بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=20)
-   -   تنبيه على عبارة : " لا تقل : يا رب عندي هَمّ كبير " (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=1186)

هيفولا 07-11-2010 07:43 PM

تنبيه على عبارة : " لا تقل : يا رب عندي هَمّ كبير "
 
تنبيه على عبارة :
"لا تقل:يارب عندي هَمّ كبير"

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و صلى الله و سلم و بارك على رسول الله و بعد :

عبارة قرأتها كثيرا في أكثر من منتدى ،
وفي أكثر من توقيع ،
ومرّت بي العِبَارة كثيرا !
إلاّ أنها استوقفتني مَرّة مِن الْمَرّات
،
فوقفتُ مُتأمِّلاً في قولهم
:
لا تَقُل
: يا رب عندي هَـمّ كبير ،
ولكن قُل
: يا هـمّ عندي ربّ كبير !

فتذّكَرتُ شَكوى نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام
، حينما بَثّ حُزنه وشكواه إلى الله ،
فقال
:(إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ).



قال ابن كثير في تفسير الآية
:(إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي)
أي
: هَمِّي وما أنا فيه (إِلَى اللَّهِ) وَحْدَه . اهـ .


وقال ابن عادل الحنبلي
: والبَثُّ : أشَدُّ الحزن ، كأنَّه لِقُوّته لا يُطاق حَمْله . اهـ .


وقال القاسمي
:
أي
: لا أشكو إلى أحدٍ منكم ومِن غيركم ،
إنما أشكو إلى ربي داعيًا له ، وملتجئا إليه ،
فَخَلّوني وشِكايتي
.
(وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ) أي : لمن شكا إليه من إزالة الشكوى ،
ومَزِيد الرحمة :(مَا لاَ تَعْلَمُونَ)
ما يُوجب حُسن الظن به
، وهو مع ظنّ عَبْدِه بِه . اهـ .


ووقفتُ مع شكوى الْمُجادِلَة
..(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ)،
وفي بعض الآثار :
" قالت
:أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي
ووحشتي وفِراق زوجي
" .



فالْهَمّ العظيم لا يُشكَى إلاّ إلى الله ؛
لأنه لا يَكشفه إلاّ الله
.



فَشَكوى الْهَـمّ إلى الله مشروعة
،
بل هي مطلوبة شرعا
..


واشتُهِر عن عليّ رضي الله عنه قوله
:أشكو إلى الله عُجَري وبُجَري.


قال الأصمعي
: يعني همومي وأحزاني .


قال أبو إسحاق الشيرازي
:



لبِستُ ثوب الرَّجا والناس قد رقدوا
*** وَقمِتُّ أشكوا إلى مولاي ما أجـدُ
وقُلتُ يا أمَلـي فـي كـلِّ نائبـة
*** ومَن عليه لكشف الضُّـرِّ أعتمد
أشكو إليك أمـوراً أنـت تعلمهـا
*** ما لي على حملها صبرٌ ولا جلـدُ
وقد مدَدْتُ يدِي بالـذُّلِّ مبتهـلاً
*** أليك يا خير من مُـدَّتْ أليـه يـدُ
فـلا ترُدَّنهـا يـا ربِّ خائـبـةً
*** فبَحْرُ جودِكَ يروي كل مـنْ يَـرِد



ولا يعني هذا أن لا يُشكَى إلى غير الله ؛
لأن في الشكوى تخفيفا وتسلية
..



" وهذا ما لم يكن الـتَّشَكِّي على سَبيل الـتَّسَخُّط
،
والصبر والتجلّد في النوائب أحسن
،
والتعفف عن المسألة أفضل
،
وأحسن الكلام في الشكوى
سؤال المولى زوال البلوى "
كما قال القرطبي
.


وربما شَكَا الصحابة الكرام رضي الله عنهم
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعض ما يَجِدون
..


قَال خَبَّاب بْن الأرَتّ رضي الله عنه
: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ
..
رواه البخاري .


وقال رضي الله عنه
:
شَكونا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
الصلاة في الرمضاء فَلَم يُشْكِنا

.
رواه مسلم .


وفي المسْنَد
:
قال الزبير بن عدي
:
شَكونا إلى أنس بن مالك ما نلقى من الحجاج !
فقال
: اصبروا فإنه لا يأتي عليكم عام - أو يوم -
إلاّ الذي بعده شرّ منه
، حتى تلقوا ربكم عز وجل .
سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم .


قال أبو طلحة رضي الله عنه
:
شَكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع
.. رواه الترمذي .


وقال الحارث بن يزيد البكري
:
خرجتُ أشكو العلاء بن الحضرمي
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

..
رواه الإمام أحمد .


وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه
قال
: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم
يشكو جارَه
... رواه أبو داود .


وعند البخاري
من حديث عَدِيّ بْن حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قال
: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلانِ ؛ أَحَدُهُمَا يَشْكُو الْعَيْلَة
، وَالآخَرُ يَشْكُو قَطْعَ السَّبِيلِ ...


والعَيْلة
: هي الفَقْر .


قال القرطبي في تفسيره
:
فأما الشكوى على غير مُشْكٍ فهو السَّفَه ، إ
لاَّ أن يكون على وَجه البثّ والـتَّسَلِّي
. اهـ .




وعلى كُلّ فإن قولهم
: " لا تَقُل : يا رب عندي هَـمّ كبير ، ولكن قُل : يا هـمّ عندي ربّ كبير " ،
وإن كان ما قَصَدُوه وَاضِحًا
، إلاّ أنّ قولهم :
" لا تَقُل
: يا رب عندي هَـمّ كبير "
، مُتضمّن لِعدم شكوى الْهَمّ إلى الله
..
وهذا خِلاف المشروع
من شكوى الْهَمّ إلى الله الذي بِيدِه مفاتيح الفَرَج
..


وأنشد بعضهم
:


إذا الحادثات بَلَغْنَ الْمَدَى *** وكادت تَذوب لَهُنّ الْمَهْج
وحَلّ البلاء وقَلّ العَزاء *** فعند التناهي يكون الفَرَج


و صلى الله على نبينا محمد
و الحمد لله رب العالمين


اختكم /هيفولا





All times are GMT +3. The time now is 03:41 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.