![]() |
درس اليوم 26.07.1434
أخيكم / عدنان الياس ( AdaneeNooO ) درس اليوم مع الشكر للأخ / عثمان أحمد . [ المُتَشَبِّع بِمَا لَمْ يُعْطَ ] عن أسماء بنت أبي بكر رضى الله تعالى عنها و عن أبيها قالت : [ جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه و سلم ، فقالت : يا رسول الله ! إن لي ضرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( المُتَشَبِّع بِمَا لَمْ يُعْطَ كلابِسِ ثَوْبَي زُورٍ ) ] متفق عليه . غريب الحديث المتشبّع : المتزيّن بما ليس عنده ، يتكثّر بذلك و يتزيّن بالباطل . قصة الحديث تروي أسماء بنت أبي بكر رضى الله تعالى عنها و عن أبيها موقفًا حدث أمامها ، و هو أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه و سلم تترخص منه في كذبها على ضرتها أو جارتها - كما في بعض الروايات الأخرى - ، لتظهر أن زوجها يحبها أكثر ، أو أنه يسعد في ليلتها أكثر من الأخرى ، أو تتظاهر بالغنى أمام جارتها ، فلم يرخص لها في ذلك ، بل نهاها عنه ، و قال : المُتَشَبِّع بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَي زُورٍ شرح الحديث قال الإمام النووي يرحمه الله عند شرح هذا الحديث : " قال العلماء : معناه المتكثر بما ليس عنده ، بأن يظهر أن عنده ما ليس عنده ، يتكثر بذلك عند الناس ، و يتزين بالباطل ، فهو مذموم كما يذم من لبس ثوبي زور " قال أبو عبيد و آخرون : " هو الذي يلبس ثياب أهل الزهد و العبادة و الورع ، و مقصوده أن يُظهر للناس أنه متصف بتلك الصفة ، و يُظهر من التخشع و الزهد أكثر مما في قلبه ، فهذه ثياب زور و رياء ، و قيل : هو كمن لبس ثوبين لغيره و أوهم أنهما له ، و قيل هو من يلبس قميصاً واحداً و يصل بكميه كمين آخرين ، فيظهر أن عليه قميصين " . و حكى الخطابي قولاً آخر : أن المراد هنا بالثوب : " الحالة و المذهب ، و العرب تكني بالثوب عن حال لابسه ، و معناه أنه كالكاذب القائل ما لم يكن " . و قول آخر : " أن المراد الرجل الذي تطلب منه شهادة زور ، فيلبس ثوبين يتجمل بهما ، فلا ترد شهادته لحسن هيئته ، و الله أعلم " . و بوَّب الإمام البخاري يرحمه الله على هذا الحديث بقوله : " المتشبِّع بما لم ينل ، و ما يُنهى من افتخار الضَّرَّة " . و قال الإمام ابن حجر في " الفتح " : " قوله المتشبع : أي المتزين بما ليس عنده ، يتكثر بذلك و يتزين بالباطل ، كالمرأة تكون عند الرجل و لها ضرة ، فتدعى من الحظوة عند زوجها أكثر مما عنده ، تريد بذلك غيظ ضرتها ، و كذلك هذا في الرجال ، و أما قوله : كلابس ثوبي زور ، فإنه الرجل يلبس الثياب المشبهة لثياب الزهاد ، يوهم أنه منهم ، و يُظهر من التخشع و التقشف أكثر مما في قلبه منه .. " . وقفات مع المثل " يحذرنا النبي صلى الله عليه و سلم بهذا المثل من داء خطير يصيب بعض الناس ، ألا و هو داء التعالم و التعاظم و الادعاء بما ليس في الإنسان ، و بما لا يملكه ؛ من ادعاء العلم و هو ليس بعالم ، و ادعاء الغنى و هو ليس بغني ، و ادعاء الجاه و الوجاهة و هو ليس من أصحابها ، و ادعاء الإمارة و هو ليس من أهلها ، و ادعاء الصلاح و هو ليس من أهله . و التثنية في قوله " ثَوْبَي زُورٍ" للإشارة إلى أن كذب المتحلِّي مثنَّى ؛ لأنه كذب على نفسه بما لم يأخذ ، و على غيره بما لم يُعطَ ، و كذلك شاهد الزور ، يظلم نفسه ، و يظلم المشهود عليه . وقد أراد النبي صلى الله عليه و سلم بذلك تنفير المرأة عمَّا ذكرت ؛ خوفاً من الإفساد بين زوجها و ضرتها ، و إيقاع البغضاء بينهما ، فيصير كالسحر الذي يفرِّق بين المرء و زوجه . |
