بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=20)
-   -   هل الإنسان مخير أم مسير (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=16719)

adnan 01-07-2014 12:50 AM

هل الإنسان مخير أم مسير
 
الأخت / بنت الحرمين الشريفين
هل الإنسان مخير أم مسير
https://mail.google.com/mail/u/0/?ui...=emb&zw&atsh=1
بيان أن الإنسان مسير ومخير جميعا
س: مستمع يسأل ، ويقول : أرجو أن تتفضلوا بإجابتي
عن السؤال التالي : هل الإنسان في هذه الحياة مسير أو مخير ؟
مع اصطحاب جميع الأدلة ؟ وجزاكم الله خيرا
ج_الإنسان مسير ومخير جميعا ،
له الوصفان فهو مخير ؛ لأن الله أعطاه عقلا وأعطاه مشيئة ، وأعطاه
إرادة يتصرف بها ، فيختار النافع ويدعو الله ، يختار الخير ويدع الشر ،
يختار ما ينفعه ، ويدع ما يضره ،
كما قال تعالى :
{ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
وقال عز وجل :
{ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ }
فالناس لهم إرادة ولهم مشيئة ، ولهم أعمال ،
قال تعالى :
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }
فلهم أعمال ولهم إرادات ، ولهم مشيئة هم مخيرون فإذا فعلوا الخير
استحقوا الجزاء من الله فضلا منه سبحانه وتعالى ، وإذا فعلوا الشر
استحقوا العقاب ، فهم إذا فعلوا الطاعات فعلوها باختيارهم ، ولهم أجر
عليها وإذا فعلوا المعاصي ، فعلوها باختيارهم وعليهم وزرها وإثمها
والقدر ماض فيهم ، هم أيضا مسيرون بقدر سابق ،
قال جل وعلا :
{ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ }
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( كل شيء بقدر حتى العجز والكيس )
وقال سبحانه :
{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا }
وقال جل وعلا :
{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ }
ولما سأل جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال :
( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وتؤمن
بالقدر خيره وشره )
وقال عليه الصلاة والسلام :
( إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض
بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء )
فالله قدر الأشياء سابقا ، وعلم أهل الجنة وأهل النار ، وقدر الخير والشر
والطاعات ، والمعاصي كل إنسان يسير فيما قدر الله له ، وكل مسير
لما خلق له ،
جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال لأصحابه ذات يوم :
( ما منكم من أحد إلا ويرى مقعده من الجنة ومقعده من النار
قالوا : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ يعني ما دامت مقاعدنا معروفة
من الجنة والنار ، ففيم العمل ، قال عليه الصلاة والسلام : اعملوا
فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل السعادة فييسروا لعمل السعادة ،
وأما أهل الشقاوة فييسروا لعمل الشقاوة )
ثم تلا قوله سبحانه :
{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى }
فأنت يا عبد الله عليك أن تعمل ، ولن تخرج عن قدر الله سبحانه وتعالى ،
عليك أن تعمل وتجتهد بطاعة الله ، وتسأل ربك التوفيق ، وعليك أن تحذر
ما يضرك ، وأسأل ربك الإعانة على ذلك ، وأنت ميسر لما خلقت له ،
كل ميسر لما خلق له ، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق .
س: يسأل السائل ويقول : حدث نقاش بيني وبين صديق لي حول مسألة ،
هل الإنسان مخير أو مسير ؟ أفيدونا عن هذا القول ، جزاكم الله خيرا .
ج_الإنسان مخير ؛ لأن الله أعطاه مشيئة ، وأعطاه إرادة فهو يعلم ويعمل
، وله اختيار ، وله مشيئة ، وله إرادة يأتي الخير عن بصيرة وعن علم
وعن إرادة ، وهكذا الشر ،
كما قال تعالى :
{ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
قال سبحانه :
{ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ }
فجعل لهم إرادة ، جعل لهم مشيئة ،
قال سبحانه :
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }
{ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ }
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
فجعل لهم عملا ، وجعل لهم صنعا ، وجعل لهم فعلا ، هم يفعلون الشر
والخير ، ولهم اختيار ، يختار المعصية ويفعلها ويختار الطاعة فيفعلها
له إرادة ، وله اختيار ، كذلك يختار هذا الطعام ليأكل منه ، وهذا الطعام
لا يريده يريد هذه السلعة أن يشتريها والأخرى لا يريدها ، يستأجر هذه
الدار ، والأخرى لا يستأجرها ، ولا يريدها يزور فلانا والآخر لا يزوره ، بمشيئته
واختياره ، ولكن هذه المشيئة وهذا الاختيار وهذه الإرادة وهذه الأعمال
كلها بقدر ، فمسير من هذه الحيثية ، وأنه بمشيئته واختياره ، وأعماله
لا يخرج عن قدر الله ، بل هو تحت قدر الله كل شيء بقدر حتى العجز
والكيس ، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ،
ويقول الله عز وجل :
{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }
فالإنسان في تصرفاته مخير له مشيئة وله اختيار وله إرادة ، ولهذا
يستحق العقاب على المعصية ، ويستحق الثواب على الطاعة ؛ لأنه فعل
ذلك عن مشيئة وعن إرادة وعن قدرة ، ويستحق الثناء على الطاعة
والعقاب على المعصية ، ولكنه بهذا لا يخرج عن قدر الله ، هو ميسر
من هذه الحيثية ،
كما قال تعالى :
{ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ }
وقال جل وعلا :
{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا }
وقال سبحانه :
{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }
وقال سبحانه :
{ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }

adnan 01-07-2014 12:51 AM

فكل شيء لا يقع من العبد إلا بقدر الله . الماضي الذي سبق به علمه ،
وثبت في الصحيح عن عبد الله بن عمر
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض
بخمسين ألف سنة ، وعرشه على الماء )
وقال صلى الله عليه وسلم :
( كل شيء بقدر حتى العجز والكيس )
رواه مسلم في الصحيح
كله بقدر ، فأنت مخير ومسير جميعا ، مخير لأنه لك إرادة ومشيئة
وعمل باختيارك ، تفعل هذا وهذا ، تفعل الطاعة باختيار ، تصلي باختيار
وتصوم باختيار ، تقع المعصية منك باختيار من الغيبة ، أو النميمة ،
أو الزنى ، أو شرب المسكر ، كله باختيار منك وفعل وإرادة ، تبر والديك
باختيار ، وتعقهما كذلك ، فأنت مأجور على البر ومستحق للعقاب على
العقوق ، وهكذا تثاب على الطاعات ، وتستحق العقاب على المعاصي ،
وهكذا تأكل وتشرب ، وتذهب وتجيء ، وتسافر وتقيم ، كله باختيار ،
فهذا معنى كونك مخيرا ، ومسير يعني : أنك لا تخرج عن قدر الله ،
هو الذي يسيرك سبحانه وتعالى له الحكمة البالغة فكل شيء
لا يخرج عن قدر الله ، والله ولي التوفيق .
س: لا أدري هل يجوز أن أسأل مثل هذا السؤال أم لا ؟
هل الإنسان مخير أو مسير في هذه الحياة ؟ وجزاكم الله خيرا .
ج_الإنسان مخير ومسير جميعا ؛ مخير له الأعمال وله عقل وتصرف وله
سمع وبصر يختار الخير ويبتعد عن الشر يأكل ويشرب باختياره ، يجتنب
ما يضره باختياره يأتي ما ينفعه باختياره ، وإنه مسير بأنه لا يتعدى قدر
الله يقول سبحانه :
{ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ }
قال تعالى :
{ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ }
{ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ }
فله مشيئة وله اختياره :
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
{ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ }
له فعل وله اختيار ، وله إرادة ،
يقول سبحانه :
{ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ }
ويقول جل وعلا :
{ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
فمشيئة الله نافذة وقدره نافذ ، فهو من هذه الحيثية مسير لا يخرج
عن قدر الله ، وهو مع ذلك مخير له فعل وله مشيئة وله إرادة ، يأتي
الخير بإرادته ويدع الشر بإرادته ، يأكل بإرادته ، ويمسك بإرادته ،
يسافر بإرادته ، ويقيم بإرادته ، يخرج إلى السيارة وغيرها بإرادته ،
يجلس بإرادته ، ولهذا يستحق العقاب على المعاصي ، ويستحق الثواب
على الطاعات ، له اختيار وله فعل مثاب على صلاته وعلى صومه
وصدقاته وطاعاته لله وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ومثاب على
هذا إذا فعله لله يستحق العقاب على معاصيه ؛ من الزنى ، من التهاون
بالصلاة ، ومن أكل الربا والغيبة والنميمة إلى غير هذا ، وله فعل وله
اختيار ، ولكن بفعله واختياره لا يسبق مشيئة الله ولا يخرج عن قدر الله .
س: هل الإنسان مسير أم مخير ؟
ج_هو مخير ومسير ، هو مخير
كما قال الله تعالى :
{ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
، وقال تعالى :
{ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ }
فهو مسير من جهة أن قدر الله نافذ فيه ، وأن الله قد سبق فيه علمه ،
كل ما يفعله العباد قد قدر الأمور وقضاها وكتبها عنده ، ولكن أعطى العبد
عقلا وسمعا وبصرا واختيارا وفعلا ، فهو يعمل ويكدح بمشيئته وإرادته
، ولكنه بذلك لا يخرج عن مشيئة الله ، ولا عن قدر الله السابق
، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم الاختيار واستدل
بقوله تعالى :
{ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
، واستدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول : بأنه يكتب
على كل إنسان وهو في بطن أمه عمله شقي أم سعيد
س_وقرأت في بعض الكتب بأن الإنسان مخير في أعماله بدليل
قول الله تعالى : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فأنا الآن في حيرة
فما هو القول الصحيح ؟
ج: أهل السنة والجماعة على أن العبد مخير ومسير ، لا يخرج عن قدر
الله ، والله أعطاه سبحانه العقل يتصرف يأكل ويشرب ، ويعمل ويأمر
وينهى ، يسافر ويقيم له أعمال ،
كما قال تعالى :
{ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
فجعل لهم مشيئة ، فقال :
{ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ }
وقال :
{ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }
فالعباد لهم أفعال ، يأمرون وينهون ، ويسافرون ويقيمون ، ويصلون
وينامون ، ويعادون ويحبون ، لهم أعمال لكنهم لا يخرجون عن قدر الله ،
الله قدر الأشياء في سابق علمه سبحانه وتعالى ، لا يخرجون عن قدر الله
، لكن ليسوا مجبورين ، بل هم مختارون ، لهم اختيار ولهم عمل ،
لهذا خاطبهم الله وأمرهم ونهاهم ، وأخبر عن أعمالهم :

