بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   درس اليوم 4740 (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=66893)

حور العين 01-14-2020 01:57 PM

درس اليوم 4740
 
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى اسم الله الحميد (07)

2- إِثْبَاتُ الحَمْدِ كُلِّهِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ:
نِسْبَةُ القُدْرَةِ وَالحِكْمَةِ للهِ تَسْتَلْزِمُ أَمْرًا ثَالِثًا وَهُوَ الحَمْدُ، وَيَجْمَعُ هَذَيْنِ الأَصْلَيْنِ
العَظِيمَيْنِ أَصْلٌ ثَالِثٌ هُوَ عَقْدُ نِظَامِهَا وَجَامِعُ شَمْلِهَا، وَبِتَحْقِيقِهِ وَإثْبَاتِهِ عَلَى
وَجْهِهِ يَتِمُّ بِنَاءُ هَذَيْنِ الأَصْلَيْنِ وَهُوَ إِثْبَاتُ الحَمْدِ كُلِّهِ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، فَإِنَّهُ
المَحْمُودُ عَلَى مَا خَلَقَهُ وَأَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ، فَهُوَ المَحْمُودُ عَلَى طَاعَاتِ العِبَادِ
وَمَعَاصِيهِم وَإِيمَانِهِم وَكُفْرِهِم، وَهُوَ المَحْمُودُ عَلَى خَلْقِ الأَبْرَارِ وَالفُجَّارِ
وَالمَلاَئِكَةِ وَالشَّيَاطِينِ، وَعَلَى خَلْقِ الرُّسُلِ وَأَعْدَائِهِم، وَهُوَ المَحْمُودُ عَلَى عَدْلِهِ
فِي أَعْدَائِهِ، كَمَا هُوَ المَحْمُودُ عَلَى فَضْلِهِ وَإِنْعَامِهِ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، فَكُلُّ ذَرَّةٍ
مِنْ ذَرَّاتِ الكَوْنِ شَاهِدَةٌ بِحَمْدِهِ، وَلِهَذَا سَبَّحَ بِحَمْدِهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ:

{ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ }
[الإسراء: 44]، وَكَانَ فِي


قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الاعْتِدَالِ مِنَ الرُّكُوعِ:
"رَبَنَّا وَلَكَ الحَمْدُ، مِلءَ السَّمَاءِ، وَمِلءَ الأَرْضِ، وَمِلءَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِلءَ مَا
شِئْتَ مِنْ شَيءٍ بَعْدُ"

