بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=20)
-   -   لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=1235)

vip_vip 07-15-2010 02:05 PM

لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا
 
السؤال : أريد شرح الحديث : (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم
قليلا ، ولبكيتم كثيرا)

الجواب :
الحمد لله
هذا الحديث من الأحاديث العظيمة الجليلة التي تكسو القلوب
انكسارا بين يدي الله ، واعترافا بالفقر إليه ، ورجاء رحمته
وعفوه وإحسانه ، فالأمر خطير جد خطير ، والله سبحانه وتعالى
يقول : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ
. يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ
حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ
شَدِيدٌ) الحج/1-2 .
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة وأبي
هريرة وأنس بن مالك رضي الله عنهم ، وكذا رواه الإمام مسلم
وغيره ، وذلك في أحاديث عدة ، ترد بمناسبات مختلفة،
وسياقات متعددة ، كلها تتضمن هذه الجملة العظيمة :
(لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"والمراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله ، وانتقامه ممَّن يعصيه
، والأهوال التي تقع عند النزع ، والموت ، وفي القبر ، ويوم
القيامة ، ومناسبة كثرة البكاء وقلة الضحك في هذا المقام
واضحة ، والمراد به التخويف" انتهى .
"فتح الباري" (11/319) .
وقال النووي رحمه الله :
"لو رأيتم ما رأيتُ ، وعلمتم ما علمت مما رأيته اليوم وقبل
اليوم لأشفقتم إشفاقا بليغا ، ولقلَّ ضحككم وكثر بكاؤكم" انتهى
.
"شرح مسلم" (15/112) .
وقال القرطبي رحمه الله :
"وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم
قليلا ولبكيتم كثيرا ) : يعني ما يعلم هو من أمور الآخرة وشدة
أهوالها ، ومما أعد في النار من عذابها وأنكالها ، ومما أعد في
الجنة من نعيمها وثوابها ، فإنه صلى الله عليه وسلم قد كان رأى
كل ذلك مشاهدة وتحقيقا ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم
متواصل الأحزان ، قليل الضحك ، جُلُّه التبسم" انتهى .
"المفهم" (2/557) .
وقال المناوي رحمه الله :
"(لو تعلمون ما أعلم) أي : من عظم انتقام الله من أهل الجرائم
وأهوال القيامة وأحوالها ما علمته لما ضحكتم أصلا ، المعبر
عنه بقوله (لضحكتم قليلا) إذ القليل بمعنى العديم على ما
يقتضيه السياق ، لأن (لو) حرف امتناع لامتناع" انتهى .

"فيض القدير" (5/402) .
ومن أعظم سياقات هذا الحديث ما رواه الترمذي (2312) عن أبي
ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إِنِّي
أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ ، أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا
أَنْ تَئِطَّ ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ
سَاجِدًا لِلَّهِ ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ، وَلَبَكَيْتُمْ
كَثِيرًا ، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ
تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة"
(1722) .
قال المباركفوري رحمه الله :
"قوله : (إني أرى ما لا ترون) أي : أبصر ما لا تبصرون .

(أطَّت السماء) : أي : صوَّتت ، أي : أصدرت صوتاً .
وأطيط الإبل : أصواتها وحنينها .
(وحُقَّ) أي : ويستحق وينبغي (لها أن تئط) أي : تصوت .
(ما فيها موضع أربع أصابع إلا ومَلَك) أي : فيه مَلَك .
(واضع جبهته لله ساجداً) قال القاري : أي منقاداً ، ليشمل ما قيل
إن بعضهم قيام ، وبعضهم ركوع ، وبعضهم سجود ، كما قال
تعالى حكاية عنهم : (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ) أو خص
السجود باعتبار الغالب منهم ، أو هذا مختص بإحدى السماوات .

(إلى الصُّعُدات) أي : الطرق . وقيل : المراد بالصعدات هنا
البراري والصحاري .
(تجأرون إلى الله) أي : تتضرعون إليه بالدعاء ليدفع عنكم
البلاء" انتهى باختصار .
"تحفة الأحوذي" (6/601-602) .

والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب


All times are GMT +3. The time now is 09:01 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.