adnan 01-07-2014 12:54 AM

{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
{ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }
اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ، لأهل بدر إلى غير ذلك .فالواجب على
المؤمن أن يعرف هذا ، فأهل السنة والجماعة يقولون : العبد مختار ،
له فعل وله اختيار ، وله إرادة وله عمل ، لكنه لا يخرج عن قدر الله ،
ثبت في الحديث الصحيح ،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( إن الله قدر مقادير الخلائق ، قبل أن يخلق السماوات والأرض
بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء )
وكذا قدر أعمال العبد في بطن أمه بعد مضي الشهر الرابع ، يكتب رزقه
وأجله وعمله ، وشقي أو سعيد ، ما يخرج عن قدر الله ، لكن له أعمال
وله تصرفات ، لا يخرج بها عن قدر الله ، فهو يسافر ، يصلي ، يصوم ،
يزني ، يسرق ، يعق ، يقطع الرحم ، يطيع ، يسافر ، يصل فلانا ، يقطع
فلانا ، يرحم فلانا ويؤذي فلانا ، يحسن إلى فلان ويسيء إلى فلان ،
له أعمال طيبة وخبيثة فهو مأجور على الطيبة ، ومأزور على الخبيثة ،
والله يجازيه على أعماله الطيبة والخبيثة ، على الطبية بالجزاء الحسن ،
وعلى أعماله الرديئة ، بما يستحق وقد يعفو إذا كان موحدا ،
فهو سبحانهالعفو العظيم جل وعلا ،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )
فالعبد مسير بقدر الله ، لكن له اختيار وله مشيئة ، وله عمل ، يجازى
على عمله الطيب ، ويستحق العقاب على عمله الرديء ، إلا أن يعفو الله
كما أخبر سبحانه بقوله تعالى :
{ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }
قد يغفر عن بعض المعاصي لمن يشاء سبحانه وتعالى ، إذا مات على
التوحيد ، وهكذا في الدنيا قد يعفو ويصفح عن بعض عباده فضلا منه
وإحسانا سبحانه وتعالى ، وقد يعاقب على السيئات في الدنيا قبل الآخرة .
س: هل الإنسان مسير أم مخير ، في أعماله الصالحة
وغير الصالحة ، وجهونا في ضوء هذا السؤال ؟
: الإنسان مسير ومخير ، مسير لا يخرج عن قدر الله ، مهما فعل فهو
تحت قدر الله ، ومخير لأن له عقلا وفعلا واختيارا ، أعطاه الله عقلا
وأعطاه الله فعلا واختيارا ، فهو يفعل باختياره ويدع باختياره ، ولهذا
تعلقت به التكاليف ، واستحق الجزاء على أعماله الطيبة بالجزاء الحسن
والرديء بالجزاء السوء :
{ هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ }
{ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا }
{ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا
وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى }
ويقول جل وعلا :
{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى }
ويقول جل وعلا :
{ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ }
والنبي سئل لما قال لصحابته :
( ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة ، ومقعده من النار
وفي اللفظ الآخر : قد كتب مقعده من الجنة ، ومقعده من النار )
قالوا : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ ما دامت مقاعدنا معلومة ،
ما دمنا مكتوبين ففيم العمل ؟ قال :
( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل السعادة ، فييسرون لعمل
السعادة ، وأما أهل الشقاوة ، فييسرون لعمل أهل الشقاوة )
ثم قرأ قوله سبحانه :
{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى }
وقال تعالى :
{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ }
وقال تعالى :
{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا }
، وقال تعالى :
{ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا }
، فدل على أن الأسباب يترتب عليها مسبباتها ، فمن يتقي الله يسر الله
أموره ، ويفرج كرباته ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن عصى الله
وخالف أوامره ، فقد تعرض لغضب الله وسخطه ، وتعسير أموره ،
نسأل الله العافية .
س: هناك قسم من الناس ، يقولون : إن كل الأعمال التي يعملها الإنسان
، هي من إرادة الله ، رجاء أن توضحوا هذه المسألة ،