فَلَهُ سُبْحَانَهُ الحَمْدُ حَمْدًا يَمْلَأُ المَخْلُوقَاتِ وَالفَضَاءَ الذِي بَيْنَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ، وَيَمْلَأُ مَا يَقْدِرُ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّا يَشَاءُ اللهُ أَنْ يَمْلَأَ بِحَمْدِهِ،
وَذَاكَ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُمْلَأَ مَا يَخْلُقُهُ اللهُ بَعْدَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
، وَالمَعْنَى أَنَّ الحَمْدَ مِلءَ مَا خَلَقْتَهُ وَمِلءَ مَا تَخْلُقُهُ بِعْدَ ذَلِكَ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ المَعْنَى مِلءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيءٍ بَعْدُ يَمْلَؤُهُ حَمْدُكَ، أَيْ يُقَدَّرُ
مَمْلُوءًا بِحَمْدِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا، وَلَكِنْ يُقَالُ: المَعْنَى الأَوَّلُ أَقْوَى لأَِنَّ
قَوْلَهُ: "مَا شِئْتَ مِنْ شَيءٍ بَعْدُ" يَقْتَضِى أَنَّهُ شَيءٌ يَشَاؤُهُ، وَمَا شَاءَ كَانَ،
وَالمَشِيئَةُ مُتَعَلقةٌ بِعَيْنِهِ لَا بِمُجَرَّدِ مَلءِ الحَمْدِ لَهُ، فَتَأَمَّلْهُ لَكِنَّهُ إِذَا شَاءَ كَوْنَهُ فَلَهُ
الحَمْدُ مِلْؤُهُ، فَالمَشِيئَةُ رَاجِعَةٌ إِلَى المَمْلُوءِ بِالحَمْدِ، فَلَابُدَّ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا
مَوْجُودًا يَمْلَؤُهُ حَمْدُهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ: "مِنْ شَيءٍ" بَعْدُ يَقْتَضِي أَنَّهُ شَيءٌ
يَشَاؤُهُ سُبْحَانَهُ بَعْدَ هَذِهِ المَخْلُوقَاتِ كَمَا يَخْلُقُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ مَخْلُوقَاتِهِ مِنَ
القِيَامَةِ وَمَا بَعْدَهَا. وَلَوْ أُرِيدَ تَقْدِيرَ خَلْقِهِ لَقِيلَ: وَمِلءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيء
ٍ مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ المُقَدَّرَ يَكُونُ مَعَ المُحَقَّقِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ: مِلءَ مَا شِئْتَ أَنْ
يَمْلَأَهُ الحَمْدُ، بَلْ قَالَ: مَا شِئْتَ، وَالعَبْدُ قَدْ حَمِدَ حَمْدًا أَخْبَرَ بِهِ، وَإِنَّ ثَنَاءَهُ
وَوَصْفَهُ بَأَنَّهُ يَمْلَأُ مَا خَلَقَهُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَمَا يَشَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ
"وَمِلءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيءٍ بَعْدُ" يَقْتَضِي إِثْبَاتَ مَشِيئَةٍ تَتَعَلَّقُ بِشَيءٍ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَعَلَى الوَجْهِ الثَّانِي قَدْ تَتَعَلَّقُ المَشِيئَةُ بِمِلءِ القَدْرِ، وَقَدْ لَا تَتَعَلَّقُ، وَأَيْضًا فَإِذَا
قِيلَ: "مَا شِئْتَ مِنْ شَيءٍ بَعْدَ ذَلِكَ" كَانَ الحَمْدُ مَالِئًا لِمَا هُوَ مَوْجُودٌ يَشَاؤُهُ
الرَّبُّ دَائِمَا، وَلَا رَيْبَ أَنَّ لَهُ الحَمْدَ دَائِمَا فِي الأَولَى وَالآخِرَةِ، وَأَمَّا إِذَا قُدِّر
َ مَا يَمْلَؤُهُ الحَمْدُ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فَالمُقَدَّرَاتُ لَا حَدَّ لَهَا، وَمَا مِنْ شَيءٍ مِنْهَا
إِلَّا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ شَيءٍ بَعْدَهُ، وَتَقْدِيرُ مَا لَا نَهَايَةَ لَهُ كَتَقْدِيرِ الأَعْدَادِ، وَلَوْ أُرِيدَ
هَذَا المَعْنَى لَمْ يُحْتَجْ إِلَى تَعْلِيقِهِ بِالَمشِيئَةِ، بَلْ قِيلَ: "مِلءَ مَا لَا يَتَنَاهَى" فَأَمَّا
مَا يَشَاؤُهُ الرَّبُّ فَلَا يَكُونُ إِلَّا مَوْجُودًا مُقَدَّرًا، وَإِنْ كَانَ لَا آخِرَ لِنَوْعِ الحَوَادِثِ،
أَوْ بَقَاءَ مَا تَبَقَّى مِنْهَا، فَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَشَاؤُهُ بَعْدُ.

وَأَيْضًا فَالحَمْدُ هُوَ الإِخْـبَارُ بِمَحَـاسِنِ المَحْـمُودِ عَلَى وَجْهِ الحُبِّ لَهُ، وَمَحَاسِنُ
المَحْمُودِ تَعَالَى إِمَّا قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ، وَإِمَّا ظَاهِرَةٌ فِي مَخْلُوقَاتِهِ، فَأَمَّا المَعْدُومُ
المَحْضُ الذِي لَمْ يَخْلُقْ وَلاَ خَلَقَ قَطُّ فَذَاكَ لَيْسَ فِيهِ مَحَاسِنُ وَلَا غَيْرُهَا،
فَلَا مَحَامِدَ فِيهِ البَتَّةَ، فَالحَمْدُ للهِ الذِي يَمْلَأُ المَخْلُوقَاتِ مَا وُجِدَ مِنْهَا وَيُوجَدُ
هُوَ حَمْدٌ يَتَضَمَّنُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ بَكَمَالِهِ القَائِمِ بِذَاتِهِ، وَالمَحَاسِنِ الظَّاهِرَةِ
فِي مَخْلُوقَاتِهِ، وَأَمَّا مَا لَا وُجُودَ لَهُ فَلَا مَحَامِدَ فِيهِ وَلَا مَذامَّ،
فَجَعْلُ الحَمْدِ مَالِئًا لَهُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ.
COLOR="DarkGreen"]أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين


[/COLOR]


All times are GMT +3. The time now is 06:38 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.