![]() |
الأربعون النــووية ( 22 - 40 )
الأخت / الملكة نور الأربعين النووية ( الحديث الثاني و العشرون : طَريقُ الجَنَّةِ ) مفردات الحديث المعنى العام : 1- التزام الفرائض و ترك المحرمات أساس النجاة 2- صدق المسلم وصراحته 3 - الزكاة و الحج فريضتان محكمتان 4 - أهمية الصلاة والصيام 5 - فعل الواجب و ترك المحرم وقاية من النار 6 - الإتيان بالنوافل زيادة قرب من الله تعالى 7 - التحليل والتحريم تشريعٌ لا يكون إلا لله تعالى 8 - الحِنث باليمين و البِرّ به ما يستفاد من الحديث عَنْ أبي عَبْدِ اللهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضي اللهُ عَنْهُما : أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقال : ( أَرَأَيْتَ إذَا صَلَّيْتُ الصَّلَواِت الْمكْتُوباتِ ، وَ صُمْتُ رَمَضانَ ، وَ أَحْلَلْتُ الْحَلاَلَ ، وَ حَرَّمْتُ الْحَرَامَ ، وَلَمْ أَزِدْ على ذِلكَ شَيْئاً ، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ ؟ قال : نَعَمْ ) رواه مسلم وَمَعْنى حَرَّمْتُ الْحَرَامَ : اجْتَنَبْتُهُ . وَمَعْنى أَحْلَلْتُ الْحَلاَلَ :فَعَلْتُهُ مُعْتَقِداً حِلَّهُ . مفردات الحديث : رجلاً هو النعمان بن قوقل الخزاعي . أرأيت الهمزة للاستفهام ، ورأى مأخوذة من الرأي ، والمراد : أخبرني و أفتني . المكتوبات المفروضات ، وهي الصلوات الخمس . الحلال هو المأذون في فعله شرعاً . الحرام كل ما منع الشرع من فعله على سبيل الحتم . أأدخل الجنة مع السابقين ، من غير سبق عذاب . المعنى العام : يحدثنا جابر رضي الله عنه عن ذلك المؤمن المتلهف إلى جنة عرضها السماوات والأرض أُعِدَّت للمتقين ، إذ جاء يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريقها ، ويستفتيه عن عمل يدخله فسيح رحابها ، فيدله رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغيته ، وتتحقق لها أمنيته . التزام الفرائض وترك المحرمات أساس النجاة : لقد سأل النعمان رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم : هل إذا استمر في أداء الصلاة المفروضة عليه بقوله تعالى : { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } [ النساء : 103] أي فرضاً محدداً بوقت ؟ ثم إذا أدرك شهر رمضان المفروض عليه صيامه بقوله تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَ بَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } [البقرة: 185] قام بصيامه ، ملتزماً لآدابه ومراعياً لحرمته ؟ ثم وقف عند حدود الله تعالى فيما أحل أو حرم ، فلم يحل حراماً ولم يحرم حلالاً ، بل اعتقد حل ما أحله الله وحرمة ما حرمه ، فاجتنب الحرام مطلقاً ، وفعل من الحلال الواجب منه . سأل : هل إذا فعل ذلك كله ، ولم يستزد من الفضائل المستحبة والمرغوب فيها . - كفعل النوافل و ترك المكروهات ، و التورع عن بعض المباحات أحياناً - هل يكفيه ذلك للنجاة عند الله تعالى و يدخله الجنة ، التي هي منتهى أمله و مبتغاه ، مع المقربين الأخيار والسابقين الأبرار، دون أن يمسه عذاب أو يناله عقاب ؟ . و يجيبه رسول الله صلى الله عليه و سلم بما يطمئن نفسه ، و يشرح صدره ، و يفرح قلبه ، ويشبع رغبته ، و يحقق لهفته ، ويرد عليه بالإيجاب . أخرج النسائي و ابن حبان و الحاكم : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( ما من عبد يُصلِّي الصلواتِ الخمس ، و يصومُ رمضان ، و يُخرجُ الزكاة ، و يجتنبُ الكبائرَ السبع ، إلا فُتحت له أبوابُ الجنة يدخل من أيها شاء " . ثم تلا : { إن تجتنبوا كبائرَ ما تُنهون عنه نُكَفِّرْ عنكم سيئاتكم ونُدْخِلْكُم مُدْخلاً كريماً } ) و الكبائر السبع ، هي : الزنا ، و شرب الخمر ، و السحر ، والاتهام بالزنا لمن عُرِف بالعفة و القتل العمد بغير ذنب ، والتعامل بالربا ، و الفرار من وجه أعداء الإسلام في ميادين القتال . و موقف رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا يدل على يسر الإسلام ، و أن الله تعالى لم يكلف أحداً من خلقه ما فيه كلفة و مشقة ، و هو سبحانه القائل : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} [ البقرة : 185 ] فالتكاليف في الشريعة الإسلامية كلها متصفة باليسر ، و ضمن حدود الطاقة البشرية . صدق المسلم و صراحته : إن النعمان رضي الله عنه كان مثال المؤمن الصريح بقلبه و قالبه ، فهو لا يريد أن يتظاهر بالتقوى و الصلاح مما ليس في نفسه أن يفعله ، أو لا يقوم به فعلاً ، بل هو إنسان يريد النجاة و الفلاح ، و هو على استعداد أن يلتزم كل ما من شأنه أن يوصله إلى ذلك . |
الزكاة و الحج فريضتان محكمتان : النار و دخوله الجنة دون عذاب . و لم يذكرهما النعمان رضي الله عنه بخصوصهما - كما ذكر الصلاة والصوم - إما لأنهما لم يفرضا بعد ، وإما لكونه غير مكلف بهما لفقره وعدم استطاعته، أو لأنهما يدخلان في تعميمه بعدُ بقوله : وأحللت الحلال و حرمت الحرام ، فإنه يستلزم فعل الفرائض كلها ، لأنها من الحلال الواجب ، و تركها من الحرام الممنوع . أهمية الصلاة و الصيام : إن تصدير هذا السائل سؤاله بأداء الصلوات المفروضة ، يدل دلالة واضحة على ما استقر في نفوس الصحابة رضي الله عنهم من تعظيم أمرها و الاهتمام بها ، و كيف لا ؟ و هي عماد الدين ، و عنوان المسلم يؤديها في اليوم و الليلة خمس مرات ، محافظاً على أركانها و واجباتها ، و سننها و آدابها . و أما الصوم : فهو في المرتبة الثانية بعد الصلاة ، و إن كان لا يقل عنها في الفرضية ، فقد أجمعت الأمة على أنه أحد أركان الإسلام التي عُلمت من الدين بالضرورة . فعل الواجب و ترك المحرم وقاية من النار : الأصل في عبادة الله عز و جل المحافظة على الفرائض مع ترك المحرمات ، فمن فعل ذلك فاز أيما فوز و أفلح أيما فلاح ، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ( يا رسول الله ، شهدتُ أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله ، وصلَّيت الخمس ، و أديت زكاة مالي ، و صمت شهر رمضان ؟ . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من ماتَ على هذا كان مع النبيين و الصديقين و الشهداء يوم القيامة هكذا - ونصبَ أُصبعيه - ما لم يعقَّ والديه ) يعق من العقوق ، وهو عدم الإحسان إلى الوالدين كما أمر الله عز و جل و رسوله صلى الله عليه و سلم . الإتيان بالنوافل زيادة قرب من الله تعالى و كمال : و المسلم الذي يرجو النجاة ، و تطمح نفسه إلى رفيع الدرجات عند الله عز و جل ، لا يترك نافلة ولا يقرب مكروهاً ، و لا يفرق فيما يطلب منه بين واجب أو مفروض أو مندوب ، كما لا يفرق فيما نهي عنه بين محرم أو مكروه . و هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم عامة يفعلون ، لا يفرقون فيما أُمِروا به أو نُهُوا عنه ، بل يلتزمون قول الله عز و جل : { وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } [ الحشر : 7 ] رغبة في الثواب ، و طمعاً في الرحمة و الرضوان ، و إشفاقاً من المعصية و الحرمان . و نحن إذ نرى رسول الله صلى الله عليه و سلم يقر ذلك الصحابي على إعلانه : " و الله لا أزيد على ذلك شيئاً " ، و لا ينبهه إلى فضل الزيادة و التطوع ، نعلم أنه صلى الله عليه و سلم فعل ذلك تيسيراً عليه و تسهيلاً ، و تعليماً للقادة و الهداة إلى الله عز و جل : أن يبثُّوا روح الأمل في النفوس ، و أن يتخلقوا بالسماحة و الرفق ، و تقريراً لما جاء به الإسلام من التيسير و رفع الحرج . على أنه صلى الله عليه وسلم يعلم أن هذا المؤمن التقي حين يعبد الله عز وجل بما افترض عليه ، و يصل به قلبه ، ينشرح صدره ، و يشعر باطمئنان نفسي ومتعة روحية ، فيحمله كل ذلك على الشغف بالعبادة ، و الرغبة في الزيادة من مرضاة الله عز و جل ، بأداء النوافل وترك المكروه . التحليل و التحريم تشريع، لا يكون إلا لله تعالى : إن أصل الإيمان : أن يعتقد المسلم حِلَّ ما أحلَّه الله عز و جل وحرمة ما حرمه ، سواء فعل المحرم أم ترك الحلال ، فإن زعم إنسان لنفسه أنه يستطيع أن يحرم ما ثبت حله في شرع الله عز و جل ، أو يحلل ما ثبتت حرمته ، فإنه بذلك يتطاول على حق الله عز وجل ، الذي له وحده سلطة التشريع ، و التحليل و التحريم ، فمن اعتقد أن له أن يشرع خلاف ما شرعه الله عز و جل ، و بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو يشرع بهواه دون التزام قواعد التشريع الإسلامي ، فقد خرج عن الإسلام ، و برئ منه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [ المائدة : 87 ] و قد ثبت أنها نزلت في بعض الصحابة الذين أرادوا أن يحرموا على أنفسهم بعض الطيبات تقشفاً وزهداً ، فقال لهم صلى الله عليه و سلم : ( لكني أُصلِّي و أنام ، و أصومُ وأُفطر، و أتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) رواه البخاري و مسلم الحِنْث باليمين والبِرُّ به : من حلف أن يفعل خيراً وما فيه طاعة فالأفضل له البر بيمينه، أي أن يفعل ما حلف على فعله لقوله تعالى : { وَ احْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ } [ المائدة : 89 ] أي احفظوها عن أن تحنثوا فيها . و من حلف على ترك واجب أو فعل معصية وجب عليه الحنث بيمينه ، أي أن يخالف يمينه و لا يفعل ما أقسم على فعله . ما يستفاد من الحديث : أن على المسلم أن يسأل أهل العلم عن شرائع الإسلام ، و ما يجب عليه و ما يحلُّ له و ما يحرم ، إن كان يجهل ذلك ، ليسيرَ على هدى في حياته , و تطمئنَ نفسُه لسلامة عمله . كما أفاد : أن على المعلم أن يتوسع بالمتعلم : و يبشره بالخير، و يأخذه باليسر و الترغيب . و من حلف على ترك خيرٍ غير واجب عليه ، فالأفضل في حقه أن يحنث ، لأنه خير له ، روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( من حلف على يمينٍ و رأى غيرها خيراً منها ، فليأتِ الذي هو خير وليُكَفِّر عن يمينه ) |
All times are GMT +3. The time now is 06:07 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.