بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   درس اليوم 4842 (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=69277)

حور العين 06-01-2020 02:15 AM

درس اليوم 4842
 
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى اسم الله الجميل (11)

وَحَمْدُهُ يَتَضَمَّنُ أَصْلَينِ: الإِخبَارَ بِمَحَامِدِهِ وَصِفَاتِ كَمَالِهِ، وَالمَحَبَّةَ لَهُ عَلَيهَا،
فَمَنْ أَخْبَرَ بِمَحَاسِنِ غَيْرِهِ مِنْ غَيرِ مَحَبَّةٍ لَهُ لَمْ يَكُنْ حَامِدًا.

وَمَنْ أَحَبَّهُ مِنْ غَيرِ إِخْبَارٍ بِمَحَاسِنِهِ لَمْ يَكُنْ حَامِدًا حَتَّى يَجْمَعَ الأَمْرَينِ، وَهُوَ
سُبْحَانَهُ يَحمَدُ نَفسَهُ بِنَفْسِهِ، وَيَحمَدُ نَفسَهُ بِمَا يُجْرِيهِ عَلَى أَلسِنَةِ الحَامِدِينَ لَهُ
مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَأَنبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَعِبَادِهِ المُؤمِنِينَ، فَهُوَ الحَامِدُ لِنَفسِهِ بِهَذَا وَهَذَا،
فَإِنَّ حَمْدَهُم لَهُ بِمَشِيئَتِهِ وَإِذْنِهِ وَتَكْوينِهِ، فَإِنَّهُ هُوَ الذِي جَعَل الحَامِدَ حَامِدًا،
وَالمُسْلِمَ مُسْلِمًا، وَالمُصَلِّي مُصَلِّيًا، وَالتَّائِبَ تَائِبًا، فَمِنْهُ ابتَدَأَتِ النِّعَمُ وَإِلَيهِ
انتَهَتْ، فَابتَدَأَتْ بِحَمْدِهِ وَانْتَهَتْ إِلَى حَمْدِهِ، وَهُوَ الذِي أَلهَمَ عَبْدَهُ التَّوبَةَ وَفَرِحَ
بِهَا أَعْظَمَ فَرَحٍ، وَهِيَ مِنْ فَضلِهِ وَجُودِهِ، وَأَلهَمَ عَبدَهُ الطَّاعَةَ وَأَعَانَهُ عَلَيهَا ثُمَّ
أَثَابَهُ عَلَيهَا، وَهِيَ مِنْ فَضْلِهِ وَجُودِهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ غَنِيٌّ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ بِكُلِّ
وَجْهٍ، وَمَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إِلَيهِ بَكُلِّ وَجْهٍ.

وَالعَبْدُ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ لِذَاتِهِ فِي الأَسبَابِ وَالغَايَاتِ
فَإِنَّ مَا لَا يَكُونُ بِهِ لَا يَكُونُ وَمَا لَا يَكُونُ لَهُ لَا يَنْفَعُ

إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ وَيُحِبُّ الجَمَالَ:
وَقَولُهُ فِي الحَدِيثِ: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ"
يَتَنَاوَلُ جَمَالَ الثِّيَابِ المَسئُولِ عَنْهُ فِي نَفْسِ الحَدِيثِ.

وَيَدْخُلُ فِيهِ بِطَرِيقِ العُمُومِ الجَمَالُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ، وَفِي الصَّحِيحِ:
"إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا"

وَفِي السُّنَنِ: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ"

وَفِيهَا عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ الجُشَمِيِّ قَالَ: رَآَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
وَعَلَيَّ أَطْمَارٌ، فَقَالَ: "هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ؟" قُلتُ: نَعَم. قَالَ: "مِنْ أَيِّ المَالِ؟"
قُلتُ: مِنْ كُلِّ مَا آتَى اللهُ مِنَ الإِبِلِ وَالشَّاءِ، قَالَ:
"فَلْتُرَ نِعْمَتُهُ وَكَرَامَتُهُ عَلَيكَ"

فَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ ظُهُورَ أَثَرَ نِعمَتِهِ عَلَى عَبدِهِ؛ فَإِنَّهُ مِنَ الجَمَالِ الذِي يُحِبُّهُ،
وَذَلِكَ مِنْ شُكْرِهِ عَلَى نِعَمِهِ، وَهُوَ جَمَالٌ بَاطِنٌ، فَيَجِبُ أَنْ يُرَى عَلَى عَبْدِهِ
الجَمَالُ الظَّاهِرُ بِالنَّعمَةِ، وَالجَمَالُ البَاطِنُ بِالشُّكْرِ عَلَيهَا.

