بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   الرسائل اليومية لبيت عطاء الخير (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=20)
-   -   قصة أبى غياث المكي وزوجته لبابة (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=2359)

vip_vip 10-12-2010 01:21 AM

قصة أبى غياث المكي وزوجته لبابة
 

بسم الله الرحمن الرحيم







قصة أبى غياث المكي وزوجته لبابة
قا ل ابن جرير الطبرى : كنت في مكة في موسم الحج فرأيت رجلا من خرسان ينادي
ويقول : يا معشر الحجاج ، يا أهل مكة من الحاضر والبادي ،
فقدت كيسا فيه ألف دينار ، فمن رده إلى جزاه الله خيرا وأعتقه من النار ،
وله الأجر والثواب يوم الحساب .

فقام إليه شيخ كبير من أهل مكة فقال له : يا خرساني بلدنا حالتها شديدة ،

وأيام الحج معدودة ، ومواسمه محدودة ، وأبواب الكسب مسدودة ،
فلعل هذا المال يقع في يد مؤمن فقير وشيخ كبير ، يطمع في عهد عليك ،
لو رد المال إليك ، تمنحه شيئا شيئا يسيرا ، ومالا حلالا .





قال الخرساني : فما مقدار حلوانه ؟ كم يريد ؟


قال الشيخ الكبير : يريد العشر مائة دينار عشر الألف .


فلم يرض الخرسانى وقال : لا أفعل ولكنى أفوض أمره إلى الله ،

وأشكوه إليه يوم نلقاه ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .



قال ابن جرير الطبرى: فوقع في نفسي أن الشيخ الكبير رجل فقير ،
وقد وجد كيس الدنانير ويطمع في جزء يسير ، فتبعته حتى عاد إلى منزله ،

فكان كما ظننت ، سمعته ينادى على امرأته ويقول : يا لبابة .


فقالت له : لبيك أبا غياث .

قال : وجدت صاحب الدنانير ينادي عليه ، ولا يريد أن يجعل لواجده شيئا ،

فقلت له : أعطنا منه مائة دينار ، فأبى وفوض أمره إلى الله ، ماذا أفعل يا لبابة ؟

لا بد لى من رده ، إنى أخاف ربى ، أخاف أن يضاعف ذنبي .




فقالت له زوجته : يا رجل نحن نقاسي الفقر معك منذ خمسين سنة ،
ولك أربع بنات وأختان وأنا وأمي ، وأنت تاسعنا ، لا شاة لنا ولا مرعى ،

خذ المال كله ، أشبعنا منه فإننا جوعي , واكسنا به فأنت بحالنا أوعى ،

ولعل الله عز وجل يغنيك بعد ذلك ، فتعطيه المال بعد إطعامك لعيالك ،

أو يقضي الله دينك يوم يكون الملك للمالك .


فقال لها يا لبابة : أآكل حراما بعد ست وثمانين عاما بلغها عمري ،

وأحرق أحشائي بالنار بعد أن صبرت على فقرى ، وأستوجب غضب الجبار،

وأنا قريب من قبرى ، لا والله لا أفعل .



http://www.althooq.net/shop/product_...mages/asma.gif



قال ابن جرير الطبري : فانصرفت وأنا في عجب من أمره هو وزوجته ،

فلما أصبحنا في ساعة من ساعات من النهار، سمعت صاحب الدنانير ينادى ...


يقول : يا أهل مكة ، يا معاشر الحجاج ، يا وفد الله من الحاضر والبادي ،

من وجد كيسا فيه ألف دينار، فليرده إلى وله الأجر والثواب عند الله .






فقام إليه الشيخ الكبير ، وقال : يا خرساني قد قلت لك بالأمس ونصحتك ،

وبلدنا والله قليلة الزرع والضرع ، فجد على من وجد المال بشئ حتى لا يخالف الشرع ،

وقد قلت لك أن تدفع لمن وجده مائة دينار فأبيت ،

فإن وقع مالك في يد رجل يخاف الله عز وجل ، فهلا أعطيتهم عشرة دنانير فقط بدلا من مائة ،

يكون لهم فها ستر وصيانة ، وكفاف وأمانة .


فقال له الخرساني : لا أفعل ، وأحتسب مالي عند الله ، وأشكوه إليه يوم نلقاه ،

وهو حسبنا ونعم الوكيل .


قال ابن جرير الطبري : ثم افترق الناس وذهبوا ،

فلما أصبحنا في ساعة من ساعات من النهار ، سمعت صاحب الدنانير ينادي

ذلك النداء بعينه ويقول : يا معاشر الحجاج ، يا وفد الله من الحاضر والبادي ،

من وجد كيسا فيه ألف دينار فرده على له الأجر والثواب عند الله .

vip_vip 10-12-2010 01:22 AM


http://www.althooq.net/shop/product_...mages/asma.gif



فقام إليه الشيخ الكبير فقال له : يا خرساني ، قلت لك أول أمس امنح من وجده


مائة دينار فأبيت ، ثم عشرة فأبيت ، فهلا منحت من وجده دينارا واحدا ،

يشتري بنصفه إربة يطلبها ، وبالنصف الأخر شاة يحلبها ،

فيسقى الناس ويكتسب ، ويطعم أولاده ويحتسب .