التعالم و ضرره هذا الحديث ينطبق على ظاهرة متنامية في زماننا هذا ، ألا و هي : اقتحام عدد من الناس المجالات الشرعية بالفتيا و التنظير ، و بالاعتراض على الأحكام الشرعية ، مع عدم اتصاف أولئك بالعلم الذي يؤهلهم - و لو بقدر أدنى - للخوض في هذه المسائل ، و ليس في ذلك تحجير على الناس في دينهم ، أو سير وفق المصطلح الخاطئ الذي يصف البعض بأنهم ( رجال الدين ) !! و لكنه الاحتياط للدين أن يهتك حماه من ليس أهلاً للتوقيع عن رب العالمين . و لقد حذرنا الله تعالى من ذلك في كتابه الكريم فقال : { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } الأعراف : 33 قال ابن الجوزي : " و هذه الآية في تحريم القول في الدين إلا عن بينة و يقين " . قال الإمام الشعبي : " إن أحدكم ليُفتي في المسألة ، و لو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لجمع لها أهل بدر " و قال الإمام مالك : " من أجاب في مسألة ، فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة و النار ، و كيف خلاصُه ، ثم يجيب " . و لقد كان فقهاء الإسلام الأجلاء يحذرون من التعالم و التجرؤ على الفتيا و على القول على الله بغير علم ، فقد جاء عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه أنه سُئل ثمانية و أربعين سؤالاً ، فأجاب عن ستة ، و قال عن البقية : لا أدري . و هؤلاء المتعالمون و المتشبعون بما لم يعطوا لهم صفات منها : 1 - زهدهم في الجلوس إلى من هو دونهم ، أو في مرتبتهم في العلم ، لئلا يُنسبوا للجهل و قلة العلم . 2 - جرأتهم على الفتيا ، و هجومهم عليها دون ورع أو تقوى ، فقلما يقول أحدهم : لا أدري ، حينما يُسأل لئلا ينسب للجهل ، فيفضّ عنه العامة . 3 - تعلقهم بالدنيا و أهلها ، و طلب المنزلة عندهم ، و ربما قدَّموهم على إخوانهم من المؤمنين ، لينالوا عندهم عرضاً من الدنيا الفانية . فالحذر الحذر من التشبع بما لم تعط ، حتى لا تكون ممن يلبس ثوبي الزور ، فيبيع آخرته بدنياه ، فيخسرهما جميعاً ، نسأل الله جل و علا أن يجنبنا الزلل في القول و العمل . و بالله التوفيق . و الله أعلى و أعلم و أجَلَّ . أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك على سيدنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين --- --- --- --- --- --- المصدر : موقع " الشيبة " الصديق . و الله سبحانه و تعالى أعلى و أعلم و أجَلّ صدق الله العلى العظيم و صدق رسوله الكريم و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم ( نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقاً و يقينا لاشكّ فيه ) ( اللهم لا تجعلنا ممن تقوم الساعة عليهم و ألطف بنا يا الله ) ( و الله الموفق ) ======================= و نسأل الله لنا و لكم التوفيق و شاكرين لكم حُسْن متابعتكم و إلى اللقاء في الحديث القادم و أنتم بكل الخير و العافية " إن شـاء الله " |
All times are GMT +3. The time now is 11:47 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.