وَلِمَحَبَّتِهِ سُبْحَانَهُ لِلْجَمَالِ أَنزَلَ عَلَى عِبَادِهِ لِبَاسًا وَزِينَةً تُجَمِّلُ ظَوَاهِرَهُمْ،
وَتَقْوَى تُجَمِّلُ بَوَاطِنَهُمْ، فَقَالَ:

{ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا
وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } [الأعراف: 26]،

وَقَالَ فِي أَهْلِ الجَنَّةِ:

{ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا }
[الإنسان: 11، 12]،

فَجَمَّلَ وُجُوهَهُم بِالنَّضْرَةِ، وَبَوَاطِنَهُم بِالسُّرُورِ، وَأَبْدَانَهُم بِالحَرِيرِ، وَهُوَ
سُبْحَانَهُ كَمَا يُحِبُّ الجَمَالَ فِي الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ وَاللِّبَاسِ وَالهَيئَةِ، يُبْغِضُ القَبِيحَ
مِنَ الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ وَالثِّيَابِ وَالهَيئَةِ، فَيُبْغِضُ القَبِيحَ وَأَهْلَهُ،
وَيُحِبُّ الجَمَالَ وَأَهْلَهُ.

وَلَكِنْ ضَلَّ فِي هَذَا المَوْضُوعِ فَرِيقَانِ: فَرِيقٌ قَالُوا كُلُّ مَا خَلَقَهُ جَمِيلٌ. فَهُوَ
يُحِبُّ كُلَّ مَا خَلَقَهُ، وَنَحْنُ نُحِبُّ جَمِيعَ مَا خَلَقَهُ فَلاَ نُبْغِضُ مِنْهُ شَيئًا، قَالُوا
وَمَنْ رَأَى الكَائِنَاتِ مِنْهُ رَآهَا كُلَّهَا جَمِيلَةً، وَأَنْشَدَ مُنْشِدُهُم:

وَإِذَا رَأَيْتَ الكَائِنَاتِ بِعَينِهِم ♦♦♦ فَجَمِيعُ مَا يَحْوَي الوجُودُ مَلِيحُ

وَاحْتَجُّوُا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } [السجدة: 7]،

وَقَوْلِهِ: { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } [النمل: 88]،

وَقَوْلِهِ: { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ } [الملك: 3]،

وَالعَارِفُ عِندَهُم هُوَ الذِي يُصَرِّحُ بِإِطْلاَقِ الجَمَالِ، وَلَا يَرَى فِي الوُجُودِ قَبِيحًا.

وَهَؤُلَاءِ قَدْ عُدِمَتِ الغَيْرَةُ للهِ مِنْ قُلُوبِهِم، وَالبُغْضُ فِي اللهِ، والمُعَادَاةُ فِيهِ،
وَإِنْكَارُ المُنْكَرِ، وَالجَهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَإِقَامَةُ حُدُودِهِ، وَيَرَى جَمَالَ الصُّوَرِ
مِنَ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ مِنَ الجَمَالِ الذِي يُحِبُّهُ اللهُ فَيَتَعَبَّدُونَ بِفِسْقِهِم، وَرُبَّمَا غَلَا
بَعْضُهُم حَتَّى يَزْعُمَ أَنَّ مَعْبُودَهُ يَظْهَرُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ، وَيَحِلُّ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ
اتّحَادِيًّا قَالَ: هِيَ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ الحَقِّ، وَيُسَمِّيهَا: المَظَاهِرَ الجَمَالِيَّةَ.

وَقَابَلَهُم الفَرِيقُ الثَّانِي فَقَالُوا: قَدْ ذَمَّ اللهُ سُبْحَانَهُ جَمَالَ الصُّوَرِ،
وَتَمَامَ القَامَةِ وَالخِلقَةِ؛

فَقَالَ عَنِ المُنَافِقِينَ: { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ } [المنافقون: 4]،

وَقَالَ: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا } [مريم: 74]:
أَيْ أَمْوَالًا وَمَنَاظِرَ.
قَالَ الحَسَنُ: "هُوَ الصُّوَرُ".

وَفِي صِحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُم"

، قَالُوا: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَنْفِ نَظَرَ الإِدْراكِ، وَإِنَّمَا نَفَى نَظَرَ المَحَبَّةِ.