قال الخرسانى : لا أفعل ولكن أحيله على الله وأشكوه لربه يوم نلقاه ،

وحسبنا الله ونعم الوكيل .


فجذبه الشيخ الكبير ، وقال له : تعال يا هذا وخذ دنانيرك ودعني أنام الليل ،

فلم يهنأ لي بال منذ أن وجدت هذا المال .


يقول ابن جرير : فذهب مع صاحب الدنانير ، وتبعتهما ، حتى دخل الشيخ منزله ،

فنبش الأرض وأخرج الدنانير

وقال : خذ مالك ، وأسأل الله أن يعفو عنى ، ويرزقني من فضله .

فأخذها الخرسانى وأراد الخروج ، فلما بلغ باب الدار ،

قال : يا شيخ مات أبي رحمه الله وترك لى ثلاثة آلاف دينار ،

وقال لي : أخرج ثلثها ففرقه على أحق الناس عندك ،

فربطتها في هذا الكيس حتى أنفقه على من يستحق ،

والله ما رأيت منذ خرجت من خرسان إلى ههنا رجلا أولى بها منك ،

فخذه بارك الله لك فيه ، وجزاك خيرا على أمانتك ،

وصبرك على فقرك ، ثم ذهب وترك المال .


فقام الشيخ الكبير يبكى ويدعو الله ويقول :

رحم الله صاحب المال في قبره ، وبارك الله في ولده .


قال ابن جرير : فوليت خلف الخراساني فلحقني أبو غياث وردني ،

فقال لي إجلس فقد رأيتك تتبعني في أول يوم وعرفت خبرنا بالأمس واليوم ،

سمعت أحمد بن يونس اليربوعي يقول :

سمعت مالكا يقول : سمعت نافعا يقول :

عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

لعمر وعلي رضي الله عنهما ، إذا أتاكما الله بهدية بلا مسألة ولا استشراف نفس ،

فاقبلاها ولا ترداها ، فترداها على الله عز وجل ، وهذه هدية من الله والهدية لمن حضر .






ثم قال : يا لبابة ، يا فلانة ، يا فلانة ، وصاح ببناته والأختين وزوجته وأمها ،

وقعد وأقعدني ، فصرنا عشرة ، فحل الكيس وقال : أبسطوا حجوركم فبسطت حجري ،

وما كان لهن قميص له حجر يبسطونه ، فمدوا أيديهم ، وأقبل يعد دينارا دينارا ،

حتى إذا بلغ العاشر إلي ، قال : ولك دينار ، حتى فرغ من الكيس ،

وكان فيه ألف دينار ، فأعطانى مائة دينار .


يقول ابن جرير الطبرى : فدخل قلبي من سرور غناهم أشد من فرحى بالمائة دينار ،

فلما أردت الخروج قال لي : يا فتى إنك لمبارك ، وما رأيت هذا المال قط ولا أملته ،

وإني لأنصحك أنه حلال فاحتفظ به ،

واعلم أني كنت أقوم فأصلي الفجر في هذا القميص البالى ،

ثم أخلعه حتى تصلى بناتي واحدة واحدة ، ثم أخرج للعمل إلى ما بين الظهر والعصر ،

ثم أعود في آخر النهار بما فتح الله عز وجل على من تمر وكسيرات خبز ،

ثم أخلع ثيابى لبناتى فيصلين فيه الظهر والعصر ، وهكذا فى المغرب والعشاء الآخرة ،

وما كنا نتصور أن نرى هذه الدنانير ، فنفعهن الله بما أخذن ، ونفعني وإياك بما أخذنا ،

ورحم صاحب المال في قبره ، وأضعف الثواب لولد ، وشكر الله له .








قال ابن جرير : فودعته ، وأخذت مائة دينار ، كتبت العلم بها سنتين ،

أتقوت بها وأشتري منها الورق وأسافر وأعطي الأجرة ،

وبعد ستة عشر عاما ذهبت إلى مكة ، وسألت عن الشيخ ، فقيل إنه مات بعد ذلك بشهور ،

وماتت زوجته وأمها والأختان ، ولم يبق إلا البنات ،

فسألت عنهن فوجدتهن قد تزوجن بملوك وأمراء ،

وذلك لما انتشر خبر صلاح والدهن فى الآفاق ، فكنت أنزل على أزواجهن ،

فيأنسون بي ويكرموني حتى توفاهن الله ، فبارك الله لهم فيما صاروا إليه .


يقول تعالى :

{ ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر

ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب

ومن يتوكل على الله فهو حسبه }

[الطلاق: 2/3] .









All times are GMT +3. The time now is 08:59 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.