بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=20)
-   -   شرح حديث حذيفة في الفتن (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=14903)

adnan 10-18-2013 11:24 PM

شرح حديث حذيفة في الفتن
 
الأخت / المـلكــة نــور


شرح حديث حذيفة في الفتن



بداية نحن في فتن عظيمة فتن بها الكبير والصغير والعالم والمتعلم ,

وقد بدأت تطل علينا وان كانت من قبل ,

ولكنها ظهرت الآن ظهورا فاضحا مع تداعي الأمم ,

وأصبحنا فريقين دعاة على أبواب الجنة الثمانية ,

فطوبي لمن جعله الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر ,

ودعاة على أبواب النار السبعة , لكل باب منهم جزء مقسوم ,

وويل لمن جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير , وكل فتنة لها أسباب ,

ومن أعظم أسبابها : أعراض الناس عن الدين .

لقد ابتلينا بالفقر والجوع والخوف , وثبت كثير من الناس على دينهم ,

ولم يتنازلوا عنه ولا عن أعراضهم , ثم ابتلوا بفتنة السراء ,

وفتحت عليهم الدنيا التي خشيها رسول الله .


فقال :


( الفقر تخافون ؟

والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا ،

حتى لا يزيغ قلب أحدكم إن أزاغه إلا هي )


لقد كفرت النعم على جميع المستويات إلا من رحم ربك .

ومن تأمل أحوال المسلمين وجدهم ,

إذا فتحت عليهم الدنيا فرطوا في أمر الله وتنكبوا الجادة ,

وإننا إذا رجعنا إلى ديننا صارت الفتن خير في حقنا ,

فمن قاومها , فقد اهتدى وتغلب على نفسه , وشياطين الإنس والجن ,

ومن لم يقاوم , واستسلم ضل وفتن .


وقد يتساءل متسائل فيقول : فلماذا بلينا بالفتن ؟

والجواب : كله بسبب امتحان الله لنا ,

لينظر مدى امتثال المكلف ومدى تعلقه بربه وارتباطه .


هل يؤثر الحياة الدنيا أم يؤثر الدار الآخرة ؟

وينظر مدى تمسك الأمة بدينها .

والعلاج : أن يحرص كل واحد فينا على صلاح نفسه , والبعد عن الفتن ,

من سمع بالدجال فلينأ عنه , فان الرجل يأتيه وهو يظن ألا يفتن فيفتن ,

مما معه من الفتن مع على صلاح من تحت يده في بيت أو مسجد أو عمل

أو مدرسة بحسب قدرته حتى تنجوا الأمة ,

اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا , وان نفتن في ديننا ,

ونعوذ بك أن نكتسب خطيئة محبطة أو ذنبا لا تغفره .


وإذا عرف هذا فتعالوا لنسمع حديث الرجل المتخصص في هذا الباب

من أصحاب نبينا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه :


( أخبَرني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ

بما هو كائنٌ إلى أن تقومَ الساعةُ . فما منه شيءٌ إلا قد سألتُه .

إلا أني لم أسألْه : ما يُخرِجُ أهلَ المدينةِ من المدينةِ ؟ )


وقد أجاب عليه أبو هريرة ,

وأعظم حديث ينبغي الوقوف هذا حديث الذي سيأتي ,

وقد جمع الألباني زوائد حديث حذيفة في السلسلة في المجلد السادس ,

وشرحت هذا الحديث ضمن شرحي للأربعين النووية وسميته القلائد الحسان


شرح حديث حذيفة بن اليمان


وقد اخترت رواية الإمام البخاري عن حذيفة

أ نه سمع حذيفة بن اليمان يقول :


( كان الناسُ يَسأَلونَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ الخيرِ ،

وكنتُ أسأَلُه عنِ الشرِّ ، مَخافَةَ أن يُدرِكَني ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ،

إنا كنا في جاهليةٍ وشرٍّ ، فجاءنا اللهُ بهذا الخيرِ ،

فهل بعدَ هذا الخيرِ من شرٍّ ؟ قال : ( نعمْ ) .

قلتُ : وهل بعدَ ذلك الشرِّ من خيرٍ ؟ قال : ( نعمْ ، وفيه دَخَنٌ ) .

قلتُ : وما دَخَنُه ؟ قال : ( قومٌ يَهْدُونَ بغيرِ هَديِي ،

تَعرِفُ منهم وتُنكِرُ ) . قلتُ : فهل بعدَ ذلك الخيرِ من شرٍّ ؟

قال : ( نعمْ ، دُعاةٌ على أبوابِ جَهَنَّمَ ، مَن أجابهم إليها قَذَفوه فيها ) .

قلتُ : يا رسولَ اللهِ صِفْهم لنا ،

قال : ( هم من جِلدَتِنا ، ويتكَلَّمونَ بألسِنَتِنا ) .

قلتُ : فما تأمُرُني إن أدرَكني ذلك ؟

قال : ( تَلزَمُ جماعةَ المسلمينَ وإمامَهم ) .

قلتُ : فإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ ؟

قال : ( فاعتَزِلْ تلك الفِرَقَ كلَّها ، ولو أن تَعَضَّ بأصلِ شجرةٍ ،

حتى يُدرِكَك الموتُ وأنت على ذلك )


شرح الحديث :

هذا الحديث علم من أعلام النبوة بين فيه رسول الله حال الأمة

هذه الأمة وتعاقب الخير والشر عليها .