هل الإنسان مخير أو مسير ؟
هذه المسألة قد يلتبس أمرها على بعض الناس ، والإنسان مخير ومسير
مخير لأن الله أعطاه إرادة اختيارية ، وأعطاه مشيئة يتصرف بها
في أمور دينه ودنياه ، فليس مجبرا ومقهورا ، فله اختيار وله مشيئة
، وله إرادة
كما قال عز وجل :
{ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
وقال سبحانه :
{ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ }
وقال سبحانه :
{ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
وقال تعالى :
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ }
فالعبد له اختيار ، وله إرادة وله مشيئة لكن هذه الإرادة وهذه المشيئة
لا تقع إلا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى ، فهو جل وعلا المصرف لعباده
والمدبر لشئونهم ، فلا يستطيعون أن يشاءوا شيئا ، أو يريدوا شيئا
إلا بعد مشيئة الله لهم وإرادته الكونية القدرية سبحانه وتعالى ،
فما يقع في العباد وما يقع منهم ، كله بمشيئة من الله سابقة وقدر سابق
فالأعمال والأرزاق والآجال والحروب ، وانتزاع الملك وقيام الملك ،
وسقوط دولة وقيام دولة ، كله بمشيئة الله سبحانه وتعالى
كما قال عز وجل :
{ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْـزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ
وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
فالمقصود أنه جل وعلا له إرادة في عباده ، وله مشيئة لا يتخطاها العباد
، ويقال لها الإرادة الكونية ، والمشيئة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ،
ومن هذا قوله سبحانه :
{ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ
وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ }
وقال تعالى :
{ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }
فالعبد له اختيار ، وله إرادة ولكن اختياره وإرادته تابعتان لمشيئة الله
وإرادته سبحانه وتعالى ، فالطاعات بقدر الله ، والعبد مشكور عليها
مأجور ، والمعاصي بقدر الله والعبد ملوم عليها ، ومأزور والحجة قائمة ،
والحجة لله وحده سبحانه وتعالى :
{ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ }
سبحانه وتعالى :
{ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ }
فهو سبحانه لو شاء لهداهم جميعا ، ولكن له الحكمة البالغة حيث جعلهم
قسمين : كافرا ومسلما ، وكل شيء بإرادته سبحانه وتعالى ومشيئته
فينبغي للمؤمن أن يعلم هذا جيدا ، وأن يكون على بينة في دينه ، فهو
مختار له إرادة وله مشيئة يستطيع أن يأكل ويشرب ، ويضارب ويتكلم
ويطيع ويعصي ويسافر ويقيم ويعطي فلانا ويحرم فلانا إلى غير هذا
هو له مشيئة في هذا ، وله قدرة وليس مقهورا ولا ممنوعا ، ولكن
هذه الأشياء التي تقع منه لا تقع إلا بعد سبقها من الله بعد أن تسبق
إرادة الله ومشيئته لهذا العمل :
{ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
وهو سبحانه المسير لعباده
كما قال عز وجل :
{ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ }
هو المسير لعباده وبيده نجاتهم وسعادتهم ، وضلالهم وهلاكهم ،
هو المصرف لعباده ، يهدي من يشاء ويضل من يشاء سبحانه وتعالى
يعطي من يشاء ، ويحرم من يشاء ، ويسعد من يشاء ، ويشقي من يشاء
، لا أحد يعترض عليه سبحانه وتعالى ، فينبغي لك يا عبد الله أن تكون
على بصيرة في هذا الأمر ، وأن تتدبر كتاب ربك وسنة نبيك عليه الصلاة
والسلام ، حتى تعلم هذا واضحا في الآيات والأحاديث ، فالعبد مختار وله
مشيئة ، وله إرادة ، وفي نفس الأمر ليس له شيء من نفسه ، بل هو
مملوك لله عز وجل ، مقدور لله سبحانه وتعالى ، يدبره كيف يشاء
سبحانه وتعالى ، مشيئة الله نافذة ، وقدره السابق ماض فيه ولا حجة
له في القدر السابق ، فالله يعلم أحوالهم ، ولا تخفى عليه خافية
سبحانه وتعالى ، وهو المدبر لعباده والمصرف لشؤونهم جل وعلا ،
وقد أعطاهم مشيئة وإرادة واختيارا يتصرفون بذلك


All times are GMT +3. The time now is 06:07 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.