قَالُوا: وَقَدْ حَرَّمَ عَلَينَا لِبَاسَ الحَرِيرِ وَالذَّهَبِ، وَآنِيَةَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَذَلِكَ مِنْ
أَعْظَمِ جَمَالِ الدُّنْيَا، وَقَالَ:

{ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } [طه: 131]،

وَفِي الحَدِيثِ: "البَذَاذَةُ مِنَ الإِيمَانِ"

وَقَدْ ذَمَّ اللهُ المُسْرِفِينَ، وَالسَّرَفُ كَمَا يَكُونُ فِي الطَّعَامِ
وَالشَّرَابِ يَكُونُ فِي اللِّبَاسِ.

وَفَصْلُ النِّزَاعِ أَنْ يُقَالَ: الجَمَالُ فِي الصُّورَةِ واللِّبَاسِ وَالهَيئَةِ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:
مِنْهُ مَا يُحْمَدُ، وَمِنْهُ مَا يُذَمُّ، وَمِنْهُ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَدْحٌ وَلاَ ذَمٌ.

فَالمَحْمُودُ مِنْهُ: مَا كَانَ للهِ، وَأَعَانَ عَلَى طَاعِةِ اللهِ، وَتَنْفِيذِ أَوَامِرِهِ، وَالاسْتِجَابَةِ
لَهُ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَجَمَّلُ لِلْوُفُودِ، وَهُوَ نَظِيرُ لِبَاسِ آلَةِ
الحَرْبِ لِلْقتَالِ، وَلِبَاسِ الحِرِيرِ فِي الحَرْبِ وَالخُيَلاَءِ فِيهِ؛ فإنَّ ذلكَ محمودٌ إذَا
تضمنَ إعلاءَ كلمةِ الله، ونصرَ دينهِ، وغيظَ عدوِّهم.

والمذمومُ منه: مَا كَانَ لِلدُّنْيَا وَالرِّيَاسَةِ وَالفَخْرِ وَالخُيَلَاءِ، وَالتَّوَسُّلِ إِلَى
الشَّهَوَاتِ، وَأَنْ يَكُونَ هُوَ غَايَةُ العَبْدِ، وَأَقْصَى مَطْلَبِهِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النُّفُوسِ
لَيْسَ لَهَا هِمَّةٌ فِي سِوَى ذَلِكَ.

وَأَمَّا مَا لَا يُحْمَدُ، وَلَا يُذَمُّ: هُوَ مَا خَلَا عَنِ هَذَيْنِ القَصْدَيْنِ،
وَتَجَرَّدَ عَنِ الوَصْفَيْنِ.

وَالمَقْصُودُ: أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ الشَّرِيفَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَصْلَيْنِ عَظِيْمَيْنِ: فَأَوَّلُهُ
مَعْرِفَةٌ، وَآخِرُهُ سُلُوكٌ، فَيُعْرَفُ اللهُ سُبْحَانَهُ بِالجَمَالِ الذِي لَا يُمَاثِلُهُ فِيهِ شَيءٌ.
وَيُعْبَدُ بِالجَمَالِ الذِي يُحِبُّهُ مِنَ الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ وَالأَخْلاَقِ، فَيُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ
يُجَمِّلَ لِسَانَهُ بِالصِّدْقِ، وَقَلْبَهُ بِالإِخْلاَصِ وَالمَحَبَّةِ وَالإِنَابَةِ وَالتَّوَكُلِ، وَجَوَارِحَهُ
بِالطَّاعَةِ، وَبَدَنَهُ بِإِظْهَارِ نِعَمِهِ عَلَيْهِ فِي لِبَاسِهِ، وَتَطْهِيرِهِ لَهُ مِنَ الأَنْجَاسِ
وَالأَحْدَاثِ وَالأَوْسَاخِ وَالشُّعُورِ المَكْرُوهَةِ، وَالخِتَانِ وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ، فَيَعْرِفُهُ
بَصِفَاتِ الجَمَالِ، وَيَتَعَرَّفُ إِلَيْهِ بِالأَفْعَالِ وَالأَقْوَالِ وَالأَخْلاَقِ الجَمِيلَةِ، فَيَعْرِفُهُ
بِالجَمَالِ الذِي هُوَ وَصْفُهُ، وَيَعبُدُهُ بِالجَمَالِ الذِي هُوَ شَرْعُهُ وَدِينُهُ، فَجَمَعَ
الحَدِيثُ قَاعِدَتِيْنِ: المَعْرِفَةَ، وَالسُّلُوكَ.


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين




All times are GMT +3. The time now is 04:58 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.