتِهِ، لا نُمَثِّلُ ولا نُكَيِّفُ،
ولا نُعَطِّلُ ولا نُحَرِّفُ، فَالإِيمَانُ بصِفَاتِ اللهِ فَرْعٌ عَنِ الإِيمَانِ بِذَاتِهِ، والقَوْلُ
فِي صِفَاتهِ كالقَوْلِ فِي ذَاتِهِ؛ لأننا ما رَأيْنا اللهَ تَعَالَى ومَا رَأينا لِذاتِهِ مثيْلًا، فَهُوَ
أَعْلَمُ بِكَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ وبَسْطَهِ أو إِمْسَاكِهِ وأخْذِهِ، وَلَا دَاعِي للتأويلِ الذي اْنتَهَجَهُ
المُتَكَلِّمُونَ بِكُلِّ سَبِيلٍ، فَنْؤْمِنُ بما أَخْبَرَ اللهُ بلا تَمثيلٍ ولا تَعْطِيلٍ، وعَلَى هَذَا
اعْتِقَادُ السَّلَفِ في جميعِ الصِّفَاتِ والأَفْعَالِ، قَالَ شَيْخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَةَ:
"وقَدْ تَوَاتَرَ فِي السُّنَّةِ مَجِيءُ اليدِ في حَدِيثِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم،
فالمفْهُومُ مِنْ هَذَا الكلامِ أنَّ للهِ تَعَالَى يَدَينِ مُخْتَصَّتَينِ بِهِ ذَاتِيَّتَينِ لَهُ كَمَا يَلِيقُ
بِجَلَالِهِ، وأَنَّه سُبْحَانَهُ خَلَقَ آدَمَ بِيدِهِ دُوَنَ الملائِكَةِ وإبْلِيسَ، وأَنَّه سُبحَانَهُ
يَقْبِضُ ويَطْوِي السَّماوَاتِ بِيَدِهِ اليُمْنَى، وأَنَّ يَدَاهُ مبْسُوطَتانِ

قَالَ اللهُ تَعَالَى:

{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }

وَوَرَدَ عِنْدَ أبي داود، وَصَحَّحَهُ الألبانِيُّ مِنَ حَدِيثِ أبي مُوسى رضي الله عنه
أَنَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ مِنَ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأرضِ،
فَجَاء بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الأرضِ، جَاءَ مِنْهُمُ الأحْمَرُ وَالأَبْيَضُ
وَالأَسْوَدُ وبَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ وَالحَزْنُ والخَبِيثُ والطِّيبُ"

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين




All times are GMT +3. The time now is 01:19 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.