![]() |
هل الإنسان مخير أم مسير
الأخت / بنت الحرمين الشريفين هل الإنسان مخير أم مسير بيان أن الإنسان مسير ومخير جميعا س: مستمع يسأل ، ويقول : أرجو أن تتفضلوا بإجابتي عن السؤال التالي : هل الإنسان في هذه الحياة مسير أو مخير ؟ مع اصطحاب جميع الأدلة ؟ وجزاكم الله خيرا ج_الإنسان مسير ومخير جميعا ، له الوصفان فهو مخير ؛ لأن الله أعطاه عقلا وأعطاه مشيئة ، وأعطاه إرادة يتصرف بها ، فيختار النافع ويدعو الله ، يختار الخير ويدع الشر ، يختار ما ينفعه ، ويدع ما يضره ، كما قال تعالى : { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } وقال عز وجل : { تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ } فالناس لهم إرادة ولهم مشيئة ، ولهم أعمال ، قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } فلهم أعمال ولهم إرادات ، ولهم مشيئة هم مخيرون فإذا فعلوا الخير استحقوا الجزاء من الله فضلا منه سبحانه وتعالى ، وإذا فعلوا الشر استحقوا العقاب ، فهم إذا فعلوا الطاعات فعلوها باختيارهم ، ولهم أجر عليها وإذا فعلوا المعاصي ، فعلوها باختيارهم وعليهم وزرها وإثمها والقدر ماض فيهم ، هم أيضا مسيرون بقدر سابق ، قال جل وعلا : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ) وقال سبحانه : { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا } وقال جل وعلا : { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ } ولما سأل جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال : ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء ) فالله قدر الأشياء سابقا ، وعلم أهل الجنة وأهل النار ، وقدر الخير والشر والطاعات ، والمعاصي كل إنسان يسير فيما قدر الله له ، وكل مسير لما خلق له ، جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه ذات يوم : ( ما منكم من أحد إلا ويرى مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ يعني ما دامت مقاعدنا معروفة من الجنة والنار ، ففيم العمل ، قال عليه الصلاة والسلام : اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل السعادة فييسروا لعمل السعادة ، وأما أهل الشقاوة فييسروا لعمل الشقاوة ) ثم تلا قوله سبحانه : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } فأنت يا عبد الله عليك أن تعمل ، ولن تخرج عن قدر الله سبحانه وتعالى ، عليك أن تعمل وتجتهد بطاعة الله ، وتسأل ربك التوفيق ، وعليك أن تحذر ما يضرك ، وأسأل ربك الإعانة على ذلك ، وأنت ميسر لما خلقت له ، كل ميسر لما خلق له ، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق . س: يسأل السائل ويقول : حدث نقاش بيني وبين صديق لي حول مسألة ، هل الإنسان مخير أو مسير ؟ أفيدونا عن هذا القول ، جزاكم الله خيرا . ج_الإنسان مخير ؛ لأن الله أعطاه مشيئة ، وأعطاه إرادة فهو يعلم ويعمل ، وله اختيار ، وله مشيئة ، وله إرادة يأتي الخير عن بصيرة وعن علم وعن إرادة ، وهكذا الشر ، كما قال تعالى : { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } قال سبحانه : { تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ } فجعل لهم إرادة ، جعل لهم مشيئة ، قال سبحانه : { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } { إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } فجعل لهم عملا ، وجعل لهم صنعا ، وجعل لهم فعلا ، هم يفعلون الشر والخير ، ولهم اختيار ، يختار المعصية ويفعلها ويختار الطاعة فيفعلها له إرادة ، وله اختيار ، كذلك يختار هذا الطعام ليأكل منه ، وهذا الطعام لا يريده يريد هذه السلعة أن يشتريها والأخرى لا يريدها ، يستأجر هذه الدار ، والأخرى لا يستأجرها ، ولا يريدها يزور فلانا والآخر لا يزوره ، بمشيئته واختياره ، ولكن هذه المشيئة وهذا الاختيار وهذه الإرادة وهذه الأعمال كلها بقدر ، فمسير من هذه الحيثية ، وأنه بمشيئته واختياره ، وأعماله لا يخرج عن قدر الله ، بل هو تحت قدر الله كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقول الله عز وجل : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } فالإنسان في تصرفاته مخير له مشيئة وله اختيار وله إرادة ، ولهذا يستحق العقاب على المعصية ، ويستحق الثواب على الطاعة ؛ لأنه فعل ذلك عن مشيئة وعن إرادة وعن قدرة ، ويستحق الثناء على الطاعة والعقاب على المعصية ، ولكنه بهذا لا يخرج عن قدر الله ، هو ميسر من هذه الحيثية ، كما قال تعالى : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } وقال جل وعلا : { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا } وقال سبحانه : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } وقال سبحانه : { وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } |
فكل شيء لا يقع من العبد إلا بقدر الله . الماضي الذي سبق به علمه ، وثبت في الصحيح عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، وعرشه على الماء ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ) رواه مسلم في الصحيح كله بقدر ، فأنت مخير ومسير جميعا ، مخير لأنه لك إرادة ومشيئة وعمل باختيارك ، تفعل هذا وهذا ، تفعل الطاعة باختيار ، تصلي باختيار وتصوم باختيار ، تقع المعصية منك باختيار من الغيبة ، أو النميمة ، أو الزنى ، أو شرب المسكر ، كله باختيار منك وفعل وإرادة ، تبر والديك باختيار ، وتعقهما كذلك ، فأنت مأجور على البر ومستحق للعقاب على العقوق ، وهكذا تثاب على الطاعات ، وتستحق العقاب على المعاصي ، وهكذا تأكل وتشرب ، وتذهب وتجيء ، وتسافر وتقيم ، كله باختيار ، فهذا معنى كونك مخيرا ، ومسير يعني : أنك لا تخرج عن قدر الله ، هو الذي يسيرك سبحانه وتعالى له الحكمة البالغة فكل شيء لا يخرج عن قدر الله ، والله ولي التوفيق . س: لا أدري هل يجوز أن أسأل مثل هذا السؤال أم لا ؟ هل الإنسان مخير أو مسير في هذه الحياة ؟ وجزاكم الله خيرا . ج_الإنسان مخير ومسير جميعا ؛ مخير له الأعمال وله عقل وتصرف وله سمع وبصر يختار الخير ويبتعد عن الشر يأكل ويشرب باختياره ، يجتنب ما يضره باختياره يأتي ما ينفعه باختياره ، وإنه مسير بأنه لا يتعدى قدر الله يقول سبحانه : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } قال تعالى : { فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } { وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } فله مشيئة وله اختياره : { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } { كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ } له فعل وله اختيار ، وله إرادة ، يقول سبحانه : { تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ } ويقول جل وعلا : { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } فمشيئة الله نافذة وقدره نافذ ، فهو من هذه الحيثية مسير لا يخرج عن قدر الله ، وهو مع ذلك مخير له فعل وله مشيئة وله إرادة ، يأتي الخير بإرادته ويدع الشر بإرادته ، يأكل بإرادته ، ويمسك بإرادته ، يسافر بإرادته ، ويقيم بإرادته ، يخرج إلى السيارة وغيرها بإرادته ، يجلس بإرادته ، ولهذا يستحق العقاب على المعاصي ، ويستحق الثواب على الطاعات ، له اختيار وله فعل مثاب على صلاته وعلى صومه وصدقاته وطاعاته لله وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ومثاب على هذا إذا فعله لله يستحق العقاب على معاصيه ؛ من الزنى ، من التهاون بالصلاة ، ومن أكل الربا والغيبة والنميمة إلى غير هذا ، وله فعل وله اختيار ، ولكن بفعله واختياره لا يسبق مشيئة الله ولا يخرج عن قدر الله . س: هل الإنسان مسير أم مخير ؟ ج_هو مخير ومسير ، هو مخير كما قال الله تعالى : { وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } ، وقال تعالى : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } فهو مسير من جهة أن قدر الله نافذ فيه ، وأن الله قد سبق فيه علمه ، كل ما يفعله العباد قد قدر الأمور وقضاها وكتبها عنده ، ولكن أعطى العبد عقلا وسمعا وبصرا واختيارا وفعلا ، فهو يعمل ويكدح بمشيئته وإرادته ، ولكنه بذلك لا يخرج عن مشيئة الله ، ولا عن قدر الله السابق ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم الاختيار واستدل بقوله تعالى : { وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } ، واستدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول : بأنه يكتب على كل إنسان وهو في بطن أمه عمله شقي أم سعيد س_وقرأت في بعض الكتب بأن الإنسان مخير في أعماله بدليل قول الله تعالى : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فأنا الآن في حيرة فما هو القول الصحيح ؟ ج: أهل السنة والجماعة على أن العبد مخير ومسير ، لا يخرج عن قدر الله ، والله أعطاه سبحانه العقل يتصرف يأكل ويشرب ، ويعمل ويأمر وينهى ، يسافر ويقيم له أعمال ، كما قال تعالى : { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } فجعل لهم مشيئة ، فقال : { فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ } وقال : { إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } فالعباد لهم أفعال ، يأمرون وينهون ، ويسافرون ويقيمون ، ويصلون وينامون ، ويعادون ويحبون ، لهم أعمال لكنهم لا يخرجون عن قدر الله ، الله قدر الأشياء في سابق علمه سبحانه وتعالى ، لا يخرجون عن قدر الله ، لكن ليسوا مجبورين ، بل هم مختارون ، لهم اختيار ولهم عمل ، لهذا خاطبهم الله وأمرهم ونهاهم ، وأخبر عن أعمالهم : |
{ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } { إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ، لأهل بدر إلى غير ذلك .فالواجب على المؤمن أن يعرف هذا ، فأهل السنة والجماعة يقولون : العبد مختار ، له فعل وله اختيار ، وله إرادة وله عمل ، لكنه لا يخرج عن قدر الله ، ثبت في الحديث الصحيح ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله قدر مقادير الخلائق ، قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء ) وكذا قدر أعمال العبد في بطن أمه بعد مضي الشهر الرابع ، يكتب رزقه وأجله وعمله ، وشقي أو سعيد ، ما يخرج عن قدر الله ، لكن له أعمال وله تصرفات ، لا يخرج بها عن قدر الله ، فهو يسافر ، يصلي ، يصوم ، يزني ، يسرق ، يعق ، يقطع الرحم ، يطيع ، يسافر ، يصل فلانا ، يقطع فلانا ، يرحم فلانا ويؤذي فلانا ، يحسن إلى فلان ويسيء إلى فلان ، له أعمال طيبة وخبيثة فهو مأجور على الطيبة ، ومأزور على الخبيثة ، والله يجازيه على أعماله الطيبة والخبيثة ، على الطبية بالجزاء الحسن ، وعلى أعماله الرديئة ، بما يستحق وقد يعفو إذا كان موحدا ، فهو سبحانهالعفو العظيم جل وعلا ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) فالعبد مسير بقدر الله ، لكن له اختيار وله مشيئة ، وله عمل ، يجازى على عمله الطيب ، ويستحق العقاب على عمله الرديء ، إلا أن يعفو الله كما أخبر سبحانه بقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } قد يغفر عن بعض المعاصي لمن يشاء سبحانه وتعالى ، إذا مات على التوحيد ، وهكذا في الدنيا قد يعفو ويصفح عن بعض عباده فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى ، وقد يعاقب على السيئات في الدنيا قبل الآخرة . س: هل الإنسان مسير أم مخير ، في أعماله الصالحة وغير الصالحة ، وجهونا في ضوء هذا السؤال ؟ : الإنسان مسير ومخير ، مسير لا يخرج عن قدر الله ، مهما فعل فهو تحت قدر الله ، ومخير لأن له عقلا وفعلا واختيارا ، أعطاه الله عقلا وأعطاه الله فعلا واختيارا ، فهو يفعل باختياره ويدع باختياره ، ولهذا تعلقت به التكاليف ، واستحق الجزاء على أعماله الطيبة بالجزاء الحسن والرديء بالجزاء السوء : { هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ } { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا } { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى } ويقول جل وعلا : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } ويقول جل وعلا : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } والنبي سئل لما قال لصحابته : ( ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة ، ومقعده من النار وفي اللفظ الآخر : قد كتب مقعده من الجنة ، ومقعده من النار ) قالوا : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ ما دامت مقاعدنا معلومة ، ما دمنا مكتوبين ففيم العمل ؟ قال : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل السعادة ، فييسرون لعمل السعادة ، وأما أهل الشقاوة ، فييسرون لعمل أهل الشقاوة ) ثم قرأ قوله سبحانه : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } وقال تعالى : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } وقال تعالى : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } ، وقال تعالى : { إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } ، فدل على أن الأسباب يترتب عليها مسبباتها ، فمن يتقي الله يسر الله أموره ، ويفرج كرباته ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن عصى الله وخالف أوامره ، فقد تعرض لغضب الله وسخطه ، وتعسير أموره ، نسأل الله العافية . س: هناك قسم من الناس ، يقولون : إن كل الأعمال التي يعملها الإنسان ، هي من إرادة الله ، رجاء أن توضحوا هذه المسألة ، هل الإنسان مخير أو مسير ؟ هذه المسألة قد يلتبس أمرها على بعض الناس ، والإنسان مخير ومسير مخير لأن الله أعطاه إرادة اختيارية ، وأعطاه مشيئة يتصرف بها في أمور دينه ودنياه ، فليس مجبرا ومقهورا ، فله اختيار وله مشيئة ، وله إرادة كما قال عز وجل : { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } وقال سبحانه : { فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ } وقال سبحانه : { تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } وقال تعالى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ } فالعبد له اختيار ، وله إرادة وله مشيئة لكن هذه الإرادة وهذه المشيئة لا تقع إلا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى ، فهو جل وعلا المصرف لعباده والمدبر لشئونهم ، فلا يستطيعون أن يشاءوا شيئا ، أو يريدوا شيئا إلا بعد مشيئة الله لهم وإرادته الكونية القدرية سبحانه وتعالى ، فما يقع في العباد وما يقع منهم ، كله بمشيئة من الله سابقة وقدر سابق فالأعمال والأرزاق والآجال والحروب ، وانتزاع الملك وقيام الملك ، وسقوط دولة وقيام دولة ، كله بمشيئة الله سبحانه وتعالى كما قال عز وجل : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْـزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فالمقصود أنه جل وعلا له إرادة في عباده ، وله مشيئة لا يتخطاها العباد ، ويقال لها الإرادة الكونية ، والمشيئة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، ومن هذا قوله سبحانه : { فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } وقال تعالى : { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } فالعبد له اختيار ، وله إرادة ولكن اختياره وإرادته تابعتان لمشيئة الله وإرادته سبحانه وتعالى ، فالطاعات بقدر الله ، والعبد مشكور عليها مأجور ، والمعاصي بقدر الله والعبد ملوم عليها ، ومأزور والحجة قائمة ، والحجة لله وحده سبحانه وتعالى : { قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } سبحانه وتعالى : { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ } فهو سبحانه لو شاء لهداهم جميعا ، ولكن له الحكمة البالغة حيث جعلهم قسمين : كافرا ومسلما ، وكل شيء بإرادته سبحانه وتعالى ومشيئته فينبغي للمؤمن أن يعلم هذا جيدا ، وأن يكون على بينة في دينه ، فهو مختار له إرادة وله مشيئة يستطيع أن يأكل ويشرب ، ويضارب ويتكلم ويطيع ويعصي ويسافر ويقيم ويعطي فلانا ويحرم فلانا إلى غير هذا هو له مشيئة في هذا ، وله قدرة وليس مقهورا ولا ممنوعا ، ولكن هذه الأشياء التي تقع منه لا تقع إلا بعد سبقها من الله بعد أن تسبق إرادة الله ومشيئته لهذا العمل : { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } وهو سبحانه المسير لعباده كما قال عز وجل : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } هو المسير لعباده وبيده نجاتهم وسعادتهم ، وضلالهم وهلاكهم ، هو المصرف لعباده ، يهدي من يشاء ويضل من يشاء سبحانه وتعالى يعطي من يشاء ، ويحرم من يشاء ، ويسعد من يشاء ، ويشقي من يشاء ، لا أحد يعترض عليه سبحانه وتعالى ، فينبغي لك يا عبد الله أن تكون على بصيرة في هذا الأمر ، وأن تتدبر كتاب ربك وسنة نبيك عليه الصلاة والسلام ، حتى تعلم هذا واضحا في الآيات والأحاديث ، فالعبد مختار وله مشيئة ، وله إرادة ، وفي نفس الأمر ليس له شيء من نفسه ، بل هو مملوك لله عز وجل ، مقدور لله سبحانه وتعالى ، يدبره كيف يشاء سبحانه وتعالى ، مشيئة الله نافذة ، وقدره السابق ماض فيه ولا حجة له في القدر السابق ، فالله يعلم أحوالهم ، ولا تخفى عليه خافية سبحانه وتعالى ، وهو المدبر لعباده والمصرف لشؤونهم جل وعلا ، وقد أعطاهم مشيئة وإرادة واختيارا يتصرفون بذلك |
All times are GMT +3. The time now is 06:07 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.