بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   خطب الحرمين الشريفين (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=66)
-   -   خطبتى الجمعة من المسجد النبوى الشريف بعنوان :شَرَف السجود لله عز وجل (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=62487)

حور العين 05-19-2019 10:22 AM

خطبتى الجمعة من المسجد النبوى الشريف بعنوان :شَرَف السجود لله عز وجل
 
خُطَبّ الحرمين الشريفين
خطبتى الجمعة من المسجد النبوى الشريف
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين


http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9642


ألقى فضيلة الشيخ/ عبد البارئ بن عوض الثبيتي حفظه الله خطبة الجمعة بعنوان:
شرف السجود لله عز وجل

والَّتِي تحدث فيها عن فضل السجود لله عز وجل وثمراته في الدنيا
قبل الآخر.

الخطبة الأولى
الحمد لله الَّذِي وفقنا للصيام والصلاة والسجود أحمده سبحانه وأشكره
في القيام والقعود، وأشهد ألا إله إِلَّا الله وحده لا شريك له القائل:
{ إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود }
[العاديات/6].
وأشهد ألا إله إِلَّا الله وحده لا شريك له، بين الشرائع وحد الحدود،
صلى الله عليه وعَلَى آله وصحبه إِلَى اليوم الموعود في آخر كلمتين
من أول سورة نزلت في الْقُرْآن، يقول تعالى:
{ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب }
[العلق/19].

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ )
أخرجه مسلم .

السجود أشرف حالات العبد فيه متعة الخضوع للعزيز الكريم وجمال
الإذعان للرحمن الرحيم، وهي لحظات كرب وبركة لا حدود لها،
في السجود لذة لا توصف وانشراح لا يحيط به قلم، ينقل المسلم
من قطعة ضيقة عَلَى الأرض إِلَى ارتفاع في فساحة السَّمَاء، ولذلك
وصفت عائشة رضي الله عنها في الصحيح قيام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقالت:
( فَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ)
أخرجه البخاري .

السجود يطفي عَلَى وجه صاحبه نور الإيمان وعَلَى قلبه تباشير الاطمئنان،
ويسكب فيه سكينة ويكسوه جلال الوقار، قال تعالى:
{ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ }
[الفتح/29].

في السجود يكون الإله سبحانه وتعالى قريبًا ممن دعاء مجيبًا لمن ناجاه
سميعًا لمن ارتجاه، ومن كان بقرب الله فإنه ينال عند ربه
أجزل العطاء وأرفع المقامات، قال الله تعالى:
{ فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِين (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيم }
[الواقعة/88-89].

{ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب }
فلك في كل سجدة رفعة درجة ودنو منزلة وقرب مكانة، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:
( مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً ، إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً ،
وَمَحَا عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً ، وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً ، فَاسْتَكْثِرُوا مِنْ السُّجُودِ )
أخرجه ابن ماجة .

{ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب }
فعطاء الله لا ينفذ ومن تقرب إليه أنزله بفضله مراتب النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين.

{ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب }
ففي السجود تتجلى علامات التصديق والإيمان وتبرز أمارات اليقين والتسليم.

{ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب }
فإن السجود هي العبادة الَّتِي اجتمعت عليها كل الكائنات، واسجد سائلاً
ربك داعيًا خالقك، متضرعًا إِلَى مولاك، فأنت في جنة من جنان الدنيا،
اسجد سجود الخاشعين إذا تشنفت أذناك بآيات الْقُرْآن
وملكت بيناته شغاف قلبك، قال تعالى:
{ وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا (106)
قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى
عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا }
[الإسراء/106-107].

{ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب }
كلما تذكر تراخي عملك وتوجعت من ذنبك وغفلتك وطفقت تطرق
باب التوبة والاستغفار، قال تعالى واصفًا نبيه داود عليه الصلاة والسلام:
{ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَاب (24) فَغَفَرْنَا
لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآب }
[ص/24-25].

{ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب }
إذا اشتدت عليك القربات وحاصرتك الصعوبات وواجهتك الملمات
فإن السجود فرج كل هم، السجود يطفئ غضبان الرحمن ويوجب
منه الرضا سبحانه، ففي الصحيح عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
أَنَّهُ إذا وقف النَّاس في عرصات يوم القيامة وانطلقوا للشفاعة فسألوا
الأنبياء وانتهوا إِلَى رسول الله، وقالوا: يا محمد أَمَّا ترى ما نحن فيه،
أَمَّا ترى ما أصابنا، فيقول: أنا لها، فينطلق صلوات الله وسلامه
عليه فيسجد تحت العرش، قال صلى الله عليه وسلم:
( فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي، فَإِذَا أَنَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي
مَا شَاءَ اللهُ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، قُلْ تُسْمَعْ، سَلْ تُعْطَهْ،
اشْفَعْ تُشَفَّعْ )
متفقٌ عليه .

كلما هبت عليك نسائم الخيرات وفيوض عطاء الرحمن فاسجد لله شكرًا.

سجد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأطال السجود ثُمَّ رفع رأسه وقال:
( إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَتَانِي فَبَشَّرَنِي، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ:
مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ شُكْرًا )
أخرجه أحمد والألباني .

بارك الله لي ولكم في الْقُرْآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات
والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله فاستغفروه إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا لا حد لمنتاه وأشهد ألا إله إِلَّا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن سيدنا ونَبِيّنا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعَلَى آله وصحبه.

ما أجمل أن يتقلب المسلم في ليالي رمضان لينهل من
عبق لذة السجود وفضائله، قال الله تعالى:
{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً }
[الإنسان/26].

أَيُّهَا المسابق إِلَى الخيرات في رمض
ان سارع في خطاك إِلَى ربك سجودًا وقنوتًا، فالحرمان كل الحرمان
أن يحرم عبدٌ نعمة السجود بين يدي الله، ومن تكبر عن السجود لله
في الدنيا فلن يستطيع السجود في الآخرة إذا دعي إِلَى ذلك،
قال صلى الله عليه وسلم:
( فَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلَّهِ
رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ كَيْمَا يَسْجُدَ، فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا )
أخرجه البخاري .

ألا وصلوا عباد الله عَلَى رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال:
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
[الأحزاب/56].

اللَّهُمَّ صل عَلَى محمد وعَلَى آل محمد كما صليت عَلَى إبراهيم
وعَلَى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك عَلَى محمد وعَلَى آل محمد

كما باركت عَلَى إبراهيم وعَلَى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

وارض الله عن الخلفاء الأربعة الراشدين أبي بكر وعثمان وعلي
وعن الآل والصحاب الكرام وعنا معهم بعفوك يا أرحم الرحمين،
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين،
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين ودمر أعداء الدين،
واجعل اللَّهُمَّ هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.

اللَّهُمَّ اغفر ذنوبنا ويسر أمورنا وفرج همونًا، اللَّهُمَّ إنا نسألك
رضوانك والْجَنَّة، ونعوذ بك من سخطك ومن النَّار، اللَّهُمَّ إنا نسألك
من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم،
ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم.

اللَّهُمَّ إنا نسألك الْجَنَّة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك
من النَّار وما قرب إليها من قول وعمل، اللَّهُمَّ تقبل صيامنا وقيامنا
وركوعنا وسجودنا، اللَّهُمَّ تقبل صيامنا وقيامنا وركوعنا وسجودنا.

اللَّهُمَّ ارحم موتانا واشف مرضانا وتولى أمرنا وفرج همومنا
يا أرحم الراحمين، اللَّهُمَّ وفق إمامنا لما تحب ترضى وخذ
بناصيته للبر والتقوى، اللَّهُمَّ وفقه وولي عهده لكل خير يا رب العالمين،
وانفع بهم الإسلام والمسلمين، اللَّهُمَّ وفق جميع ولاة
أمور المسلمين إِلَى العمل بكاتبك
وتحكيم شرعك يا أرحم الراحمين.

{ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين }
[الأعراف/23].

{ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا
غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم }
[الحشر/10].

{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار }
[البقرة/201].

{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون }
[النحل/90].

فاذكروا الله يذكركم واشكروه عَلَى نعمه يزدكم
ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

[/COLOR]


All times are GMT +3. The time now is 02:03 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.