أما قوله : كان الناس يسالون رسول الله عن الخير ليعملوا به

وكنت اسأله عن الشر لأتقيه ,

لان الإنسان بين أمرين خيرا يعمله أو شرا يتقيه


وعلل ذلك بقولة :


( مخافة أن يدركني )


والأمر الثاني : سألته عن الشر كي ما اعرفه فاتقيه .


قوله :


( إنا كنا في جاهلية وشر )


كان الناس في جاهليه جهلاء وعماية عمياء

في عقائدهم ومعاملاتهم وعباداتهم.

كانوا يعبدون الأشجار والأحجار والأصنام وكان السلب والنهب والقتل

وكانت الحروب والغزو والزنا والربا وشرب الخمور.

فعم الفساد على وجه الأرض فنظر الله إلى أهل الأرض عربهم وعجمهم

فمقتهم إلا بقايا من أهل الكتاب فرحمهم الله ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم


{ وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ }

[ الأنبياء : 107 ]


ليخرجهم من ظلمات الجاهلية والجهل إلى نور الإسلام والإيمان

فعبد الله وحده, فتحول الخوف إلى امن ,

وتحولت العداوة والبغضاء إلى محبة,

وتحولت الفرقة والاختلاف إلى وحدة واجتماع ,

وصلحت الأرض بالتوحيد والطاعة .




adnan 10-18-2013 11:24 PM

يقول الله :


{ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا }

[الأعراف : 56 ]


فالأرض تصلح بالطاعة وتفسد بالمعاصي ,

فالإسلام خير والجاهلية شر


قال عمر :

( تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعف الجاهلية )


فإذا عمرت الأرض بالطاعة حصلت الألفة والاجتماع


{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا }

[ مريم : 96 ]


وإذا عمرت الأرض بالمعاصي حصلت الفرقة والعداوة


{ فَنَسُواْ حَظّاً مّمّا ذُكِرُواْ بِهِ

فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ }

[ المائدة : 14 ]


قولة : فجاء الله بهذا الخير على يديك

معناه : جاء الله بهذا الدين الذي اجتمع فيه خيري الدنيا والآخرة.


قولة :


( فهل بعد هذا الخير من شر ؟ فقال : نعم )


وفي رواية :


( فتنة واختلاف )


وفي رواية السيف :


( يعني : القتال .

قلت : فما العصمة منه , فقال : السيف )


كما في قوله :


{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ }

[ الحجرات : 9 ]


وقد كان عمر يحول بين الخير الأول والشر الثاني

لان عمر رضي الله عنه حينما سال حذيفة أن يحدثهم عن الفتنة .


فقال :


( فتنةُ الرجلِ في أهلهِ ومالهِ وولدهِ وجارهِ ،

تكفِّرُها الصلاةُ والصومُ والصدقةُ والأمرُ والنهيُ ،

قال : ليس هذا أريد ، ولكنِ الفتنةُ التي تموجُ كما يموجُ البحرُ،

قال : ليس عليك منها بأسٌ يا أميرَ المؤمنين ،

إنَّ بينك وبينها بابًا مغلقًا ، قال : أيُكسرُ أم يُفتحُ ؟ قال : يُكسر ،

قال : إذًا لا يُغلق أبدًا ، قلنا : أكان عمرُ يعلم البابَ ؟ قال : نعم ،

كما أن دون الغدِ الليلةَ، إني حدثتُه بحديثٍ ليس بالأغاليطِ .

فهبْنا أن نسأل حذيفةَ، فأمرنا مسروقًا فسأله، فقال : البابُ عمرُ )


وهذا يدل على عدم خروج الفتن في زمان عمر

والشر في الحديث : هو قتل عمر

ثم تلاه قتل عثمان وحصل ما حصل بعده من الفتن العظيمة .


قوله :


( قلتُ : وما دَخَنُه ؟ قال : يكونُ بعدي أئمةٌ يستنُّونَ بغيرِ سُنَّتِي ،

ويَهدُون بغيرِ هديِي ، تعرفُ منهم وتُنكرُ )


وفي رواية :


( قلتُ : وما دَخَنُه ؟ قال :

وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشياطينِ في جُثمانِ إنسٍ )


وفي رواية


( قال : هُدنةٌ على دخَنٍ ، وجماعةٍ على أقذاءٍ ، فيها – أو فيهم –

قلتُ : يا رسولَ اللهِ الهُدنةُ على الدَّخَنِ ما هي ؟

قال : لا ترجِعُ قلوبُ أقوامٍ على الَّذي كانت عليه )


معناه : أن الخير الثاني فيه دخن لأنه خير جاء بعد شر فلا يكون صافي

بل يبقى للشر فيه اثر فترى الشخص ليس على حالة واحدة

فترى عنده طاعات ومعاصي .


قال القاضي عياض :

الشر الأول الفتن التي وقعت في عهد عثمان والخير الذي بعده وفيه دخن

هو ما حصل بخلافة عمر بن عبد العزيز .

أما دخنه : فهو الأئمة الذين جاؤوا بعده فيهم المتمسك بالسنة والعدل

وفيهم من يدعوا إلى البدعة وعمل بالجور .


وقال الخضير : خير وفيه دخن قوم يستنون بغير سنتي

قال : سبب ذلك أما حرصهم الزائد على الخير وأما بسبب غفلتهم

فدخل عليه الدخن فخلطوا المشروع بغير المشروع أو بما ادخلوا من البدع .

خلاصة الكلام : الدخن فسر بالحقد وفساد القلوب


كما في قوله :


( لا ترجع قلوب أقوام على ما كانت )


والأمر الثاني : خلط الخير بالشر

ونتيجة الكدر تفسد القلوب ويدب إليها داء الأمم .


All times are GMT +3. The time now is 10:49 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.